أنا من الجبل الذي عربة على ترديد هتاف (ريجان يا راعي البقر.. الشعب الليبي كله حر)، وغيره من المترفات التي رسمت في عقولنا كره أميركا كرمز للرأسمالية المستبدة والإمبريالية التي تقهر الشعوب، والداعم الأول والأكبر للصهيونية، وأن الشعب الليبي شعب قوي (نحن شعب صعيب عناده.. مش تونس ولا جرينادا)، ولن تنطلي عليه خدعة الحلم الأمريكي، حيث كان رسوم الفنان الكبير محمد الزواوي، تصور العمل سام كاشفة ألاعيبه وما يقوم به من مخططات تجاه الشعوب العربية. هذا الخطاب وصل أوجه بعد الغارة الأمريكية على كل من طرابلس وبنغازي أبريل العام 1986م.
لماذا أتذكر هذه الحكاية؟
السبب ابني (زكريا)، الذي وجدته غاضبا يقول: أنا منحبش ترامب وان شاء الله يموت!
وفي ذات اليوم، وجدته جالس إلى أخته الصغرى (ماريه)، يشرح لها ما يحدث في أميركا من تمييز عنصري تجاه الأمريكيين من أصول أفريقية (هو يسميهم: أفريقيين)، ويقوم بتمثيل مشهد القبض على المواطن الأمريكي (فـلويد)، وكيف تم خنقه خلال القبض عليه، وكيف كان يستنجد طالبا التنفس. لكنه مات تحت يدي الشرطي الأمريكي.
كنت أراقب المشهد أمامي مندهشا! ومستغربا! وفرحا! من كم المعلومات التي يحكيها (زيكو) عن عنصرية المجتمع الأمريكي (كما نناديه في البيت)، وكيف اجتاحت أمريكا موجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية (كان يلفظها بطريقة مميزة).
الغريب في الأمر، إننا في البيت لا نتابع نشرات الأخبار، والقنوات المتاحة للمشاهدة 80% منها للأطفال. لذا اختليت بـ(زيكو)، وطلبت منه أن يحكي لي حكايته من ترامب، ولماذا يكرهه؟ ولماذا هو غاضب من أمريكا، ويكرهها؟
(زكريا) وصل لهذه المعلومات عن طريق اليوتيوب، من خلال مشاهدة لأحد المقاطعة التي تتحدث عن ترامب، لأحد اليوتيوبرز العرب بطريقة كوميدية، زيبدو أن هذه المقطع أعجبه فأعاده أكثر من مرة، فاقتراح اليوتيوب على (زكريا) مجموعة من المقاطعة ذات العلاقة، فبدأ بمتابعتها، وبدأ عقله بتسجيل ما يشاهده مباشرة، ليخرج من جملة ما شهده بأن:
ترامب رئيس أمريكا يستحق الموت.. وأمريكا عنصرية متحبش الافريقيين.
الخلاصة
يبدوا أنه كتب علينا أن نتوارث عداءنا لأمريكا.
الأطفال، صفحة بيضاء، ثقافتها ما نكتبه عليها.
من المهم جدا مراقبة ما يشاهده الأطفال، وما يصلهم من خلال وسائط المعلوماتية، وما تقترحه الخوارزميات للمشاهدة.