7-7 من جديد

في مثل هذا التاريخ من العام الماضي، كافحت بما لدي للقدوم إلى طرابلس والمشاركة في أول انتخابات تجري في ليبيا، أو على الأقل هي الأولى في تاريخ حياتي -القصيرة-، ركتب في كرسي المراقب بمقصورة القيادة في الطائرة القادمة من حقل 103 إلى طرابلس، بعد أن امتلأت حتى آخر كرسي.

وصلت طرابلس، وانطلقت إلى دائرتي الانتخابية مشاركاً في عرس الليبيين، الأول والأكبر من بعد التحرير. كان عرساً بحق شارك فيه الليبييون بمشاعرهم الصادقة ودموعهم التي غسلت قلوبهم من كل ظلم.

عام مر عن أول انتخابات، أشعرت المواطن الليبي بقيمته، وبمعنى الديمقراطية.

مسيرات 7-7

وها هو 7-7 يعود من جديد، لكن هذه المرة الشعب الليبي يخرج في الميادين والساحات، رافضاً مظاهر التسلح والعنجهية، مطالباً بعودة الجيش والشرطة، لتكون الخطوة الأولى لبناء ليبيا الحريات.

الكل خرج ضد السلاح وضد مظاهر التسلح وفرض القوى.

الكل خرج ليقول: لا للسلاح.. نحن مع الشرعية.

*

حفظ الله ليبيا

حساب البحري وحساب الرايس

تحالف القوى الوطنية

عقب إعلان (تالف القوى الوطنية) تعليق عضويته بالمؤتمر الوطني العام، يوم أمس، علقت في حائطي على الفيسبوك: (قد ﻻ أتفق مع قرار تحالف القوى الوطنية وتوقيته.. لكنها الشرارة التي ستطلق فتيل مواجهة حقيقة الوضع في ليبيا وضرورة حلحلته باتجاه إعﻻن الدستور وبناء دولة المؤسسات دون إطالة الطريق أكثر). لكني هنا سأحاول المضي أكثر.

توقيت

من المعلوم لدى الجميع، ما شهدته مدينة طرابلس -العاصمة- من أحداثٍ خلال الأيام الماضية من استخدام مفرط للسلاح، من قبل بعض المجموعات المسلحة، والمحسوبة على أحد القبائل التي عرفت بوقفها القوي والواضح في ثورة 17 فبراير، وما نتج عن هذا الاستخدام من ضحايا وأضرار مادية. ناهيك عن حالة عدم الاستقرار التي مازالت تعيشها المدينة حتى اليوم، وأكبر دليل، طوابير السيارات على محطات الوقود.

الدكتور محمود جبريل

الدكتور محمود جبريل

وكنا شاهدين على الاتهامات التي وجهت للتحالف، وقصدت بشكل مباشر السيد “محمود جبريل” متهمة إياه بإدخال البلاد في حالة فوضى مسلحة، كرد فعلٍ مباشر على العزل الذي طاله، بعد إقرار المؤتمر الوطني العام له. بينما هناك من رأى إنه بعد أن تم إزاحة “محمود جبريل” جاء الوقت لضرب جناحه العسكري بالزج به في مواجهة من الشارع الليبي.

هذه الاتهامات انتقلت من صفحات الفيسبوك إلى أروقة المؤتمر الوطني، وصار الاتهام علنياً لأعضاء التحالف به، الأمر الذي دفعهم للركن القصي.

الأمر السبب الثاني في رأيي لاختيار هذا التوقيت، قرب انتهاء فترة عمل المؤتمر الوطني العام، وعجزه عن الإيفاء بواجباته والوصول إلى الدستور.

أمر ثالث، وهو يعتم على تحليل شخصي، هو ما حدث في مصر من انهيار كبير لحزب (الإخوان المسلمون)، والتفاعل الشعبي في ليبيا المؤيد للشعب المصري، وما يدور في الشارع من سيطرة الإخوان الأخطبوطية، فكان التوقيت ملائماً لترك الإخوان الممثلين في حزب (العدالة والبناء) لمواجهة حقيقية مع الشارع الليبي، بمعنى: ها نحن انسحبنا، وتركنا الإخوان يصولون ويجولون، فكيف سيسيرون بالأمر.

شعار_ تحالف القوى الوطنية

مأزق

إن انسحاب التحالف من المؤتمر، يجعله في مواجهة حقيقة مع الاستحقاقات المطلوبة منه للمرحلة القادمة، فالتحالف ككتلة هي الأكبر في المؤتمر، كان من المفترض أن يكون لها الثقل الأكبر، لكن الحقائق تقول إن هذه الكتلة لم يكن لها هذا التأثير، خاصة بعد أن صوت لها اكثر الشعب الليبي، وتحالف أعضاء المؤتمر ضدها، في محاولة للتثبيط من فاعليتها.

هذا المأزق، لم يصنعه التحالف، ولم تصنعه الأحداث الأخيرة التي مرت بها ليبيا، إنما التهاء أعضاء المؤتمر والأحزاب والتكتلات في محاولة الاستفادة الشخصية من المتاح دون النظر لمصلحة البلاد، أو الاهتمام بقضايا البلاد وحلها، وساد من جو من العمل المحتقن بين أعضاء المؤتمر، جعل من أهم الاستحقاقات الممثلة في الإعلان الدستوري أمر مؤجل.

إن الموطن في ليبيا، يعي تماماً ما يدور في أروقة وحجرات المؤتمر الوطني، والصراعات التي تحاول بعض الأطراف إشعالها، وهو على استعداد لحمايته، لكن المؤتمر لم يتفاعل بالشكل المطلوب مع المواطن، ولم ينظر إليه.

مواجهة

المؤتمر الوطني العام، هو الآن في مواجهة حقيقة مع الشارع الليبي، هل بإمكانه -بعد تخلي تحالف القوى الوطنية- الوقوف بشجاعة ومواجهة ما يطلب منه، في فترة الشهر المتبقية، أم إنه سيطلب فترة تمديد قد لا تكون كافية للإيفاء بالتزاماته، كما حذر التحالف في مؤتمره الصحفي الأخير، مشيرا إلى تجربة تونس.

المواجهة لم يصنعها التحالف بتعليق عضويته أو انسحابه، إنما صنعها المؤتمر في ذاته وفي أعضائه. وعليه التفكير في خريطة طريق للمرحلة المقبلة، خاصة وإن الشعب الليبي ينتظر بشوق قيام دولته المدنية، في وجود وفرة في السلاح، وسيطرة بعض المجموعات المسلحة على بعض مفاصل القرار.

خروج

علينا الاعتراف إن (تحالف القوى الوطنية) يملك من الفطنة مفاتيحها، ويعرف كيف يسير بثقة، فهو لم يترك الباب مفتوحاً على الاحتمالات، إنما وضع خلفه خريطة طريق مقترحة، في ظني هي الأقرب للمنطقية والعقلانية للخروج إلى بر الأمان. بمعنى إم التحالف لم يعلق عضويته إما ترك ورقة يقول فيها: ستجدونني هنا. هو لم يخن أمانة الأصوات التي دفت به، كما ألمح البعض، إنما هو يحمل المسؤولية، ويضغط على النزف بقوة لإيقافه.

*

حفظ الله ليبيا

يحيى يقول: ليبيا حرة

كلما سمع ابني “يحيى” الرصاص يقول ليبيا حرة، وعندما تعرض في بيت جده لهجوم غادر من أحد المجموعات المسلحة رسخ هذا الاعتداء بـ(ليبيا حرة)، فصارت مرادفاً لأي إطلاق نار أو عمل يستخدم فيه السلاح، وعندما يبدأ الشباب إطلاق الألعاب النارية في الليل -في طل ليلة-، وأدعوه للدخول للبيت، يرد علي:

– لا بابا، هادي ألعاب نارية.. مش ليبيا حرة.

عندما زرنا مصر لحضور معرض الكتاب، وعندما علم برجوعنا، اعترض صراحة:

– لا لا لا .. ليبيا حرة.. ليبيا فيها سلاح. طف طف.

يحيى .. يقول لا لسلاح

وبالأمس كنت في رحلة لمرافقة أحد الطائرات، وهذا اضطرني للمبيت في حقل (زلة) التابع لشركة (الزويتينة)، حيث لا توجد تغطية ومن الصعب الاتصال عبر الهاتف الأرضي. وسمعت ما حدث في طرابلس بمنطقتي (الهضبة وبوسليم). مرت الليلة صعبة. وحال وصولي طرابلس بادرت للاتصال والاطمئنان، وكان الفزع واضحاً في صوت زوجتي وابني.

لله الأمر من قبل ومن بعد.. ليبيا صارت ملطشة.. كما يعلق أحد الأخوة العرب.. وصارت مثالاً لثمار الربيع العربي، الفاشلة. لا لشيء إلا لأنا كليبيين ظهرنا على حقيقتنا. كشعب لا يحب بعضه، ويضمر الكثير من الأحقاد في قلبه. ولا من أحد يخاف على مصلحة البلاد إلا من رحم ربي. في لحظات كثيرة صرت أندم على الفرص التي تركتها للبقاء خارج، وأحدث نفسي:

– كم كان ردي غبياً: بلادي في حاجة أكثر لخبرتي.

كم من الدم سنسفك قبل الوصول لبر الأمان؟

أم إنا نحتاج ليدٍ خارجية -قوية- لفرض الأمن؟

حفظ الله ليبيا

ليبيات 9… القذافي يحكُم

القذافي يحكم

– ومن قالك في حكومة.. القدافي مازال هو اللي يحكم.

– …….؟؟؟

– شوف حال البلاد وتوه تعرف!!!

لم يكن صديقي يقصد الأزلام ولا قانون العزل، كان يقصد شيئاً آخر، شيئاً نراه ونعيشه كل يوم.

 معمر القذافي

فالقذافي صعد سدة الحكم بانقلاب عسكري، وثورة 17 فبراير المجيدة عسكرية على نطاقٍ واسع.

عندما بدأ نجم القذافي يرتفع ويعرف في البلاد، صعد معه نجم قبيلته –الصغيرة- ونجوم قبائل أخرى حليفة، وفي 17 فبراير صعدت نجوم قبائل ومدن، وهي تتصارع وتتسابق من يصل أولاً ليستمر.

القذافي عزل النظام الملكي، وكل ما يمت له بصلة، و17 فبراير عزلت كل من عمل مع نظام القذافي بالجملة.

القذافي، فرغ الجيش من قياداته العسكرية، وثورتنا المجيدة، شتته وغيبته.

القذافي سجن بالعشرات، و17 فبراير بالمئات.

القذافي عذب، 17 فبراير تفننت في التعذيب.

القذافي أرهب مدن وقرى، 17 فبراير أرهبت وهجرت ودمرت.

القذافي اعترف ببعض الأخطاء، و17 فبراير تصر على إنها الحقيقة.

………..

ألا تتفقون معي، أن القذافي مازال يحكم.

التعذيب

التعذيب ملف كبير.. لن يكون من السهل على الدولة الليبية التعامل معه بسهولة. فالكثير من الانتهاكات ارتكبت خلال الفنرة الماضية من بعد التحرير.

هذا الملف يأتينا كل يوم بقصة جديدة، ومختلفة، والقاسم المشترك بينها هي القسوة والعدوان، وابتداع أساليب تعذيب جديدة. وصار الموت تحت التعذيب أمراً اعتيادياً ومقبولاً، ولا حول ولا قوة لأهل المعذب إلا الصبر، حتى يقضى الله أمره.

إن عدد من تم خطفهم وتعذيبهم وسجنهم في فترة ما بعد التحرير وحتى اليوم، أكثر مما حبسه نظام القذافي، وقياساُ بمستوى التعذيب فنظام القذافي يعتبر رحيماً، أمام ما نراه ونسمع به.

على الدولة الليبية أن تقف وقفة حازمة، وأن تنتصر لمن ظلم.

ليل طرابلس

الليل في طرابلس قصة غريبة وعجيبة. فهو يبدو هادئاً ووادعاً.. لكن ما إن يتقدم حتى يصخب ويزعق.. رافعاً عن نفسه صفة السكينة إلى الترقب.. حتى تطمئن.

فأصوات الألعاب النارية لا موعد ثابت لها، فهي تنطلق في أي وقت، دون تحذيرٍ مسبق، أو تنبيه. فتصفر حتى يفزعك صوت انفجارها ليقفز بك من سريرك. هارعاً إلى النافذة متصنتاً. حتى تتأكد أن ما سمعته لا يعدو كونه (ألعاب نارية) مصدرها عرس أو مجموعة مبتهجة.

/بالقرب من بيتي منصة إطلاق ألعاب نارية تبدأ مهرجانها من بعد المغرب ولا موعد ثابت لانتهائها.

وفي الليل أيضاً رصاص.. وبالخبرة صرنا نعرف نوعية السلاح الذي تطلق منه.. وصوتها مميز.. ويكسر نومك بطريقة مختلفة، فهو يتسرب بهدوء حتى يؤكد (أنا رشاش، لاحظ صوتي المتصل، واختلاطه بأصوات أخرى هي رد للأولى). الجميل في مسألة السلاح إنك بعد قيامك عن الفرش، تحديد موقع الصوت ودرجة بعده.. وعندما تطئمن لإحداثياته.. تعود لفراشك.

/- ما بعدكم يا جماعة طرابلس.. كيف يجيكم النوم في هالتقربيع كل ليلة (صديق من أحد المدن).

في ساعات الليل الأولى، يرتفع صوت الدراجات النارية. فعندما تخف الحركة في الشارع الرئيسي.. يكون الور قد حان لراكبي الدراجات لممارسة استعراضاتهم، زاعقين بقوة.. وبين الفترة والأخرى، تدخل أحد السيارات الحلبة صارة بعجلاتها على الأرض في حركات دائرية وهرج.

/اكتشفت في أحد الصباحات إن جاريّ يملكان دراجات نارية.

وليل طرابلس يحكي الكثير.. أكثر مما نتوقع.

*

حفظ الله ليبيا

التعذيب

التعذيب

التعذيب ملف كبير.. لن يكون من السهل على الدولة الليبية التعامل معه بسهولة. فالكثير من الانتهاكات ارتكبت خلال الفنرة الماضية من بعد التحرير.

هذا الملف يأتينا كل يوم بقصة جديدة، ومختلفة، والقاسم المشترك بينها هي القسوة والعدوان، وابتداع أساليب تعذيب جديدة. وصار الموت تحت التعذيب أمراً اعتيادياً ومقبولاً، ولا حول ولا قوة لأهل المعذب إلا الصبر، حتى يقضى الله أمره.

إن عدد من تم خطفهم وتعذيبهم وسجنهم في فترة ما بعد التحرير وحتى اليوم، أكثر مما حبسه نظام القذافي، وقياساُ بمستوى التعذيب فنظام القذافي يعتبر رحيماً، أمام ما نراه ونسمع به.

على الدولة الليبية أن تقف وقفة حازمة، وأن تنتصر لمن ظلم.

حفظ الله ليبيا.