1
عمارة تسقط!!!
حدثٌ ممكن أن يكون في أي مكان في العالم، أما في ليبيا فالأمر مختلف. مختلف، لأن ليبيا التي (يأتي منها كل شيء غريب)، لا بد أن يكون الأمر غريباً، إن لم يكف في ذاته، ففي حواشيه وهوامشه وحتى ذوائبه.
2
عمارة تسقط في منطقة (بالخير) بمدينة طرابلس، متسببة في مصرع خمسة أشخاص، حسب ما تناقلته الأخبار. لا وجود لأي دعم أو مساعدة للمنكوبين ومنطقة الجوار. الأمر الذي سبب حالة من الاحتقان بين سكان المنطقة، خوفاً على أنفسهم من مصيرٍ مشابه، وتفريغاً لشحنة غضب مكبوت. ليتحول الأمر إلى هتاف ضد الحكومة، حد غلق شارع (عمر المختار)، وهو أحد الشوارع الرئيسية بوسط مدينة طرابلس.
3
بعيداً عن مسالة مخالفات البناء التي تُرتكب في كل يوم!!!.
ما علاقة الحكومة بالأمر؟ ولماذا يزج بها في مثل هكذا موضوع؟ ولما تحمل مسؤولية وتبعات لا علاقة لها بها؟ إلا من باب المسؤولية الأخلاقية.
هذه العمارة قديمة، وكان من الممكن أن تسقط في أي وقت، يعني كان يمكن أن تسقط قبل هذا التاريخ، أو قبل سنتين في عهد القذافي، أو بعد سنتين في عهد أول رئيس ليبي.
دعونا نوازن بين الاحتمالين؛ لو إن هذه العمارة سقطت في عهد الطاغية، لمر الخبر عادياً ولما ظهر على شاشة الإذاعة المرئية، وإن ظهر فإنه سيكون مادة إعلامية جيدة لمناقشة مخالفات البناء، وتحميل المواطن الليبي مسؤوليته، ولكان مادة صحفية جيدة لمجموعة من الاستطلاعات حول البناء المخالف؟ دون النظر للأسباب، لينسى الأمر في الأسبوع التالي، دون أن أي ردة فعل لا من سكان الحي ولا من الدولة.
أما لو حدث الأمر في عهد أول رئيس ليبي منتخب بصورة شعبية، فسيكون الأمر امتحاناً له، ولإدارته لمرافق الدولة، واختباراً حقيقياً لأجهزتها. مع توقع لردة فعل مشابهة.
4
المنطق يفترض أنه لا علاقة لحكومة “علي زيدان” بسقوط هذه العمارة، إلا ما يتعلق بالمسؤولية الأخلاقية للدولة، وواجبها في مثل هذه الظروف، من توفير سكن بديل وتعويض الأضرار، في حال كان الأمر قانونياً ولا شبهة لمخالفات.
لا يمكن أن نسأل حكومة محاصرة بالكلاشن والأربعطاش ونص، عن سقوط عمارة، هي تركة 42 سنة عاشها المواطن الليبي دون سكن، فلجأ لأسلوبه الخاص لحل هذه المشكلة. كم سنة عاشتها ليبيا بدون لجنة شعبية للإسكان، لا صيانة للمباني القديمة ولا حركة بناء تفرغ الضغط عن المدينة.
لا يمكن أن نسأل حكومة، لم تتمكن من امتلاك أمرها، لتبدأ، لتكون قادرة على تحمل مسؤولية مثل هذه الحوادث.
لا يمكن أن نسأل أجهزة عاجزة عن توفير الحماية لنفسها، لتحمى المواطن الليبي، وتعينه.
لا يمكن أن نسأل أجهزة عاشت 42 سنة دون تطوير، لماذا لم تكن على قدر المسؤولية؟
لكن، يمكننا سؤال واحد!!!. من وراء تعطل كل هذا؟ من منع الحكومة من ممارسة عملها؟ ومن إنشاء جيش، وجهاز أمن قادر على تلبية احتياجات الدولة، وتثبيت الأمن؟ ومن الإسراع بصياغة دستور للبلاد؟ ومن أدخل البلاد في فوضى خسرت فيها الكثير، وجعلتها على حافة تدخل أجنبي وشيك؟ ومن مازال يحمل سلاحة ولا يريد الخضوع للشرعية المنتخبة من قبل الشعب الليبي؟
إن هذا الحدث، يجعلنا أمام حقيقة أنفسنا، في ضرورة الوقوف أمام من يحاول تعطيل البلاد ومؤسساتها من العمل والبناء، والضرب على يده بقوة وردعه.
حفظ الله ليبيا.
_____________________________
الصور من الفيسبوك