مبادرات الخلاص

ليبيات 27

مجموعة من المبادرات الوطنية تم طرحها لحل الأزمة التي تمر بها ليبيا، بغرض وضع خارطة طريق للرسو بالسفينة الليبية، وضمان الوصول بها سالمة إلى بر الأمان، بعدما تخبطت بين الأمواج وأهواء الريّاس؛ خاصة بعد تمديد المؤتمر لفترة بقائه حتى نهاية 2014، وبقاء حكومة “زيدان” وإجراء بعض التعديلات الوزارية، كما جاء في آخر تصريح صحفي على لسان رئيس الوزراء “علي زيدان”.

ومن مجموع ما تم اقتراحه، اخترنا ثلاث مبادرات لتسليط الضوء عليها، ومناقشتها، وسبب اختيارنا لها هو تميزها وجدة ما طرحته من أفكار.

النائب البديل

عادل المشيطي

عادل المشيطي

وهو الاسم الذي أطلقه السيد “عادل المشيطي” على هذه المبادرة، في محاولة للاستجابة لمطالب الشارع الليبي بعدم التمديد للمؤتمر الوطني العام. وتعتمد المبادرة على:

استقالة اعضاء المؤتمر المستقلين وعددهم 120، واستبدال النائب المستقيل بمن يليه بنسبة الأصوات في انتخابات يوليو 2012 كما حدث في حالات مشابهة، وبهذا نحصل على 120 نائب جديد مستقل ومنتخب عن كل الدوائر الانتخابية على مستوى ليبيا.

استقالة النواب الثمانين المنتخبين عن الكتل السياسية، دون استبدالهم بآخرين (أي أن المؤتمر يصبح 120 نائب فقط) بحيث تتفرغ الأحزاب للعمل الميداني وترتيب الاولويات الوطنية حتى الانتخابات العامة لاستعادة ثقة الشعب وتوسيع قاعدتهم الشعبية.

تكوين جسم شرعي من النواب الجدد (120) يطلق عليه (مجلس نواب مؤقت)، يقوم بانتخاب رئيس حكومة أزمة محدودة الحقائب الوزارية، بعيداً عن المحاصصة الحزبية والمناطقية، ويلتزم المجلس بخارطة طريق يعدها المؤتمر الوطني، بحيث تنتهي مهامه بتسليم السلطة للبرلمان الليبي في 24 ديسمبر 2014.

مأخذي الأساسي على هذه المبادرة هو تركيزها على المؤتمر الوطني العام فقط، دون النظر إلى المشهد الليبي أو الوضع الليبي في عمومه، وهذا في ظني لن يغير من واقع ما نعيشه بشكل كبير.

مبادرة الخلاص

عن صفحة د.يونس فنوش

عن صفحة د.يونس فنوش

في هذه المبادرة يقدم الدكتور يونس فنوش، رؤيته لخارطة طريق يمكنها ضمان الوصول سريعاً إلى قيام دولة ليبيا. وهي –أي المبادرة- تعتمد فترة انتقالية ثالثة يتم فيها ترتيب الأولويات من خلال نقاط أربع هي:

1- تعديل الإعلان الدستوري واعتباره دستوراً مؤقتاً.

2- وضع قانون انتخاب رئيس للدولة ونائبه ومجلس النواب وفق الدستور المؤقت.

3- انتخاب رئيس الدولة ونائبه ومجلس النواب.

4- تسليم السلطة إلى الرئيس ومجلس النواب.

وتحدد هذه المبادرة 15 يوليو 2014 أجلاً لتنفيذ التسليم.

لا أعتقد أنه يمكن خلال الفترة المقترحة تنفيذ هذه المبادرة، خاصة وإنها لم تناقش وضعية المؤتمر الوطني بشكل مباشر، وإن كانت تبنت مجلساً للنواب، وهو بالتالي سيكون خلفاً له. أو جسماً جديداً يحتاج أعضاء جدد.

الأمر الثاني، أن هذه المبادرة وسابقتها، لم تتطرقا إلى مسألة الوضع الأمني في ليبيا، لأنه حتى اللحظة لا يوجد قوة على الأرض يمكنها توفير الحماية لمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية.

مبادرة الإنقاذ الوطني

د.محمود جبريل. عن صفحته على الفيسبوك

د.محمود جبريل.
عن صفحته على الفيسبوك

تعتمد مبادرة “د.محمود جبريل” على خريطة طريق واسعة الأفق، بمعنى إنها مبادرة لا تركز على نقطة بعينها، إنما حاولت سد كل الثغرات، ومناقشة كل المسائل في الشأن الليبي، خاصة مسألة السلاح والمجموعات المسلحة، من خلال عرض خطة تضمن احتوائهما، وبناء جيش ليبي على أسس صحيحة. كما إنها ناقشت مسألة المصالحة الوطنية كأحد المرتكزات المهمة لعودة السلم والأمان.

من بعد هذه الحلول الإجرائية، انتقلت المبادرة إلى مسالة الدولة من خلال ما يلزم للمرحلة القادمة من استحقاقات تشمل ولاية المؤتمر الوطني والحكومة والدستور حتى إقامة الدولة الليبية.

شمولية هذه المبادرة، قد يسقطها في مسالة التشتت، مالم يكن ثمة جيدة في تنفيذ بنودها، كما إنه لن يكون من السهل الالتزام بجدول زمني للتنفيذ، خاصة فيما يخص السلاح والمجموعات المسلحة.

وفي حال تم العمل على جميع الخطوط (الأفكار) بشكل متوازي، ستكون هناك الكثير من الأمور المشتركة التي تؤخر خط عن آخر. لذا أرى أن تقدم بعض الخطوط على الخرى، ولتكن البداية بمسألة السلاح وما يتعلق بها، كخطوة تكون نتيجتها وجود قوة تحمي المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية. ولتكوين أرضية صحيحة للعمل، ستكون مسالة المصالحة والمصارحة الوطنية هي البند الثاني للعمل.

*

حفظ الله ليبيا

ليبيات 20.. الغولة وعزوزة القايلة

الغولة

عندما كنا صغاراً، كانت أمهاتنا قد اخترعن (عزوزة القايلة)، وهي شخصية تتمثل في امرأة عجوز (عزوزة) –قد تكون حقيقية- تقوم على خطف الأطفال الذين لا يسمعون نصائح امهاتهن واللعب وقت الظهيرة (القايلة) في الشارع. أما في الليل فكانت (الغولة) تترصدنا عند مدخل الحي لتمسك بأي طفل يخالف أمر والديه ويخرج بعد صلاة المغرب للشارع للعب. لذا فإن أي شيء يضيع في هذين الوقتين أو يخبئ بقصد، يكون بفعل إما (عزوزة القايلة) أو (الغولة). وكأي طفل ليبي، سلمت بهذه الحقيقة، وآمنت بها؛ ولم أحاول لمرة واحدة أن أبحث في ماهيتهما أو كينونتهما، لأن محاولتي كلها باءت بالفشل، فلم يفدني والدي بشيء، وكذلك الأصدقاء الواقعين تحت تأثير ذات الخرافة، إلا صديق واحد قال:

– لو سمحت لـ(عزوزة القايلة) بالبصق في فمك، فستمنحك القوة لتواجه أي غولة وأي شخص.

وكأنه علينا العيش في دائرة الخوف، طوال حياتنا. فها هي (الغولة) و(عزوزة القايلة) من جديد، ليتم إلصاق كل المخاوف على مشجبهما. عادتا بصورة جديدة فـ(الغولة = محمود جبريل) و(عزوزة القايلة = الزنتان)، فهما السبب في كل ما يحدث في ليبيا، من خلال علاقة ضمنية تربط بينهما، على أساس المصالح. أنا هنا لا أحلل بل أنقل ما يدور في الشارع. الشارع الليبي يحملهما مسؤولية ما يحدث من خروقات وأعمال تضر بأمن البلاد.

د.محمود جبريل .. تحالف القوى الوطنية

د.محمود جبريل .. تحالف القوى الوطنية

– مواطن1: يا راجل وين عايش.. تي هادا “جبريل” بعد ما باعوه في المؤتمر الوطني.. قاللهم توه تشوفوا.. سيب البلاد.. وقعد يحرك فيها من بره.. راجل قوي.

– مواطن2: يا خوي.. جبريل لما رجع للبلاد مع المجلس الانتقالي.. تحالف مع الزنتان ودراهم في حمايته.. ولما طلعوه في العزل السياسي، قلب علي المؤتمر واستخدم الزنتان.

– مواطن3: يا خوي اللي صاير في البلاد سببه “جبريل: و”الزنتان”. وبعدين من جاب “زيدان” ما هو، وآهو يحرك فيه من بره.

– مواطن4: شوف، مالاخير “جبريل” ناوي البلاد لأنهم طلعوه من المؤتمر، والزنتان ليه وهو يحرك فيهم زي ما يبي.

– مواطن5: أنا نقولك، “جبريل” والزنتان، ورا اللي صاير في البلاد. بعيدن يا خوي “جبريل” واحد علماني، ما يبيش الإسلام.

لستُ من أنصار نظرية المؤامرة، ولا من محبي ركوب الأمواج. إنما أحاول أن العقل يقودني العقل دائماً، وعقلي يقول لي، لو صح أن ما يحدث في ليبيا وراءه السيد “د,محمود جبريل” فهذا يعني إن الرجل على قدر كبير من القوة المعنوية والمادية، مما يعني أنه الأصلح لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة، وإخراجها من بركة الوحل التي تتخبط فيها. فمثل هكذا عقلية سياسية تملك هذا القدر من الحنكة، من العيب علينا خسارتها لمصلحة عصبة ما؟؟!!. أما (الزنتان) فهي قبيلة لها تاريخ مشرف، ولن تتنازل عنه لتكون أداة في يد أحدٍ ما، مهما كان.

بُـــــــرُوُد

التفتت. كان صوت الدوي مرتفعاً، فعلق رفيقي:

– لا تخف!!!.. إنها مجرد ألعابٍ نارية.

– …؟؟؟!!!!

– لا أظنك بعد كل هذه التجربة الطويلة مع الدق، لا تستطيع التفريق بين صوت الرصاص والألعاب النارية.

– لا …. أعرف الفرق جيداً.. لكن في رأسي خاطرٌ غريب.

نظر إليّ رفيقي مستفهماً:

– أخافُ أن تتبلد قلوبنا، وتبرد هممنا. ونتحول مثل العراق.

– ؟؟؟ كيف ؟؟؟

– أقصد، أن يكون بينك وبين التفجير أمتار، ولا يتحرك لك فؤاد. بمعنى أن لا يعني لك هذا التفجير شيئاً، وكأنه حدث عادي، أو ألعاب نارية.

– !!! ؟؟؟

– قلت لك، خاطر غريب!!!

حكاية المؤتمر

شخصياً كنت أفضل أن لا تستخدم مفردة (المؤتمر) للدلالة على أول هيكل تشريعي ليبي لما بعد التحرير، إضافة إلى (العام)؛ وأقصد (المؤتمر الوطني العام)، وذلك لأكثر من سبب.

أولها، إن مفردة (المؤتمر) ارتبطت في عقل المواطن الليبي بـ(المؤتمرات الشعبية) التي جاء بها نظام القذافي، كحل لمشكلة الديمقراطية، وهو أحد طرق نشر الفوضى، وتضييع المطالب، وإخراج الديمقراطية من معناها وغايتها.

ثانيها، إن هذه المؤتمرات كانت وسيلة الكثير للتسلق والتملق، وانتهاز الفرص للمصالح الشخصية، وفي ذات الوقت، وسيلة للنهب، والتسلط.

هذا إضافة، إلى أن المؤتمر كما استقر في عقلية المواطن الليبي، بعد سنوات من التجربة، أنه كنظام لا يقدم شيئاً.

أما فيما يخص مفردة (العام)، فهي ترتبط لذا الغالبية بالمؤسسات العامة، وهي المرادف المباشر لنهب وسرقة الأموال العامة.

 مؤتمر الشعب العام

أما تركيبة (المؤتمر الوطني العام) فهي أقرب ما تكون لـ(مؤتمر الشعب العام)، حيث لا قرارات حقيقية تتخذ، إنما توجيهات تملى وتنفذ، وكأن التاريخ يعيد نفسه في حلة جديدة.

*

حفظ الله ليبيا