عزلة، كلاكيت أول مرة…
في العام 2011م، وبداية من الأسبوع الأخير من مارس، بعد أن توقف الطيران، ومع انقطاع الإنترنت في ليبيا بداية من 28 فبراير، بدأت عزلتي؛ التي خططت لها بعد أن أدركت أن الأزمة ستطول، وسيكون هناك الكثير من الوقت الذي سنكون فيه كمجتمع معزول عن التواصل مع الآخر. وحتى لا يمر الوقت دون الاستفادة منه، لإيماني أن الوقت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تعويضه في حال ضياعه، بدأت بجولة في مكتبات طرابلس انتقيت منها مجموعة من الكتب، تنوعت بين الأدبية والتقنية في علوم الحاسوب، هذا إضافة إلى مجموعة من الأقراص المضغوطة والتي تحتوي على مجموعة من البرامج والدورات التمارين، وهكذا وضعت برنامجي.
توزع برنامجي اليومي بين القراءة، سواء الكتب الورقية، أو الكتب الإلكترونية في صيغة البي دي إف -والتي أملك منها الكثير-، أو ما احتوته بعض الأقراص المدمجة من كتب ومجلدات ومراجع في الأدب والتراث العربي في شكل موسوعات أو مكتبات. إضافة إلى تخصيص جزء من القراءة في مجال تخصصي المهني.
كنت أقسم الوقت بين القراءة، والكتابة، والتدريب. فكانت ساعات الصباح مقسومة بين القراءة والكتابة. أما فترة الظهيرة والعصر، فكانت للتدريب، أما المساء فكان في أغلبه مخصصا للقراءة، وبالرغم من الأحداث التي مرت بها طرابلس، وتنقلاتنا إلا أنني استطعت خلال هذه الأشهر الستة، أن أنتهي من قراءة الكثير من الكتب، من أهمها؛ مؤلفات الجابري ومالك بن نبي -ككتب إلكترونية-.
أما في مجال التدريب والتعليم -الذاتي-، تمكنت من احتراف، نعم احتراف، مجموعة برامج الأوفيس، وتعلم بعض لغات البرمجة؛ كالفيجوال بيسك، والجافا، إضافة إلى أكواد CSS، والوصول إلى مستوى متقدم في الأكسس.
كما كنت أقوم عندما أشعر ببعض الملل، بتحويل بعض الدوائر والمخططات الخاصة بأنظمة الطائرات إلى مخططات متحركة Animation، عن طريق برنامج فلاش.
كما قمت خلال هذه الفترة أيضا بترتيب صندوق عدة، لاستخدامه في أعمال الصيانة المنزلية، فكنت أقوم بزيارة محلات المعدات واختيار الجيد منها، فتكون عندي صندوق عدة يلبي احتياجاتي وما أقوم به من أعمال.
طالع أيضا:
التعلم أون لاين في زمن الكورورنا
في مديح العزلة!!!
عزلة، كلاكيت ثاني مرة…
بسبب جائحة فيروس الكورونا (كوفيد 19)، فرضت الإجراءات الوقاية للحد من انتشار الفيروس، ضرورة البقاء في البيوت، وبالتالي التوقف عن الذهاب للعمل، كما حدث في العزلة الأولى. لكن ما يميز هذه العزلة هو وجود قناة حية للتواصل والاتصال، وأقصد الإنترنت.
الإنترنت أعطى هذه العزلة معنى آخر، وربما حولها إلى حالة أشبه بالعزلة الوهمية، فأنت على تواصل مستمر مع الجميع، حتى العمل يمكن إنجاز بعض المهام فيه من خلال الشبكة.
فيما يخص القراءة، شغفي الأبدي، فالشبكة زودتني بالعديد من الكتب والنشرات في مختلف المجالات، كما مكنتني من الحصول على مجموعة مهمة من الكتب الليبية، من خلال حسابات بيع الكتب على الفيسبوك أو سوق ليبيا المفتوح، فتأتى لي جمع مجموعة مهمة من الكتب.
لكن ما مميز هذه العزلة، هو حجم الدورات والمحاضرات التي أتيحت عبر الكثير من المنصات العالمية والعربية، ومن بعض المؤسسات والجهات العالمية، والتي قدم الكثير منها أو أغلبها بشكل مجاني، فعلى سبيل المثال؛ تمكنت من حضور محاضرتين عن الكورونا والطيران من الإيكاو، إضافة إلى محاضرات في الصحافة، والتعليم عن بعد.
أما أهم ما أنجزته في هذه العزلة الثانية، والفضل للإنترنت، كانت مجموعة من الدورات، أهمها؛ دورة في الموارد البشرية والإدارة، دورة متقدمة في برمجة أكواد الأكسل (Advanced Excel VBA)، دورة في الإكسل داش بورد، دورة كاملة في الأوفيس 365، مجموعة برامج وتطبيقات جوجل. دورات في التصميم باستخدام البوربوينت (PowerPoint Slide Design from Beginner to Expert). ولم يقطع هذا الاسترسال إلا حالة الكهرباء التي ساءت بداية من منتصف شهر يونيو.
كنت أجدد باقة الاشتراك بالإنترنت حوالي كل أسبوعين، خاصة إني اعتمدت على النت في تلقي المعلومات والأخبار بشكل كبير جدا، خاصة وأنه شاركني في هذا العمل التعليمي جميع أفراد الأسرة. وكما علقت سابقا في حديث مع أحد الأصدقاء، لقد أفادتني الكورونا كثيرا وبشكل لا يمكن وصفه!!!
كما قمت لمراجعة بعض المواد التدريبية التي أقدمها؛ فتم تحديث مادة دورة الاحتياجات التدريبية، وكذلك تقييم وتقويم الأداء الوظيفي، وكتابة التقارير الإدارية. وانتهيت من تجهيز ورشة عمل موجهة لطلبة الثانوية حول تحديد تخصصات الدراسة الجامعية، وورشة للخريجين الجامعيين والمستقبل المهني.
مع الكورونا وفي وجود الإنترنت، لم تعد العزلة التي نعرف، فإن كانت العزل قد تحقق ماديا، إلا إن التواصل والاتصال عبر الإنترنت، أعطى العزلة بعدا ومفهوما جديدين.
عزلتان تعلمت منهما الكثير، والكثير مازال في الانتظار!!!
طالع أيضا:
حجر وإبداع
الليبيون.. الحجر.. الإنترنت