كلما سمع ابني “يحيى” الرصاص يقول ليبيا حرة، وعندما تعرض في بيت جده لهجوم غادر من أحد المجموعات المسلحة رسخ هذا الاعتداء بـ(ليبيا حرة)، فصارت مرادفاً لأي إطلاق نار أو عمل يستخدم فيه السلاح، وعندما يبدأ الشباب إطلاق الألعاب النارية في الليل -في طل ليلة-، وأدعوه للدخول للبيت، يرد علي:
– لا بابا، هادي ألعاب نارية.. مش ليبيا حرة.
عندما زرنا مصر لحضور معرض الكتاب، وعندما علم برجوعنا، اعترض صراحة:
– لا لا لا .. ليبيا حرة.. ليبيا فيها سلاح. طف طف.
وبالأمس كنت في رحلة لمرافقة أحد الطائرات، وهذا اضطرني للمبيت في حقل (زلة) التابع لشركة (الزويتينة)، حيث لا توجد تغطية ومن الصعب الاتصال عبر الهاتف الأرضي. وسمعت ما حدث في طرابلس بمنطقتي (الهضبة وبوسليم). مرت الليلة صعبة. وحال وصولي طرابلس بادرت للاتصال والاطمئنان، وكان الفزع واضحاً في صوت زوجتي وابني.
لله الأمر من قبل ومن بعد.. ليبيا صارت ملطشة.. كما يعلق أحد الأخوة العرب.. وصارت مثالاً لثمار الربيع العربي، الفاشلة. لا لشيء إلا لأنا كليبيين ظهرنا على حقيقتنا. كشعب لا يحب بعضه، ويضمر الكثير من الأحقاد في قلبه. ولا من أحد يخاف على مصلحة البلاد إلا من رحم ربي. في لحظات كثيرة صرت أندم على الفرص التي تركتها للبقاء خارج، وأحدث نفسي:
– كم كان ردي غبياً: بلادي في حاجة أكثر لخبرتي.
كم من الدم سنسفك قبل الوصول لبر الأمان؟
أم إنا نحتاج ليدٍ خارجية -قوية- لفرض الأمن؟
حفظ الله ليبيا