تعاني الإدارة الليبية، من الكثير من المشاكل، ولنقل الأمراض، التي نتجت عن مجموعة من الإجراءات، أقل ما يقال عنها؛ إنها ممنهجة، مما ترتب عنه ضرب الكثير من المبادئ، والتقاليد الإدارية التي يمكنها من الحفاظ على أي مؤسسة، وبالتالي الرقي بها، والدفع بها وتطويرها.
والملاحظ، إن هذه الإجراءات، التي تمت بداية من منتصف سبعينيات القرن المنصرم، حتى اليوم، هي إجراءات مقصودة لضرب عقيدة الإدارة الليبية، من خلال مجموعة من التوجيهات؛ كـ:
– شركاء لا أجراء.
– السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب.
– المدرسة يخدمها طلابها.
– جمهرة المواقع.
– اللجان والمؤتمرات الشعبية في المؤسسات، العامة ومؤسسات الدولة.
وكنتاج طبيعي لهذه التوجيهات وغيرها، والتي وافقت هوى النفس البشرية، فسقطت طيعة، كان أن تفشت الوساطة والمحسوبية، وعرفت مصطلحات كـ(الكولسة)، و(الدحنيس)، طريقها للإدارة الليبية، بالرغم من محاولات إعادة ترتيب هذا الإدارة، إلا أن الحرس القديم وقف بشدة ضد أي محاولة، تسلبهم قوتهم، وتحد من سلطتهم، وتقيد نفوذهم.
هنا سأتوقف عند أحد مخرجات الإدارة الليبية، وهي (القرارات الارتجالية). والقرار الارتجالي؛ هو قرار يتم اتخاذه من قبل الشخص المسؤول، كرد فعلي مباشر، للحالة دون النظر لطبيعة الحالة أو تبعات ما بعد اتخاذ القرار.
القرار الارتجالي، في العادة:
قرار انفعالي.
يعتمد على الظرف الذي يفرضه.
كما يعتمد على ما يصل من معلومات، وفي العادة هي معلومات منقولة، أو غير مثبتة.
لا يعتد بأي إجراءات سابقة، أو ما سيترتب نتيجة اتخاذ هذا القرار.
هذا النوع من القرار قد يخدم حالة، وقد يلتف عليها، أو يحاول التكيف معها، لكنه لا يمكن أن يكون حلاً في ذاته.
وهو يصدر عن شخص مسؤول، غير مؤهل لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقة.
وفي العادة، شخص مستأثر بالإدارة، بمعنى شخص سلطوي، متفرد باتخاذ القرار.
هذا النوع من القرارات، متفشي بشكل كبير، في معظم، إن لم نقل كل الإدارات الليبية، وهو السبب الرئيسي في انتكاس وانكسار الكثير من المؤسسات الليبية، وتغيير الكثير من الهيئات، ودمجها، وتفتيتها، وهو يسبب الكثير من الربكات؛ فهو قد أو يضطر الإدارة إلى التكيف مع هذا القرار على حساب مصالح العاملين في الإدارة أو المؤسسة، أو قد يضطر إلى توسيع نطاق المسؤوليات، أو تشتيت جهود إدارة بعينها.
القرار الارتجالي، قرار يضمن الخروج من أزمة في بعض الأحيان، ويضمن استمرار المؤسسة لخطوة أو خطوتين، لكنه لا يضمن لها المضي قدماً إلى الأمام.
وأين هي الإدارة الليبية؟
موجودة.. وتحتاج الدعم!!!