ليبيات 38
فجر 15 رمضان
ما حدث في من مواجهات عسكرية فجر 13 من شهر يوليو الجاري، بقدر ما يعكس هشاشة الدولة الليبية، يقدم صورة واضحة عما وصل إليه الوضع الليبي، من صراع على المصالح، ومحاولة لبسط النفوذ والسيطرة، في غياب تام لوجه الحكومة التي تكتفي بإصدار البيانات (حكومة الثني.. حكومة صلي عالنبي)*، وتواطئ من المؤتمر الوطني العام، الذي بارك مثل هذه الحراك، بمنحه الشرعية لهذه الأجسام المسلحة.
ولعل ما يمنح المشهد بعده المأساوي الكبير، أن هذا الحراك العسكري تم بقيادة شخص، وانتهى بإصابته.
من يتحمل الخسائر التي أصابت مطار طرابلس، وطائرات (شركة طيران الأفريقية) الثلاث. من يتحمل الخسائر التي تعرضت لها أملاك المدنيين، من عقارات ومبانٍ إدارية، ومصحات، من يتحمل وزر من قتل في هذه المواجهات، وترك جثة متفحمة تلهبها الشمس، من يتحمل وزر من انتهك حرمة الشهر الكريم.
20 رمضان
الكل في طرابلس كان مشغولاً بالتحشيد ليوم 20 رمضان، لتحرير طرابلس ومطاراتها من قبضة المجموعات المسلحة التي تتمركز بها، في عملية عرفت بـ(فجر ليبيا)، تبنتها مجموعة من القيادات العسكرية، والسياسية. البيان الصادر باسم العملية –كما هو على شبكة التواصل الاجتماعي-، لم يحمل توقيع جهة ما أو من يتحول مسؤولية إصداره، إلا جملة تعريفية للـ(المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا).
الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية في طرابلس، فالكل مشغول بهذا المجهول القادم في 20 رمضان، الكل خائف، ويتحضر لهذا التاريخ، وكأن التاريخ يعيد نفسه، عادت (طرابلس يا حفرة الدم) نبوءة الشيخ “عبدالسلام الأسمر” للظهور من جديد، وصار الكل يرددها، أعرف أكثر من شخص أخرج عائلته خارج طرابلس، تحسباً لما يخفيه 20 رمضان.
تدخل
المتابع للخطاب الأمريكي الخارجي، ممثلاً في تصريحات الخارجية الأمريكية، وخطابات وأحاديث الرئيس الأمريكي “براك أوباما”، يخرج بخلاصة إن الولايات المتحدة الأمريكية، لم يعد من مصلحتها المشاركة في أي عملٍ عسكري، بشكل تدخلٍ عسكري على الأرض، إلا من خلال تقديم الخبرة أو الدعم الجوي، كما حدث مؤخراً في العراق، لمقاومة تقدم (داعش). لكنها من طرف خفي تلمح إلى إمكانية التدخل إذا دعت الحاجة.
وفي ظل ما يجري من حراك دعى إليه البعض، من أجل حملة توقيعات لتفويض القوى الدولية بالتدخل لحماية المدنيين في كل من طرابلس وبنغازي، فإننا على حافة تدخل أجنبي، كما حدث إبان التحرير، بحيث يقوم هذا التدخل على تحجيم المجموعات المسلحة، قدرة وقيادة، ومن ثم السماء بتواجد أجنبي على الأرض، لحفظ السلام وتمكين الدولة بمساعدة دولية. ولن يكون لدعوات الجهاد ضد الوجود الأجنبي أي صدى في المجتمع، وأعتقد إن الحضور الأمريكي سيكون فاعلاً وكبيراً. وهنا أشير للتحليق المستمر واليومي لطائرات المراقبة في سماء ليبيا، وبشكل مركز فوق كل من طرابلس وبنغازي، لمراقبة المشهد بشكل دائم، ومراقبة لاتصالات ووضع صورة ديناميكية مجسمة للمشهد الليبي لحظة بلحظة.
*
حفظ الله ليبيا
____________________________________________
* هكذا توصف الحكومة في الشارع الطرابلسي