فرسان التحدي

(1)

ارتبطت مشاركات منتخبنا الوطني لكرة القدم –والأمر ينطبق على بقية الألعاب-، بالصعاب التي يعمل بها، والظروف التي عليه تحملها من أجل تقديم مشاركة مشرفة، تليق بتاريخ كرة القدم الليبية.

وخلال الأربعين السنة الماضية، كانت كرة القدم أحد التحديات التي رأى فيها “القذافي” مزاحماً له، فالشعب الليبي متعلق بها، وبدورياتها المحلية والإقليمية والدولية والعالمية، فحاول أن يتسرب من خلالها للشعب، فطرح فكرة (الرياضة للجميع)، وأنها ليست حكراً على فريق أو محدودة في ملعب، وخوفاً من نجومية اللاعبين، كانت مباريات كرة القدم يُعلّق عليها بأرقام اللاعبين.

وبالرغم من إمكانيات ليبيا الاقتصادية، لم يبنى فيها ملعباً رياضياً مجهزاً بطريقة جيدة، أو مركباً رياضياً للألعاب الأولمبية وغيرها من الرياضات.

وحتى عندما دخل أبناء “القذافي” مجال الرياضة، شوهوه بتدخلاتهم، وحساباتهم التي لا تخدم إلا مصالحهم.

(2)

ولفهم هذه المعاناة، والوقوف على الصعاب، كان أن قدر لي مرافقة المنتخب في رحلته صوب مدينة (كيجالي) عاصمة (روندا)، مرافقة اقتضتها طبيعة عملي كمهندس طيران.

الرحلة بدأت من (مطار المنستير) بـ(تونس) صوب (كيجالي)، وضمت بعثة الفريق مجموعة اللاعبين والجهاز الفني، والإداري، والجهاز الطبي. واستغرت حوالي السبع ساعات.

متابعة القراءة

طرابلس يا جنة

#أنا_أدون

هارباً من البرد (السفنقري)، ولجت ممنياً نفسي ببعض الدفء، والراحة ليقني أن عدد الأجساد المتراصة سيكون كبيراً –كالعادة-.

استلمت دوري في الطابور الطويل، خاصة وأني انتهيت اليوم من عملي مبكراً، اجتماع بدأ عند الثامنة صباحاً، وانتهى عند العاشرة، عرجت على بيت الوالد لقربه من مقر الشركة الرئيسي، استأنست بفنجان قهوة صحبة الوالدة، ثم غادرت قاصداً المصرف.

لحظات، ووقف خلفي رجلٌ في العقد السادس من العمر على أقل تقدير، خط الزمان خطوطه بشكل واضح على جبينة ووجنتيه، ثم لحقه آخر في ذات العمر، أسمر البشرة، بابتسامة بيضاء مميزة. وحال انتهائي من رد التحية، عاجلني الأول:

  • قنينة هالشنيطة، الصغيرة.. تعطيهالي؟؟؟.

وبسرعة رد الثاني:

  • وين يا حاج، تي هادي فيها الحيلة والفتيلة!!!

في العادة، عندما لا أكون مداوماً في عملي، ولأني لا أحب حمل الأشياء في جيوبي، باستثناء الأقلام، فإني أضع حقيبة صغيرة، تتوضّع على جانبي لحمل هاتفي، ومذكرة صغيرة وقلم.

هممتُ برفعها عني، لكن العجوز عاجلني:

  • نبصّر يا وليدي، لكن عارف هالشنيطة شن نسموا فيها، قبل؟

يبتسم، العجوز الأسمر، وأنا أعلن عدم معر فتي، فيجيب الأول:

  • نقولولها (الجبيرة)، وكانت من القماش.

يضيف الآخر:

  • لكن الأوربيين خدوها وفتلكوها، زي هلبه حاجات.

وبدأ حديث عن اللباس القديم:

  • زمان،….، كانت (المحرمَة)، وكانت معقودة مع (التكامية)، وديما مدسوسة لداخل. كان الواحد يجبدها، يستعملها ويردها، ماتطلعش لبره.
  • توه خلاص كلها معاش تلبس العربي إللا في الجّمُع والمناسبات.
  • توه كلها تلبس في الجلابية الخليجية، واللبس الخليجي، وكأن ماعندناش لبس محترم!!!؟؟؟

متابعة القراءة

دوائر.. مربعات.. ساحات

#أنا_أدون

في مطلع شبابي، وحتى خلال دراستي بالجامعة، لم تكن السياسة ضمن دائرة اهتماماتي، التي تخصصت في الأدب والإبداع الفني، وبشكل خاص بالشِّعر؛ الذي كنتُ أكتبه بشكل دائم؛ في كل الأوقات، وفي أي مكان، وعلى أي شيء.

لكني وجدت الشعر يوجه بوصلتي نحو مواطن وقضايا إنسانية، تتماس مباشرة والسياسة، وكانت جلساتنا بمقهى (فندق الصفوة) بمنطقة (الضهرة) بمدينة طرابلس، تجمعنا شبابًا محبًّا للشعر، والأدب، صحبة أدباء وكتاب؛ ليبيين وعرب، في عملية تبادل معرفي مميزة بحق، وكان نجم هذه اللقاءات الشاعر “لطفي عبداللطيف” -رحمه الله، والشاعر العراقي “مفيد البلداوي” قبل هجرته.

في أحد هذه اللقاءات كان الحديث عن مصطلح (المربع الأمني) الذي طفا على السطح بقوة، خاصة وإن موقع المقهى، على مقربة من المربع الأمني طرابلس، والذي كان اتخذ من مقر (البرلمان الليبي) في عهد المملكة، القريب من ميدان الغزالة، مقرًّا له.

متابعة القراءة

الحاكم – الشعب

#أنا_أدون

في مسرحية (ناطورة المفاتيح)، يقرر الشعب الخروج من المملكة والرحيل في الوديان والغابات بحثاً عن الحرية، هرباً من جبروت الملك “غيبون”، تاركين ورائهم “زاد الخير” حارسة لدُورهم، على أمل العودة. وهكذا تفرغ المملكة إلا من “الملك غيبون” و”زاد الخير”.

*

الملك غيبون: الملك ما بينزل.

زاد الخير: والشعب مش رح يطلع.

الملك غيبون: الهيئة مش راح نتلاقا.

زاد الخير: الشغلة بإيديك يا مولانا.

الملك الظالم يطغى، والشعب المسكين لا يجد حلاً إلا الخروج هرباً، بحثاً عن الحرية في الوديان والسهول، وتحت ظل الأشجار. فالمقاومة ليست بالحل الناجح في كل مرة، والشعب بإرادته يمكنه أن يبدأ التغيير من ذاته، من داخله، وبالتالي يمكنه فرض نمطه على هيئة الحكم، والتي ستجد نفسها مجبرة، فما الحاكم بدون شعب.

*

زاد الخير: ممكن واحد منا صار لازم يروح.. يا أنا، يا إنت.

الملك غيبون: ما بيصير مملكة بلا ملك.

زاد الخير: وما بيصير ملك بلا شعب.

ما الشعب بدون حكومة، إلا مجموعات تحاول السيطرة والاستئثار بكل شيء. المسألة مبنية على التوازن من مبدأ الحقوق والواجبات، فالملك في خدمة الشعب، والشعب في خدمة الملك، هذا هو التوازن الحقيقي، والوصفة المثالية التي من الصعب الوصول إليها، ولكن ليس من الصعب الوصل لنسبة مرضية منها. وإن كان الرضا مسالة نسبية، تتحكم بها رغبات النفس البشرية، إلا أن تواطؤ الطرفين، والاتفاق على آلية تسيير نافعة، يحقق هذا الرضا.

متابعة القراءة

لعله خير

#أنا_أدون

تزاحمك صور المهاجرين، جثثاً يقذفها البحر، منتفخة، مكفيّةً. تلعنُ تجار البشر، ومن وراءهم، وتتعجب؛ كيف يلقي هؤلاء البائسون بأنفسهم وأولادهم في البحر؟، زرقة من فوق، زرقة من تحت.

يقول: إيش اللي جبرك على المر، غير الأمر منه.

ورغم بشاعة المشهد، ودونية من يقوم على هذه التجارة، أقول: لعله خير.

***

البلاد على كف عفريت، في أي لحظة تتقل.

تعرف إن برميل البارود، البارد، قد يتفجر في أي لحظة، ولأي سبب، وبأي حجة. فالجسد الذي كان واحداً، تتداعى أجزاؤه تنافراً، ومحاولة للاجتزاء، يقول:

– تخيل القلب بروحه، و اليد بروحها، هه.. شن تقدر ادير.

ورغم، قسوة الواقع الذي نعيش، أقول: لعله خير.

متابعة القراءة