ليبيات 18.. يوم اختطاف الرئيس*

يوم طويل كئيب

ككل يوم، أبدأ يومي باكراً أو (قبل الصبح) كما يعلق الأصدقاء، ثمّة طقوس صباحية أعتقد القيام بها وداوت عليها لسنوات، وكجزء من هذا الروتين اليومي، أقول بإدراج دعاء صباحي على حسابيّ في الفيس وتويتر، ثم أقوم لشأني، لكن ذلك اليوم (الخميس 10/10/2013) على غير العادة تصفحت الشبكة من خلال هاتفي لأفاجئ بخبر اختطاف السيد “علي زيدان” رئيس الحكومة الليبية. لحظتها تجمدت في مكاني، ولم أستوعب بشكل واضح الخبر، في صياغته المقتضبة. صعقني الخبر وأنا أراه يظهر على تطبيق جلب الأخبار العاجلة، من خلال وكلات أنباء عالمية يشهد لها بالمصداقية.

السيد علي زيدان

السيد علي زيدان .. رئيس الحكومة الليبية

ارتفع آذان الفجر؛ مما أراحني قليلاً، صليت وأفطرت، ولحظة هممت بالخروج من المنزل توقفت. كانت إشارة استفهام كبيرة ارتسمت عند باب البيت، خاصة وإن نشرة الأخبار الخاصة بأحد قنوات الراديو أوردت، في أولى أخبارها (06:15) خبر اختطاف رئيس الحكومة، وأردفت بناءً على ما أفاد به مراسلها، إن من قام بالاختطاف أو الاعتقال، مجموعة مسلحة تابعة لغرفة عمليات ثوار ليبيا، ولجنة مكافحة الجريمة.

يدي اليمنى على مزلاج الباب، هل أخرج للعمل، أم أبقى؟، خلف الباب شوارع مظلمة، وشعب خطف رئيس حكومته، فهل الأمور على ما يرام؟، أم إن الشارع الليبي مازال نائماً؟. توكلت على الله، وخرجت.

قطعت الطريق من بيتي حتى الطريق حيث يمكنني ركوب سيارة أجرة (خط الهضبة)، مشوشاً، فالسيد “زيدان” خطف من مبيته في فندق (كورونثيا)، حيث من المفترض أن أصل لركوب سيارة أجرة (خط تاجوراء) للوصول لمقر عملي. شوارع طرابلس كعادتها صباحاً هادئة ووادعة، وصلت (شارع الرشيد) وترجلت حتى المحطة، حيث انكشف لي (ميدان بورقيبة) تصطف فيه السيارات بجانب بعضها، منادية في نشاط:

– راس اجدير .. تونس العاصمة.. صفاقس.

– مصراتة .. مصراتة.

– صبراتة .. صبراتة نفر.

– صرمان .. صرمان .. نفرين.

تفاؤلاً، شككت في خبر الاختطاف، وقلت ها هو فدق كورونثيا هادئاً ولا يوجد ما يشي بأي عملٍ عسكري. سألت أحد سائقي (خط تاجوراء):

– الأمور هانيه.

– الحمد لله .. هانيه.

– باهي .. شن دوة خطف “زيدان”.

– والله سمعت دوه زي هادي. هاك تشوف في الوضع .. هادي.

تدخل أحدهم:

– سمعتوا.. زيدان خطفوه.

رد آخر:

– الله أكبر.

ولحظتها، تمنى الرجل لو صمت، فكل من كان واقفاً، أسمعه خطبة طويلة، في كلمات قوية، وحمية تنبي عن غيرة وحب لهذا البلد، حتى لم يعد قادراً على الرد، فاضطر للرحيل –الهرب-. ثم جاء من يؤكد الخبر وأن صوراً لعملية الاعتقال –كما جاء في تعليق الخبر- تبثها قناة (العربية)، فاتجه الغالبية ناحية المقهى حيث التلفزيون.

اكتمل النصاب، وتحركت بنا السيارة، وعند بوابة (مطار معيتيقة) نزلت، وكانت الأجواء اعتيادية، مجموعة من الشباب بملابس نصف عسكرية يقفون عد البوابة يتجهزون للمغادرة (فك النوبة). في المقر كانت الشاشة الموجودة بغرفة المهندسين تعرض آخر المستجدات لحادثة اختطاف/اعتقال رئيس الحكومة الليبية.

كان جو الغرفة حاراً ومشتعلاً، الكل يتحدث، ومن يخرج لمتابعة أحد الطائرات أو ترحيلها يعود مسرعاً لمعرفة آخر المستجدات.

– شن صار يا ولاد؟.

في هذا الجو المشحون كانت التحليلات سيلاً لا يتوقف، الكل له رؤيته الخاصة، والكل له قراءته الخاصة للحدث:

– أنا متأكد عن هذه العملية هي عملية استباقية لحماية “زيدان”.

– هادوا جماعة أبو أنس الليبي.. بينتقموا منه لأنه خلى الأمريكان يخشوا.

– وينك يا …….؟

– هادوا جماعة اللجنة الأمنية .. يبوا فلوسهم.

– انقلاب؟

– من ليبيا يأتي الجديد.

– شنو اختطاف .. هذا زيدان يزوق في روحه .. العملية تمثيلية مالاخير.

– خلوه.. هدا عميل للأمريكان.. وبعدين في مذكرة من النايب العام بتهم بالفساد.

والجميل أن الغالبية اتفق على مبدأ أن لرئيس الحكومة حصانة واحترام لابد من الأخذ بها، وأنه مهما كان ثمة طرق رسمية للتعامل تحفظ كرامته كرئيس حكومة.

الجدل على أشده، والحوارات لا تتوقف، عند حوالي الساعة 12:30 ظهراً بدأت أصوات الرصاص تعلوا في سماء (معيتيقة)، ثم صوت انجار قوي:

– هذا صوت رمانة.

خرجنا جميعاً باتجاه الطريق الداخلي للمطار، حيث كان الازدحام شديداً وسيارات الجهات الأمنية والعسكرية في كل مكان. ومن الزحام خرج أحدهم:

– شن فيه؟

– “زيدان” في الحبس. وبيطلعوه بعد شوية. ردا بالكم الرماية بتبدا بعد شوية.

ولم يحدث شيء. دخلنا الغرفة لنجد على الشاشة خبر إطلاق سراح السيد الرئيس، فارتفعت التكبيرات والتهليلات. وتنفس الجميع الصعداء:

– يا جماعة كابوس.. والله كابوس وارتحنا منا.

– يا راجل .. خاشة في حيط.

– الحمد لله .. ليبيا مباركة.

نعم، شعور بالراحة أنعش النفس، وأزاح القتامة التي أنزلت ستارتها على الأفق، ليبيا بخير، ولها رب يحميها ويحمينا من كيد المغرضين. أحد الشباب يدخل:

– جيبوا ليبيا الأحرار.

كان على الخط السيد “هاشم بشر” يؤكد خبر إطلاق سراح السيد “علي زيدان” وأنه بصحة جيدة، سارداً عملية إطلاق سراحه. ثم لتتوالى الأخبار والتصريحات، حتى خروج السيد “نوري أبوسهمين” رئيس المؤتمر الوطني، ونفي (غرفة عمليات ثوار ليبيا) ما نسب إليها، وهو ما يتنافى مع ما ورد على صفحتها على الفيس من معلومات. آخر التعليقات كانت:

– اللي صار يا جماعة في صالح البلاد.. توه الحفرة اللي بين الحكومة والمؤتمر ترتدم.. وتمشى أمور الحكومة.

 

دروس

الكثير من الدروس يمكن الخروج بها من هذه الحادثة، كما إنها تكشف الكثير من الأمور، وتفتح الكثير من الأقواس، وترسم علامات استفهام بحجم المعضلة.

فما حدث لا يعكس هشاشة الوضع الليبي أمنياً، بقد ما يقدم صورة واضحة عن تحكم البعض في أمن البلاد، وتسخيره من أجل تنفيذ أجندات خاصة، وإلا كيف نفسر خروج أكثر من خمسين سيارة في شوارع طرابلس، ومحاصرتها لمعلم مهم في طرابلس دون اتخاذ إي إجراء مضاد. إن هذا يقدم صورة عن التنسيق المسبق والمعد للعملية.

كما تؤكد هذه العملية، سهولة اختراق المنظومة الأمنية في ليبيا، وأنه لا يمكن الاعتماد عليها في تأمين حماية البلاد أو الشخصيات المهمة أو البعثات الأجنبية.

إن هذه العملية ضربت مصداقية الجهاز الأمني في ليبيا، ورفعت من أسهم الحكومة التي اتضح إنها أسيرة في أيدي مجموعة لا تريد بالبلاد خيراً.

هذه العملية أصابت المواطن البسيط في مقتل. وجعلته أكثر خوفاً على مستقبله ومستقبل البلاد.

أما السؤال الكبير، الذي يبحث الجميع عن إجابته: لمصلحة من؟

*

حفظ الله ليبيا

_____________________________________________________________________

* كنت أستعد لإدراج تدوينة جديدة، عندما بدأت أحداث اختطاف السيد “علي زيدان” رئيس الحكومة الليبية. فآثرت الانتظار حتى انجلاء الحدث ومن بعد إدراج تلك التدوينة خلال الأيام القادمة.

مالاخير .. خارج حدود الوطن

عرض موقع (مغاربية) من خلال لأهم ما يدور على المدونات الليبية من موضوعات، وكان لمدونة (مالاخير) حضورها من خلال تدوينة (ليبيات 13.. واحد تسعة.. وشعب أكثر ثقة).. رابط الموضوع باللغة العربية .. رابط الموضوع باللغة الفرنسية.

ليبيات 17

هذا وأثارت التدوينة (ليبيات 17.. دير تحتك حديدة) جدلاً، ليتم ترجمة جزء منها إلى الإنجليزية لما يعكس من واقع .. الرابط

بيان المرصد الليبي لحقوق الانسان

ان المرصد الليبي لحقوق الإنسان , يدين ما يجري من جرائم داخل ليبيا في ظل غياب واضح ومستمر للحكومة , منها جرائم السطو في الطرقات العامة والتعذيب والخطف ، كما يعبر المرصد الليبي لحقوق الإنسان عن قلقه ازاء اختطاف افراد القضاء الواقف ( المحامين ) , ونخص بالذكر المحامية حميدة الهادي الأصفر وذلك امام محكمة جنزور الجزئية ، كما اختطفت مؤخرا المحامية ثريا عيسى محمد من بين افراد عائلها من قبل جماعة تحمل شارات تدلل على انتمائهم للدولة ، ان هذا النوع من العمليات والتي تستهدف هذه الفئة لا تخدم ليبيا وستجعل من ادعاء الحكومة بأنها ستقيم محاكمات عادلة للمتهمين محل تشكيك من ناحية , وعدم ثقة من ناحية اخرى ، كما يدين المرصد الليبي لحقوق الإنسان ما يحدث من مظاهر مسلحة داخل اروقة المحاكم وقاعاتها من قبل الافراد المرافقة للموقوفين تحت ذمة التحقيق , وينبه المرصد وزارة العدل ان تضع حدا لهذه الانتهاكات التى من شأنها اثارة الذعر بين المواطنين داخل المحكمة والتأثير على مجرى التحقيق .

كما يدين المرصد الليبي لحقوق الإنسان فقل حقول النفط والمواني النفطية , ويعتبر ما حـــدث بين عضــو المؤتمر والجمــاعة المسيطرة على المــواني النفطة امــرا غير مقبول من الطرفين ، وكــذلك يعتبر ما قامــوا به الأخوان جضران من عملية استدراج لعضو مؤتمر هي عملية ابتزاز على حساب الشعب الليبي وطريقة غير مشروعه لطلبات قد تكون مشروعه ، وهذا يدل على عجز الجماعة على اثبات موقفهم ازاء الشعب الليبي من اقفال المواني النفطية , ويعتبر هذه الاستدراج طريقة غير شريفة من قبلهم ناهيك عن تصرف عضو المؤتمر وانحرافه الخاطئ وسلوكه الغير مسؤول ، كما يُعبر المرصد الليبي لحقوق الإنسان عن مخاوفه بشأن فكرة سيطرة العائلة على مقدرات الشعب الليبي , وهو الذي ارق ليبيا طيلة 42 سنة ، أن الشعب الليبي يتعرض لواحدة من أكبر عمليات الابتزاز ، ففي الداخل قوى تمارس الابتزاز بهدف الوصول لتحقيق أهدافها , فبعضها اليوم تحاول استغلال ضعف الحكومة واجهزتها لفرض مصالح سواء مناطقية أو حزبية أو شخصية , وسواء كانت هذه العملية أو الإجراءات شرعية أو وطنية أو ستؤدي لكوارث على حساب الوطن أو وحدته , ونحن نطالب الجميع اليوم قيادات حزبية أو قبلية او أي مكونات مدنية بالجلوس على طاولة الحوار الهادف وتغليب مصلحة الوطن عن المصالحة الشخصية والمناطقية والحزبية ونبذ الخلافات التي نعاني من جرائها ما نعانيه اليوم من اهدار للحقوق والحريات والتخلي عن الواجبات .

كما يحمل المرصد الليبي لحقوق الإنسان , المؤتمر الوطني العام المسؤولية الكاملة لعدم مسألة الحكومة في اداء واجبها المناط بها ويعتبره هو المسؤول الأول امام الشعب الليبي , باعتباره السلطة المنتخبة الوحيدة من قبله ، كما يدعوا الشارع الليبي الى الحراك في اتجاه تعزيز الأمن والحقوق والحريات وذلك بحث المؤتمر الوطني العام لسن قوانين جديده تتماشى مع طبيعة المرحلة وتعديل القوانين القديمة بما يتناسب مع الفعل المُجرم قانوناً .

بيان المرصد الليبي لحقوق الانسان

حرر بتاريخ 29/9/2013

ليبيات 17.. دير تحتك حديدة

الـــشـــرارة

كتبت سابقاً، إن ما حدث من سحبٍ للثقة لـ(حكومة أبوشاقور) كانت الشرارة التي أطلقت فتيل الصراع بين أكبر كتلتين في المؤتمر الوطني العام؛ وهذا رأي شخصي يحتمل الوجهين. وأن هذا الصراع أنتج (حكومة زيدان) التوافقية، التي حتى اللحظة هي حكومة معطلة، كل ما قدمته مجموعة من الوعود والتبريرات.

حكومة زيدان، ولدت ناقِصة برغم شكلها الظاهري الكامل؛ ولم تستطع حتى اللحظة ممارسة ما هو مأمول منها، ولقد عانت من مجموعة من الاستقالات، أربكت حركتها وأظهرت هشاشة تكوينها، بصراحة أقول، إن هذه الحكومة لن تستطيع تقديم شيئاً، لأن الصراع الذي نتجت عنه، لا زال مستمراً، خاصة وإنه انتقل من كواليس المؤتمر الوطني العام، إلى الشارع.

الشارع الذي تفاعل مع الموقف بالهجوم على مقار الكتلتين، وفي رد فعل جمد كل من (قوى التحالف الوطنية) و(حزب العدالة والبناء) مشاركتهما بالمؤتمر الوطني، لتعلن الحرب على اللبراليين والخونة، والأخوان العملاء.

مسالة أخرى سبقت هذه الشرارة، شرارة أخرى، هي (قانون العزل السياسي) وما جره على الشارع الليبي من انقسام، وإرباك للحياة العامة ومحاصرة لمقار الدولة من قبل المجموعات المسلحة، المنوط بها حماية مؤسسات الدولة.

LIBYA-UNREST-ISLAMISTS

ضُـــعـــف

إن هاتين الشرارتين، كشفتا ضعف (حكومة زيدان) وأن من بيده السلاح هو من يستطيع إملاء ما يريد على الحكومة، والمؤتمر؛ وهو ما صار واضحاً للجميع، وهذا ما حدث.

لقد انتشرت خلال الشهور الماضية الكثير من مظاهر التسلح والعمليات العسكرية في داخل المدن، حتى إنها وصلت العاصمة طرابلس، وصارت قصص القتل والاغتيالات والخطف، والسرقة بالإكراه، والاستيلاء على الأملاء حكايات تروى بشكل يومي، وفي كل ساعة. وصارت النصيحة: دير تحتك حديدة، والمقصور (بندقية كلاشنكوف أو مسدس). وهكذا ارتفعت أسعار بعض الأسلحة في مقابل غيرها، ودخلت للسوق أسلحة خفيفة تباع في الشوارع بشكلٍ علني. وإليكم آخر تسعيرة:

– كلاشنكوف عادي 1500 دينار ليبي.

– كلاشنكوف روسي (أسود) 2000 دينار ليبي.

– مسدس برازيلي 5500 دينار ليبي.

– مسدس بلجيكي 6000 دينار ليبي.

– امبريتا 7000 دينار ليبي.

نعم مظاهر التسلح في ازدياد وأعمال الحرابة أيضاً، والخطف والتعذيب، والسبب ضعف أداء الحكومة، وإدراك الطرف الآخر (المجموعات المسلحة) هذا الضعف، وأنهم قادرون على تنفيذ ما يريدون دون خوف من تدخل أي جهة أمنية تتبع الدولة.

ونستطيع القول الآن، أنه في ليبيا الآن ثمة مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، تعمل بتنظيم عالي الدقة، منظمة، مجهزة. وحتى في حال قيام جهاز أمن جيد سيكون من الصعب على الدولة القضاء عليها بسهولة.

أما المهم –بالنسبة لي- هو تغيير عقلية المواطن الليبي فيما يخص السلاح.

 حكومة زيدان والمليشيات

أصل الحكاية

المركز:

– أنا نفتحلك محضر.. لكن لا نقدر نجيب حد ولا نقدر نتحرك.

النائب:

– معليش يا خوي .. مش حنقدر نحميك.

الوزير:

– مانقدر انديرلك حتى حاجة.

– شوفلك وحدة مالكتايب.