السيدة منظومة

لا يوجد ليبي لم يذهب للمصرف يوماً وقيل له:

– معليش.. المنظومة واقفة؟؟؟

– يعني بعد ما انحلت مشكلة السيولة، تجينا المنظومة ادفسها.

نعم فبعد انتظار لأكثر من ساعتين في طابور طويل أماما شباك الصراف، لم تتكرم الهانم (سيدة منظومة) بالنزول من عرشها إلينا:

– اليوم أول يوم عمل في رمضان!!! .. تعبانة ومازال عندي نية في النوم!!!.. خلوهم يجوا غدوه.

يعلق أحد الواقفين:

– تي حتى كانا جت المتظومة، الساعة قريب الـ11:30، حيقولوك تعالى غدوه، باش الجماعة ما يخدموش لبعد الواحد.

يتدخل آخر:

– صدقت، خاصة المصرف هذا!!!، خدماته بالهون، ومديره مش مسيطر على الموظفين.

في لحظة صمت، ينبري أحد الشباب مخاطباً أحد موظفي المصرف:

– باهي، غير قولولنا وينها المنظومة، وأنا نمشي نجيبها.

أبتسم، وأحزن في ذات الوقت وأنا أشاهد الكثير من كبار السن والعجائز يجلسون في صمت، أو يبحثون عن كرسي للجلوس في صالة المصرف، إحدى السيدات كبيرات السن، كانت تبحث عن كرسي وهي بالكاد تتحرك، وحال جلوسها اتضح إنها تعاني من مشكلة في التنفس، وتحتاج المال:

– محتاجة يا وليدي، وهلبة هكي من الصبح والواحد يراجي، باهي يقولولنا إنه مافيش اليوم، خللي نروحوا، مش يربطونا، لا طابت لا نحرقت.

نعم، فالمدير في مكتبة ينعم بالتكييف، وبقية الموظفين اختفوا في الداخل يهدرزوا، والزبائن المناط بهم خدمتهم يقفون في طوابير ويتوزعون في صالة المصرف دون أن يفهم أحدهم شيئاً، وصدق التونسي (تحب تفهم ادوخ).

ساقني حديث وأحد الشباب، لسبب هذه المشاكل، فقلت:

– المشكلة في البنية التحتية للبلاد، الله يهلكه بوشفشوفة، 42 عام وما قدرش يدير شبكة اتصالات باهية يقدر الواحد يعبى عليها في الخدمة.. يعني على مطر، على مجاري فايضات، على واحد يبصر الشبكة اطيح، والمنظومة تتعطل.

– صدقت، هالطاغية خلاها خراب.

أضيف:

– بعدين عندنا مشكلة المركزية، يعني كل شي في البلاد مركزي. المنظومة مركزية، يعني ما فيش شبكة اتصال مافيش كيف تخش على المنظومة.. يعني لو دارو لكل مصرف خادم صغير!!!… يعني منظومة فرعية في المصرف فيها كل معلومات الزبائن.. راهو الخدمة ما تتعطلش، ولما تتوصل الشبكة، ساهل، تنتقل المعلومات الجديدة توماتيكي.

أحد الرجال خلفنا علق:

– أنا سمعت إن المنظومة اللي مركبينها صينية، على خاطر هكي ديما فيها أعطال.

حاولت تفسير فكرة الشبكة وطريقة عملها، حتى غمزني أحد الواقفين، وهو يقول:

– شوف لجهاز الصراف، فيه لامبة تشعل وتطفي، شكلها المنظومة وصلت.

شرحت له، إن هذه الإشارة الضوئية، تعني إن الجهاز موصل بالشبكة، وفي حال تبدل الإشارة مع اللون الأخضر سيكون دليلاً على دخول الجهاز للشبكة وتبادل البيانات.

بعد أكثر من ساعتين ونصف، قررت مغادرة مكاني، والخروج، واللحاق بمكانٍ أخر عرفت منه لماذا الشوارع فارغة من المارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.