غنيلي

ثلاثي غنيلي؛ عبدالهادي بالخياط – علي ماهر – علي فهمي خشيم

بالرغم من حداثة سني، إلا أني كنت ألتصق بالتلفزيون الجي في سي (ومن بعد القاريونس)، محاولاً فك طلاسم ما يقوله المغني، أو فهم ما يريد أن يقول.

كان التلفزيون الليبي كثيراً ما يعيد بث الأغاني، ويكررها حتى صرنا نحفظ النمط الذي تسير عليه خطة بث الأغاني، ومنها مت يبث لفترة ما بعد المساء، وهي الفترة التي تسبق مسلسل السهرة.

في ذلك السن، كنت أتساءل في نفسي، كيف لرجل بهذه الملامح الغليظة أن يتغنى بهذا الهدوء والاستسلام؟ وهل تتلى الصلوات؟ وكيف؟ وما معنى مقام الحب؟

أسئلة لم أستطع الإجابة عليها في وقتها، لكنها كانت تجعلني أجلس مستمعاً ومنتبهاً للكلمات والألحان، خاصة المقدمة الموسيقية المميزة، والفواصل التي تتبع حركات القصيدة.

أما القصيدة فهي (عنيلي الليلة)، من كلمات الدكتور “علي فهمي خشيم“، وألحان الموسيقار “علي ماهر“، وغناء الفنان المغربي الكبير “عبدالهادي بالخياط“، وهي مكونة من أربعة مقاطع، المقطع الأول، مدخل الأغنية ويكرر كلازمة، ثم ثلاثة مقاطع هي ثلاث لوحات رسمها الراحل “خشيم” بجمال وتأنق في اختيار المفردات، لتعكس حالة الوله والوجد الذي يريد الشاعر تحققها في المتلقي، وأبدع الموسيقار “علي ماهر” في صياغته للحن، ونجح لتكون هذه القصيدة قطعة فنية فريدة، فالفواصل الموسيقية كانت تختلف في كل مقطع، وتكون بمثابة المقدمة التي تهيئ السامع للمقطع التالي، خاصة المقطع الثالث، الذي يحاكي في سرعته دقات القلب لحظة ابتسامتها، وكيف يعود للهدوء رويداً رويداً حتى صلاة الملائكة، لنصل المقطع الأخير، وهو خاتمة العمل الذي جاء هادئ الإيقاع، ليوافق إيقاع القصيدة، أو اللوحة الختامية، التي تصور رضى الشاعر بحلمه المقدر، وهي رسالة عمل الموسيقار “علي ماهر” على الاتكاء عليها بنية التوكيد.

الجميل أنه مع الوقت، بدأت أفهم وأعي كلمات القصيدة، واتعلق بها أكثر. وأذكر إني تحدثت في أحد اللقاءات القليلة حولها مع الراحل “علي فهمي خشيم” بمقر رابطة الأدباء والكتاب في طرابلس، على هامش أحد النشاطات. والأجمل إن هذه الأغنية عند متابعتي لها على الإنترنت وجدت الكثير من ردود الفعل الإيجابية التي تستحسن وتستعذب هذا العمل الغنائي.

قصيدة: غنيلي الليلة

غناء: عبدالهادي بلخياط
كلمات: علي فهمي خشيم
لحن الموسيقار: علي ماهر

غنيلي الليلة غنيلي من عمق القلب
ضميني يا دفء حياتي بإطار الحب
مدي عينيك الساحرتين الى عيني
وضعي كفيك الدافئتين الى كفي
ودعيني اتلو صلواتي لمقام الحب

یا همس اللیل المتلاحق عند الأسحار
یا فوح العطر المتناثر عبر النوار
ما أبىی النظر إلی عینیک الواسعتین
ما أحلی اللمسة من کفیک الدا فٸتین
ما أروع أن یجرفني معک التیار

يتداعى الكون إذا ما ابتسمت منك الشفتان
يتلاشى البدر إذا ما احمر الخدان
يتنامى في كفيك الزهر المخضل
يتناثر فوق الشعر المسدول الفل
وتصل في محراب الحسن ملائكة الرحمن.

لا يلقى الراحة إلا في العش العصفور
وفراش الليل المتبتل يسحره النور
يا عش العصفور الهائم في الأحلام
يا نور العمر المترامي عبر الأيام
غنيلي الليلة يا حلم القدر المقدور

رأيان على ”غنيلي

  1. عبدالحكيم الطياري يقول:

    مستوى من الإبداع الأدبي والفني وحالة من النشوة والزهو والفرح المشترك مع المحبوب هي حالة ما بين الملاىكية والإنسانية
    رحم الله الفقيد الدكتور

اترك رداً على عبدالحكيم الطياري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.