ثمة يقين بداخلي يقول: إن الأغنية الليبية كانت ضمن مفردات آلة القذافي الإعلامية والدعائية. بل إنها استغلت كأحد أدوات تثبيت الكثير من أفكاره، وأرخت للكثير من الأحداث والمواقف.
*
عندما قمت بعملية عصف ذهني، وجدت إنه لم تمر مناسبة أو حدث، في ليبيا إلا وتم التأريخ له بأغنية، خاصة الأحداث ذات الصلة بالقذافي. فحتى الأحداث الارتجالية وجدت من يكتب لها الكلمات، ويلحنها، ويغنيها، وربما كانت الأغنية نظام 3 في 1.
*
ولأن الأغنيات الوطنية، والمناسباتية، وذات الطابع الإيديولوجي كانت تلاقي التقدير والمادي الذي يريده الفنان؛ شاعر، ملحن، مغني، كان الإقبال عليها كبيراً، وثمة من تخصص في هذا الجانب، وأبدع فيه، ولا يستطيع أياً منا أن ينكر جمال ورعة بعض الأغنيات الوطنية، أو أغنيات المناسبات، أو حتى الأغنيات التي قيلت في شخص القذافي، أو تلك الأغنيات ذات الطابع التراثي، والتي كانت تقع في هواه.
*
أما لماذا كانت الأغنية، ولم يكن المسلسل أو المسرح، فذلك في رأيي يرجع لمجموعة من الأسباب، أختصرها:
أولها، إن الأغنية أسهل كعمل فني، من ناحية التنفيذ، والإعداد.
ثانيها، وهو أمر له علاقة بالنقطة الأولى، سرع تنفيذها. وهو أمر مهم خاصة في المناسبات. فالقاعدة السائدة؛ من سبق غز النبق.
ثالث هذه الأسباب، سهولة انتشارها، وحفظها.
وبالتالي؛ رابعاً، تأثيرها في المستمع، والذي هو المواطن، خاصة عندما كان فضاء البث مقتصراً على التلفزيون والإذاعة الليبية.
*
كان التركيز على كلمات الأغنية مهماً جداً، لأنها تحمل رسائل يراد توصيلها للمواطنين، بالتالي فإن أي أغنية يمكن تأويلها بطريقة ما، وإسقاطها على النظام كان يتم منعها، وثم الكثير من الأمثلة.
*
كانت الأغنيات التي تحمل مضامين فكر القذافي، تقدم لمطربين عرب، وحتى أجانب في تجربة بث القناة الثانية الليبية، كنوع من الدعاية، بالاعتماد على شهرة وقاعدة الفنان الجماهيرية.
*
بالمناسبة ليبيا ليست استثناء، إنما هي مثال للأنظمة التي حاولت بكل الوسائل لحشد التأييد، ودعم مشاريعها والترويج لأفكارها.
*
وتظل الأغنية الليبية أغنية مميزة.
نعم
وتظل الأغنية الليبية مميزة
خاصة بكلماتها ولحنها الأصيل