النشامى

مهمة عمل، سافرت بي إلى الأردن، إلى بلاد (النشامى). ولا أكتمكم أن ذاكرتي عادت بي إلى فترة الطفولة في الثمانينات، عنما كان التلفزيون الليبي، يعرض ما تنتجه أستوديوهات عمان من مسلسلات مدينية وبدوية، حتى تشرب الليبيون اللهجة الأردنية وتعرفوا إلى المجتمع الأردني بشكل كبير، ولا زلت أذكر أحد البرامج الرمضانية يظهر فيها الفنان “خالد كافو” في بداياته واقعاً تحت تأثير أحد شخصيات المسلسلات البدوية الأردنية.

الدراما الأردنية

الدراما الأردنية

حاولت أن أسترجع أسماء الممثلين، فوجدتني أحفظ الكثير منهم، خاصة من تميز بتقديم شخصيات كان لها كبير الأثر في المجتمع الأردني، كشخصيات: أبو عواد “نبيل المشيني“، ومروزق “حسن إبراهيم” رحمه الله، وسمعة “موسى حجازين“، وعزوز وعليوة “ربيع شهاب“. أما ممثلات الأردن، فثمة ثلاث ممثلات لهن عندي منزلة خاصة، وهن: قمر الصفدي، شفيقة الطل، وعبير عيسى.

حاولت أيضاً أن أتذكر أسماء المسلسلات، فما نجحت كنجاحي مع الممثلين، لكني تذكرت مسلسلين بكامل شخوصهما، لسبب لا أعرف، حتى كأني أرى مشاهدهما أمامي، وهما: الملح الأسود، وجبل الصوان.

كما إن الأردن قدمت أول برنامج مسابقات، وجد صداً طيباً عند عموم متابعي التلفزيون العرب، وهو برنامج (بنك المعلومات)، الذي يعد له ويقدمه “د.عمر الخطيب“.

ولا أنسى هنا برنامج (المناهل) التعليمي، الذي تميز بأسلوبه المبتكر والجديد في تقديم اللغة العربية للأطفال.  وهو حتى وإن كان نسخة عربية لبرنامج أمريكي، إلا أن صبغته العربية جعلته المميز.

***

بعد هذا المدخل، الذي لو تركت نفسي لما توقفت أبداً، للذة التي أجدها في كل لحظة استذكار، أذهب إلى مقصدي.

قلت إن مهمة عمل، هي ما سافرت بي إلى الأردن، وبطبيعة المهمة كان لابد من الذهاب يومياً من محل إقامتي إلى مكان العمل بمطار الأردن (مطار الملكة علياء). هذه المسافة حوالي 35 متراً وتزيد، وبسبب الزحام وقيود السرعة تستغرق حوالي الـ45 دقيقة. واعتاد السائق “أحمد الطراونة – أبو النور”، واسمحوا لي أن أحييه هنا لنشامته وطيب أخلاقه وأصالة معدنه، أن يستمع لقناة على تردد 88.7 إف.أم.

التفت إلي وهو يزيد من مستوى الصوت قليلاً:

– هاد يا “أبو يحيى” برامج كل الأردنيين بيسمعوه.

رددت مستفهماً:

– أكيد برنامج صباحي منوع.

رد:

– لا والله، هاد برنامج اسمو (صوت المواطن) بيناقش هموم الناس وبيحللهم مشاكلهم، وترى مش كلام عن حق، يعني مقدم البرنامج “محمود الحويان” بيتصل بالمسؤولين وبيضلوا ورا الموضوع.

 صوت المواطن

وهكذا بدأت بالاستماع لهذا البرنامج. اسمه (صوت المواطن)، يبث عبر أثير إذاعة (Radio jbc)، على موجة 88.7 FM، معد ومقدم البرنامج “محمود الحويان”.

قد يقول البعض هناك أكثر من برنامج يقوم بذات الدور، سواء في الأردن، أم في بقية الإذاعات العربية، وأيضاً الليبية، فما المميز الذي وجدته؟ والذي لا يجعله أكثر من محاولة لامتصاص غضب المواطن، وفش خلقه؟.

أول ما شدني إلى البرنامج الصوت الرخيم الذي يتمتع به مقدمه، وهدوؤه، وأدائه الصوتي الذي يرتفع وينخفض بما يتماشى مع الموضوع، فلا انفعال مبالغ فيه، ولا أداء مفتعل.

أكثر من فقرة لهذا البرنامج، وأكثر ما شدني فقرة التعليق على أخبار الصحافة، واستقبال اتصالات الناس.

في فقرة التعليق على عناوين الصحف، ينصب الاهتمام الأكبر على عناوين الصحف وليس الصحف في ذاتها، فيبدا بقراءة العنوان، ومن ثم التعليق عليه. والتعليق هنا من باب النقد البناء، والذي يصب في المصلحة العامة، سواء كان الأمر محلياً، أو إقليمياً، أو عالمياً.

فبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، عرض “الحويان” لخبر عن ضعف مساهمة المرأة في المجتمع، وكان التعليق بالاستغراب، واصفاً الخبر بغير العلمي كونه يفتقر لأي دلائل أو بيانات تدعمه، إذ وكما يقول، المرأة الآن موجودة في كل موقع ومجال، باستثناء إمامة المصلين!!!

كما علق قبل يومين على خبر يخص الصناعة والمستقبل الغاض الذي ينتظرها، فكان أن طلب بضرورة العمل والاجتماع لمناقشة هذا الأمر، أو إن ثمة ما يراد من وراء هذا الخبر.

وهكذا ينتقل من خبرٍ إلى آخر، ضارباً في عمق الموضوع، يشرحه ويعرضه بطريقة سهلة وبسيطة، بالفصحى تارة وبالعامية الأردنية أخرى، يدعم تعليقه بالأمثلة، والحقائق، بلغة واضحة ونبرات قوية، وبدون غمز أو لمز.

في فقرة استقبال الاتصالات، يتعامل “الحويان” مع المتصل بطريقة مسؤولة، فهو يأخذ الاتصال، يفهم المسألة يناقش المتصل، يعرض للطرق والإجراءات، ما اسم الجهة، ما هو القسم، من هو الشخص، ثم يقوم هو من خلال مجموعة العمل بالاتصال لتتبع هذا المشكلة.

في اتصال جاء من ستيني متقاعد بخصوص جمعية سكنية، ظل “الحويان” معه إجراء بإجراء، من الجهة ومن هو المسؤول، ومكان والتبعية الإدارية، حتى من بعد اتصل به ليخبره بحل المشكلة.

وكم أشعر بالأسف عند اضطراري إلى النزول حال وصولنا لمقر العمل، لأني سأنقطع عن البرنامج.

الجميل هو الحوار المرافق الذي يكون بيني والسائق “أبو النور”، والذي يشرح لي فيه الكثير مما لا أستوعبه، ويحدثني عن الكثير من المشاكل التي استطاع السيد “محمود الحويان” حلها، مهما كانت صعبة.

***

هذا البرنامج يستحق المتابعة، لما فيه من صدقٍ وشفافية في الطرح، فهو لا يجامل المتصل لو أخطأ، ولا يستغله للوصول إلى مآرب أو غايات. إنما وكما أشرت القصد، المصلحة العامة.

وأختم بقول “أبو النور”: الله يديم الأمن والأمان ع كل بلاد العرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.