الشّاب العميق
في العام 2012 وخلال مؤتمر حول السوشيال ميديا بمدينة مونبيلييه بفرنسا؛ التقيت بشاب ليبي هادئ ومنذ اليوم الأول عرفته بين وبين نفسي بـ(العميق)، قبل أن أتعرف إليه ونتعارف باسمينا، أنا “رامز” وهو “طارق الميري”، ومع جلسات اليوم الأول ومن خلال تعليقات وتعقيبات “الميري” ومداخلاته تأكد لدي أنه (عميق).
و(العميق) بالنسبة لي هو ذللك الشخص الدائم التفكير أو الشخص الذي لديه عمق معرفي كبير، وكيف حكمت عليه لن مداخلاته وتعليقاته كانت تعكس معرفته واطلاعه في الموضوع الذي يتحدث فيه، خاصة وإني عرفت منه خلال اللقاء إنه متهم بالأفلام الوثائقية.
بعد انتهاء المؤتمر، لا أذكر إننا التقينا بشكل شخصي، ولكنني كنت ألتقيه بين الفينه والأخرى عبر السوشيال ميديا، لتكون متابعتي المستمرة له في العام 2019م، وتحديدا الحلقة الخامسة من (دا ميري بودكاست)، والتي كان ضيفها الصديق العزيز “غازي القبلاوي”.
وقبل الانتقال إلى التعريف بموضوع التدوينة، أحب أن أقدم لكم “طارق الميري”، الذي يعرف نفسه: “صانع محتوى” و مخرج أفلام، عندي قناة على اليوتيوب وعندي بودكاست اسمه داميري. نستخدم في اليوتيوب والبودكاست لاستكشاف طرق لجعل حياتي ومرات حياتك أفضل.
و”طارق”؛ ولد في الولايات المتحدة، عاش في المغرب ثم في ليبيا وحالياً في المملكة البريطانية.. في سجله خمسة أفلام وثائقية.
بودكاست دا ميري
علاقتي بالبودكاست مبكرة، وترجع إلى بدايات البودكاست والفضل في ذلك للصديق العزيز “غازي القبلاوي” الذي كان يقدم تدوينات صوتية حول الأدب والثقافة الليبية، ربما منذ العام 2006م. هذا قبل أن أدخل عالم التدوين الصوتي من خلال مدونتي (مالاخير)، التي استمرت لفترة ثم توقفت.
البودكاست أحد صور التدوين، باستخدام الصوت، والتي انتشرت بشكل كبير حال ظهورها. ومازال هذا النوع من التدوين يلاقي الرواج الكبير، وكما هناك صانعوا أفلام يوتيوب كبار، هناك صانعوا بودكاست كبار، لهم ذات التأثير في السوشيال ميديا.
في ليبيا، لم يلاقي البودكاست الرواج المأمول، وبالشكل الكافي، كما هو الحال مع المدونات، التي اشتعلت ثم خمدت سريعاً.
وفي ظني؛ إن تجربة “طارق الميري” في البودكاست تجربة مميزة وإضافة مهم للبودكاست الليبي (لو جاز هذا التخصيص)، خاصة وإنها تعتمد على تقديم تجارب إنسانية يحاول “الميري” من خلالها تحويل هذه التجارب إلى دروس أو نماذج ملهمة؛ يمكن إن تكون بداية الطريق لإنسان آخر.
للأمانة أقول؛ أني استفدت من كل الحلقات التي تم تقديمها من (دا ميري)، وأن الشخصيات التي استضافها خلال مواسم البودكاست -بالمناسبة بعضهم أصدقاء-، قدمت الكثير من الدروس التي يمكن الاستفادة منها، بل إن بعض الحلقات حلت بعض المسائل بالنسبة لي، وقدمت حقائق كنت أجهلها.
لن أتحدث عن مميزات البودكاست بشكل عام، بل سأحاول أن أجيب على سؤال: لماذا أتابع داميري بودكاست؟
قبل كل شيء؛ عادة ما يبدأ “الميري” حلقاته بجملة: (أني متحمس، إنتم واتيين.. ياللا بينا..)، وهي جملة برغم بساطتها، فهي تحمل الكثير من التحفيز، للاستماع لهذا التسجيل، بعد تجربته أكيد. حيث سيتكشف لك معنى تحمس “طارق”، وتحفيزه لنا (انتم واتيين)، ودعوته للدخول إلى عوالم الحلقة (ياللا بينا).
أول النقاط هي (الفكرة)، ففكرة البودكاست قائمة على القصص الإنسانية، التي ينقل من خلالها الضيف تجربته الحياتية والعلمية والعملية، من خلال سرد قصصي يبدأ من نقطة الصفر وصولا إلى الهدف المرتقب بعد 5 سنوات أو 10 سنوات من تاريخ اللقاء. وفي العادة يكون التركيز على التحول الكبير الذي حدث لهذا الضيف، وكيف استفاد مما تراكم لديه من تجارب. ولكم أن تتخيلوا أن حتى الحلقة الـ50 التي بثت قبل يومين، عرضت؛ 50 شخصية = 50 قصة = 50 تجربة = 50 فائدة = مئات الأفكار الجديدة، وهذا يعكس مدى انتقائية “طارق الميري” لضيوفه.
ثانياً؛ قدرة “طارق” على التركيز على محطات اللقاء، فهو يعد لكل حلقة بشكل جيد، وهذا واضح من عدد 10 حلقات للموسم الواحد، بمعنى أن التجهيز والبحث والدراسة تأخد وقتاً لكل موسم، وبالتالي الحلقات.
هذه المحطات تبدأ من اختياره الضيف، الذي يمتلك قصة، أو لنقل تجربة، يمكن أن يتشاركها مع الآخرين. ثم ترك الضيف يتحدث بحرية ضمن الخطة الموضوعة للحلقة أو الفكرة العامة لها. ومن بعد التوقف عند المحطات المهمة في قصة الضيف، والذهاب أكثر فيها، بما يخدم هدف البودكاست في أن يكون ملهما.
ثالث هذه النقاط؛ فهم “طارق” للمجتمع الذي يستقبل هذا البودكاست، لذا في العادة هو ينبه في بداية الحلقة، من ناحية اللغة؛ عربية أن إنجليزية، وإلى ما قد تحتويه الحلقة من مفردات، ومصطلحات، وأفكار، قد لا تتناسب مع توجهات وثقافة بعض المتابعين.
النقطة الرابعة؛ هي المتابعة الدقيقة لـ”طارق” للمجريات الحوار، فلا يدع فكرة غائمة ما تمر دون أن يستمطرها، فيتوقف عندها، مستوضحا ومستفهماً.
ثم ماذا بعد؟
منذ فترة طويلة، تحديداً منذ تعرفي إلى (دا ميري) فكرت بالكتابة حولها، لكني منعت نفسي من ذلك، كوني اتخذت من فترة طويلة قرارا داخليا، بعدم التسرع في الكتابة، حتى تهدأ في داخلي فورة الحماس، فيذهب الزبد، وأحظى بما بقي، وبقدر ما ظل عالقاً يكون التأثير!
وخلال متابعتي للبودكاست، فشلت أكثر من مرة في التعليق، حتى إني كنت أرسلت تسجيلا طويلا لخصت فيه بعض الملاحظات حول بعض الحلقات والضيوف، لكن يبدو إني فشلت في إرساله لسبب ما!
لذا عندما استمعت للحلق الـ50 قبل يومين، والتي استضاف فيها “طارق الميري” المناظر والإعلامي “حاتم اللافي”، لسبب ما وجدتي مندفعاً للكتابة، حول هذا الجهد المميز!
ختاماً، أحيي خطوة (دا ميري) الأخيرة، وأقصد (الزبدة) وهي تدوينات تسجيلات صوتية قصيرة، لا تتعدى 15 دقيقة ، وهي جزء مقتطع من حوارات الحلقات، يتم التركيز فيها على نقطة بعينها، يعني (الزبيدة)!!
بالتوفيق لـ”طارق الميري”، و(دا ميري بودكاست)، وأملي أن يكون لنا مجتمع نشط للتدوين الصوتي!!
اكثرر شي استوقفني هيا “حتى تهدأ في داخلي فورة الحماس، فيذهب الزبد، وأحظى بما بقي، وبقدر ما ظل عالقاً يكون التأثير!” كنت محتاجه لل هل جمله لاني في خضام مشاريع وخطوات جديده ،بجد هل جمله حتكون عالقه دائما في دماغي هاذي اسمها الزبده من شي اني نبحث عنه في ميري ،اني متحمسه وننتظر في ماتقدمه بحماااس وافكار جديده بجد بجد هكي عطيتني اداءه نستخدمها للقدام .
أشكر مرورك الكريم سيدتي
أسعدني أن ما كتبت قد أحد تأثيرا إيجابيا لديك
مودتي