1
في العام الماضي، كتبت منشوراً على حائطي الخاص في الفيسبوك، قلت فيه: إنه لا يمكنني وأنا أرى ابني “يحيى”، يكتب واجباته المدرسية على ضوء مصباح الشحن، أن أحكي له عن معاناتي في الدراسة والصعاب التي كنت أجدها عندما كنت في مثل عمره، كما كان أساتذتنا يحدثوننا.
2
في كل يوم يخرج ابني إلى المدرسة، أدعو الله أن يرجعه سالماً للبيت، فمع الأزمات الكثيرة التي تتعرض لها البلاد، وحالة الانفلات الأمني، تجعل الذهاب للمدرسة والعودة مغامرة.
في العام الماضي، ظللنا نبحث عن سبيل للوصل للمدرسة، وهي بعد ليلة ماطرة تحولت إلى جزيرة، قبل أن تبلغنا الإدارة إنها أوقفت الدراسة لهذا اليوم.
في هذا العام، وقبل شهرين، وفي توقيت خروج التلاميذ من المدرسة، لم نستطع الوصول لباب للشارع المؤدي المدرسة، كان ثمة حشد كبير من أولياء الأمور.
تقدمت وسألت عن سبب هذا الازدحام، وعدم التحرك؟
– قالوا في عركة قدام المدرسة.
ثمة مدرسة عامة، قبالة المدرسة التي يدرس بها ابني، وهذه المدرسة تدرس التلاميذ من الصف الأول وحتى التاسع، وفي ذلك اليوم، تحول خصام بين تلميذين يدرسان بها، في الصف التاسع، إلى عراس مسلح، استخدمت فيه الأسلحة البيضاء، بعد تدخل أخوة طرفي النزاع، وهم من سكان المنطقة، ويا هول المشهد، كان وجه أحدهم مخضب بالدم، والآخر تحول قميصه إلى اللون الأحمر.
كنت عند وصلي الصف الأول، قد شاهدت اللحظات الأخيرة، قبل فض النزاع من قبل سكان المنطقة، وأولياء أمور التلاميذ في حالة ذهول.
وطول طريق العودة كان “يحيى” يكرر على مسامعي:
– شفت الدم يا بابا؟؟؟!!!
3
في بيتنا لا نتابع الأخبار، والتلفزيون الوحيد مخصص لقنوات الرسوم المتحركة، وقناة ناشيونال جيوجرفيك، وكويست العربية، وبعض قنوات الطبخ والأفلام.
كما نحاول في البيت ألا نناقش الأمور المتعلقة بالسياسة، وخاصة السياسة الليبية، بحيث تكون نقاشاتنا معرفية، ومحملة بالكثير من الرسائل الإيجابية.
في العام الماضي، بعد عودة “يحيى” من المدرسة، وجدته يقول:
– البلاد خشت بعضها.
الأمر الذي أغضبني، وجعلني أتجه مباشرة للمدرسة، معاتباً الإدارة على مثل هذا التصرف من أحد المدرسات، لتتحدث بمثل هذه الأمور أمام تلاميذ صغار، ناقلة إليهم خوفها من الأحداث الأخيرة، التي عاشتها طرابلس في ذلك الوقت.
قبل أسبوع، يعود ابني بمعلومة جديد:
– بابا.. من هما داعش؟!!!؟
صعقت من سؤاله، وهو يتبع ما حكاه له أحد زملاؤه في المدرسة، فساعدوني:
– ماذا أقول لابني؟