أصوات في ذاكرة مازالت تطربني!!!
سلسلة من التدوينات أتناول جزء من ذاكرتي الغنائية من خلال أصوات وأغنيات مازال تسكن الذاكرة، وتطربني!!
في هذه التدوينة الاستفتاحية، سأتوقف مع صوت مميز بأغنياته وأدائه، قبل اسام اقترحه على اليوتيوب في أحد أغنياته، والتي يظهر فيها (بالأبيض والأسود) مغلول اليدين. الأغنية التي اقترحها علي اليوتيوب هي (يابو ردين.. يا ردانه) والتي حفظناها صغاراً من خلال السهرة التلفزيونية (ملح وسكر)1، التي شارك فيها مجموعة كبيرة من نجوم التلفزيون السوري.
المطرب الفُراتي
الصوت الذي نتحدث عنه اليوم هو الفنان السوري “ذياب مشهور”، أو “ذياب مشهور البوخابور” ولد في بلدة (موحسن) بمحافظة (دير الزور) في 15 فبراير عام 1946م.
تميز بالغناء الفراتي2 الأصيل، وقدم الكثير من الأغانٍ واشتهر على مستوى الوطن العربي بأغانيه الشعبية، كما اشترك في عدد من الأعمال التلفزيونية السورية، منها مع دريد لحام (غوار) وناجي جبر (أبو عنتر) في أعمال فلكلورية سورية قديمة.
عرف بلقب (المطرب الفراتي)، وقد اعتزل الغناء في العام 2004م، وتم تكريمه مؤخراً في حفل في دمشق في 2018م.
مسيرة فنية حافلة
بدأ الفنان “ذياب مشهور” مسيرته الفينة في العام 1958م، في شرق سوريا وتحديدًا في موحسن بمحافظة دير الزور، على ضفاف نهر الفرات، واعتمد على قدرته السمعية وتعلم على يد الموسيقي الكفيف “يوسف جاسم”، الذي عثر عليه في منطقته وعلّمه المقامات الشرقية وفنون الأداء؛ استطاع أن يؤلف كلمات أغنياته ويضع ألحانها بنفسه، وكان مشروعه هو في نشر الأغنية الفراتية السورية، الذي عمل عليه منذ سبعينيات القرن الماضي، حتى تاريخ اعتزاله الغناء في تسعينيات ذات القرن. تم تصنيفه كمطرب في إذاعة دمشق وذلك بموجب قرار لجنة مكونة من مجموعة من الفنانين الكبار.
خلال مسيرته الفنية، التقى مع الفنان “دريد لحام” في العام 1972م، عندما اشترك معه في مسلسل (صح النوم)، حيث قدم بعض الأغاني مثل: (طولي يا ليلة) و(ميلي على ميلي). كما شاركه أيضًا بمسلسل (ملح وسكر)، والذي غنى فيه (يابو ردين) من ألحان عبد الفتاح سكر و(عالمايا).
أغنية يا بوردين
تعتبر أغنية (يابو ردين يابو ردانة) من أشهر أغنيات الفنان “ذياب مشهور” والتي غناها سبعينيات القرن الماضي ومازالت مستمرة حتى الآن، وهو ما أهلها لتكون ضمن السهرة التلفزيونية (ملح وسكر).
وعن قصة هذه الغنية يقول الباحث في التراث “غسان الشيخ الخفاجي”3؛ إن كلمات هذه الأغنية قديمة جداً، وهي من تراث (دير الزور)، ويضيف: قيل (بربانة) زوجة احد الرجال المعروفين في دير الزور، وهي ليست عربية الـاصل، عرفت بجمالها، وكان لباسها يختلف بعض الشيء عن اللباس المعهود لنساء المنطقة، وفي مرة كانت تقدم القهوة لاحد الضيف، وعندما مدت يدها انكشف شيء من صدرها بسبب ثوبها (ردان) الواسع، فانتبهت “بربانة” ولاحظت ذلك، فأخذت الفنجان من الضيف وعلامات الغضب على وجهها، وامتنعت عن تقديم القهوة، وكون الضيف يقول الشعر، فقال بصوت خافت:
يا بو ردين يا بربانه
اشكلنالج ياحليوه ازعلانه
وحول الكلمات التي عرفنا بها الأغنية يقول “الخفاجي”؛ ثم بدأت الإضافات إلى أن تحولت كلمات الأغنية إلى الشكل الذي وصلنا. وكانت هذه الأغنية تغنى على الربابة والمزمار، ويعود سبب شهرتها للفنان “ذياب مشهور”.
يابو ردين يابو ردانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
ضربني بخنجره الشامي بصوابه ايه دقق عظامي
يا ويلي من جرحي والامي طال الليل وعيوني سهرانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
يالشفته بمرابيعه ومحني روس اصابيعه
وحبيبي والله ما ابيعه ولو عطوني كنوزك يا سليمان
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
وش سوينا زعلانة البنية ام خدود مجمرة ووردية
ما لنا غير هواها غية والخوف الخوف تكون حبت سوانا
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
ضربني بخنجره الشامي بصوابه ايه دقق عظامي
يا ويلي من جرحي والامي طال الليل وعيوني سهرانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
يا بو ردين يا بو ردانة وشقلنالك يا دادا زعلانة
1- ملح وسكر: مسلسل كوميدي سوري؛ بطولة: دريد لحام، ونهاد قلعي، وبالاشتراك مع: ياسين بقوش، وناجي جبر، ونجاح حفيظ، وعبد اللطيف فتحي، وصباح الجزائري، وغيرهم. قام بإخراجه “خلدون المالح”. وهو استمرار للجزء الأول من مسلسل (صح النوم)، وجاء في 4 حلقات، تدور أحداثه في سجن حارة (كل مين إيدو أُلو)، ولا تخلو الحلقات من النقد الاجتماعي البنّاء بقالب كوميدي. هذا ويتضمن المسلسل عدداً من الأغنيات الجميلة.
2- الغناء الفراتي؛ هو غناء أهل دير الزور بوادي الفرات، ويغنى بلهجة المنطقة والتي تجمع مفرداتها بين البداوة والريف. وهو يحمل من بيئة النهر والسهل والبادية الكثير ويعبر عن عالم خاص بأهالي المنطقة حيث يصف فرحهم أيام حصاد القمح وحزنهم أيام فيضان نهر الفرات ويصور لوعة المحبين وآلام الفراق.
3- غسان الشيخ الخفاجي؛ من مواليد منطقة دير الزور العام 1955م، لديه أكثر من 400 بحث في تراث المنطقة.