ترجع علاقتي بالمدارس الخاصة للعام 1977 عندما تم إلحاقي بروضة (دار البراعم للفنون)، ومن ثم في العام 1978 للدراسة بالسنة الأولى، بمدرسة (دار براعم الأقصى)، بمنطقة (وسعاية ابديري)، ولا زلت أذكر طابور الصباح، وصرامة أبلة “صباح” في متابعتها لكل صغيرة وكبيرة في المدرسة. في العام التالي، تم إيقاف المدارس الخاصة، واتجه الجميع للتعليم العام، فنقلني والدي إلى مدرسة (الفيحاء الابتدائية) بمنطقة فشلوم، بطرابلس.
في بداية تسعينيات القرن الماضي، سمحت الدولة الليبية بعودة المدارس الخاصة، ومع الأيام تحولت ازداد عددها، وصارت أحد طرق الاستثمار، من خلال جلب أساليب ومناهج غربية، وبدات المنافسة تأخذ شكلاً جديداً، من خلال عرض الإمكانيات وما تقدمه للطلاب.
عادت علاقتي بالمدارس الخاصة من خلال ابني، الذي قررنا ووالدته إلحاقه بأحد المدارس الخاصة بصف التمهيدي، فقمنا سوية بمراجعة المدارس الخاصة القريبة من محل سكنانا، واخترنا الأفضل من خلال السؤال وما تقدمه من برامج تعليمية، وهذا ما تم.
ظل ابني “يحي”، في مدرسته، حتى إتمامه الصف الأول الابتدائي، ولتجبرنا الظروف على نقله لمدرسة أخرى، خاصة أيضاً.
خلال السنوات الثلاث، من علاقتنا بالمدرسة الخاصة، وما يصلنا من ملاحظات ومعلومات وحكايات، حول المدارس الخاصة بشكلٍ عام، تكونت لدي مجموعة من الملاحظات، أحببت مشاركتها وإياكم:
– أغلب المدارس الخاصة، تعمل على تلوين واجهتها الخارجية، وتزيينها قدر ما يمكن، دون العناية ببيتها الداخلي، خاصة فيما يتعلق بهيئة التدريس بها.
– التدريس في أغلب المدار الخاصة لا يختلف عنه في المدارس العامة، إلا من ناحية عدد التلاميذ داخل الفصل.
– لا تتمتع المدارس الخاصة في غالبيتها بمواصفات البناء المدرسي، فهي في الأصل مبان سكنية حولت إلى مدارس.
– بالتالي افتقارها إلى أنظمة الأمن والسلامة.
– وأيضاً افتقارها إلى أدوات الإسعافات الأولية.
– ومن ناحية أخرى، تسببها في مضايقات مباشرة للجيران نتيجة الازدحام عندها خلال فترة دخول التلاميذ وخروجهم من المدرسة.
– عدم الاهتمام بالمشاكل الخاصة بالتلميذ، أو مراقبته بالشكل المطلوب، خاصة في حال التعرض للحوادث، إذ ينتهي دور المدرسة بالاتصال بالأهل.
– تهاون بعض المؤسسات في التدريس ورصد الدرجات، خاصة في مستويات التعليم مع بعد المرحلة الابتدائية.
– مع إن التلميذ هو مصدر تمويل المدرسة الخاصة، إلا أن الإدارة قد تقف في صف المدرس/المدرسة، في حال حدوث مشكلة بينه وبين التلميذ.
– المدارس الخاصة التي تقدم بعض البرامج التعليمية الخاصة بها، في العادة ينقصها المدرس المؤهل لتنفيذ البرنامج التعليمي، وبشكلٍ خاص في برامج اللغة الإنجليزية.
– مما اكتشفته إن المدارس الخاصة تعتمد على الصيت؛ لذا في تعمل بجد خلال سنوات البداية الأولى، وعندما تجد أنها وصلت من القبول للحد الذي تريد، تبدأ في العمل من أجل تعويض ما فاتها مادياً.
سألت مدير أحد المدارس الخاصة، في جلسة اجتماعية، عن المدارس الخاصة أجابني: المدارس الخاصة بزنس مضمون، وإلا ما قعدت فيه قريب 12 عام، ومن الاول تعرف روحك رابح ولا خاسر، والحمد لله عندي 3 مدارس، ووحدة منهم في العشية معهد.
في ختام هذه التدوينة، لا يعني ما سبق، أن المدارس الخاصة في العموم لا ترقى للمستوى المطلوب، فهناك مدارس خاصة، تقدم مستوى تعليمي منافس، وغير مسبوق في بعض نواحيه، وهي أيضاً استثمار تعليمي مميز.
كما وأريد التنبيه، على ضرورة أن يكون للدولة عين على هذه المدارس، وتقييم أدائها، ومراجعتها، وألا يكون منح التراخيص إلا من خلال منظومة تضمن قيام هذه المؤسسات التعليمية بالواجب المناط بها.
*
حفظ الله ليبيا.
المدارس الخاصة وما أدراك ما المدارس الخاصة!!!
الملاحظات التي أوردتها في مقالك جيدة، وياليت التعليم في ليبيا ينتبه لهذا الأمر، كون كثرة المدارس الخاصة، جعلها أحد أبواب الكسب دون النظر لما يقدم فيها من علم ومعرفة أو تربية.