تعليق على خبر قصف الناتو لمواقع في ليبيا صباح 18-8-2014

أفقت هذا الصباح، على خبر القصف الجوي الذي تعرضت له بعض مواقع الدروع بمنطقة وادي الربيع. وأكثر من تأكيد بأن طائرات الناتو هي من نفذت هذا القصف. حيث ضجت صفحات التواصل الاجتماعي بهذا الحدث، بين تأكيد ونفي لوجود أو لسماع طائرات تحلق، ليدخل الأمر مرحلة الشطح الليبي في التخييل والتخوين مداه.

الفرضية الأولى: القصف الجوي.

احتمال 1

بفرض إن قوات حلف الشمال الأطلسي (NATO) قد نفذت طلعات جوية في سماء ليبيا. فإنها لن توجه نيرانها إلى مناطق تمركز الدروع أو قوات فجر ليبيا، إنما ستطال نيرانها مواقع تمركز كتائب القعقاع والصواعق، أو الجيش الليبي. وبذلك يضمن الحلف ثبات الوضع على الأرض –عسكرياً-، ويحقق بذلك قرار وقف إطلاق النار، والتعرض لأي قوة قد تتحرك أو تخالف هذا القرار، والجلوس لطاولة الحوار، والانحياز للمسار الديمقراطي.

احتمال 2

يعتمد هذا الاحتمال، أن من قام بعملية القصف الجوي، هي طائرات ليبية أقلعت من قاعدة (الوطية)، أو من أحد قواعد المنطقة الشرقية، كما ذهب البعض. وفي يقيني أنه لا يمكن لأي طائرة ليبية الإقلاع وتنفيذ كهذا مهام، لمجموعة من الأسباب أهمها:

– أن الطائرات الليبي، طائرات غير مجهزة لتنفيذ مهام ليلية بدقة عالية، كونها قديمة الطراز، وتعتمد على براعة الطيار في تحديد المواقع والتهديف.

– التدريب الخاص بالطيران الليلي متوقف منذ فترة طويلة.

– عدم جهوزية الطائرات الليبية نظراً لتوقفها لفترات طويلة دون صيانة.

– مدى الطائرات لا يسمح لها تنفيذ مهام بعيدة عن قواعدها لأكثر من ألف كيلومتر.

احتمال 3

لا أستطيع التفكير فيه، عن دخول طائرات من أحد الدول القريبة لتنفيذ هذا القصف. وهو مالا يقبله عقلي الصغير.

الفرضية الثانية: لا قصف جدوي.

وهي ما أعتقها، إنه لا وجود لعملية قصف جوي. فبعد مراجعة لمواقع وكالات الأنباء العالمية، موقعي الاتحاد الأوربي، وحلف الشمال الأطلسي، لم ترد أي معلومة أو خبر عن تنفيذ قصف جوي في ليبيا.

فالمبدأ الذي اعتمده مجلس النواب في طلبه للتدخل الأجنبي، هو وجود قوة عسكرية على قدرة وكفاءة، لإجبار أطراف النزاع على إيقاف العمليات العسكرية والانسحاب من مواقعها والتمركز خارج المدن، وضمان عدم وجود أي خروقات، لضمان سير العملية الديمقراطية في مسارها الطبيعي حتى موعد اختيار رئيس البلاد، وإعلام الدولة الليبية.

إذن لماذا الحديث عن قصف جوي، موجه لقوات فجر ليبيا؟

في ظني إن الأمر لا يعدو كونه محاولة للتشويش، أو لكسب بعض الوقت،  من أحد الأطراف كعملية تمويهية. أو هي محاولة لتحميس الشارع ضد قرار التدخل الأجنبي.

أو إنها مجرد خرط فيسبوكي.

*

حفظ الله ليبيا

الشّعبُ الطّيب

حكايات ليبية

تدمير

“روجر” مهندسٌ كندي، قبل قدومه للعمل بليبيا، كان يعمل بالإمارات. ولأنا زملاء، فإن أوقات الفراغ من العمل، نقضي أغلبها في الحديث في الكثير من الأمور، العامة والخاصة –أحياناً-. ولأنه متابعٌ جيد لجديد هوليود، فكانت السينما موضوعاً مشتركاً لأغلب حديثنا، متابعة، وتعليقاً على الأفلام والممثلين.

أحداث طرابلس الأخيرة، كانت الموضوع الذي استأثر باهتمام الجميع دون استثناء، خاصة وإن “روجر” لم يخرج مع الرعايا الأجانب، وقرر البقاء كما هي مواعيد جدول عمله. وفي ذات جلسة، قادنا الحديث إلى السياحة والمناطق والمزارات السياحية في ليبيا، من غدامس غرباً، مروراً بصبراتة ولبدة الرومانيتين، حتى الوصول إلى طبرق التي احتضنت أقوى معارك الحرب العالمية الثانية بين الحلفاء والمحور. ليشمل الحديث مناطق كوادي الكوف، والأبرق، والجب الأخضر، وما تحويه الصحراء من كنوز لم يتم الكشف عنها بعد. تطقنا في حديثنا عن التعتيم الذي مُرس بشكل مقصود، حال دون استثمار هذه الموارد بالشكل الأمثل، لتنمية البلاد، وخلق مواطن شغل، وجلب للاستثمارات.

لحظتها تدخل “روجر” متسائلاً:

– شعب يملك كل هذه المقدرات والإمكانيات، لماذا يقوم بتدمير بلاده؟

الشعب الطيب

كانت جلسة حميمية، جمعتني وزوجتي مع مجموعة من الأصدقاء الإنجليز، باستثناء “ستيوارت” الايرلندي. كان الحديث يتنقل بنا من موضوعٍ لآخر، حتى وصلنا الوطن العربي، وحديث عن المجتمع العربي ثقافة وتقاليد، هنا ضحك “ستيورت”، وقال:

– عندما زرت (……….)، تم استغلالي بشكل سخيف ومبالغ فيه، فكنت أشتري الأشياء بضعف الثمن، أما أكبر استغلال، فكان يوم أن تم إلباسي لباساً تقليدياً للتصوير مقابل 100 دولار.

هنا التفتت الصديقة “هيلينا”، سائلة:

– كيف أنتم في ليبيا؟، هل عندكم ذات الشيء؟ على الأقل أنتم دولة نفطية غنية!!!.

هنا تقاسمت الحديث وزوجتي، في بيان طيبة الشعب الليبي، وما يتمتع به من كرم حاتمي، وكيف يجد عندهم الغريب حاجته، وكيف يحترم مجتمعنا المحافظ الأجنبي ويعامله معاملة ابن البلد وزيادة. وحكيت لها حكايات بعض الأجانب الذين يعملون في ليبيا منذ سنوات طويلة، ومازالوا يصرون على الاستمرار في أعمالهم، ومنهم السيد “مارك سلاي” الذي وقتها أمضى أكثر من 26 سنة كمدرس للغة الإنجليزية، ضمن إدارة التدريب بـ(شركة سرت للنفط).

عند مغادرتنا بريطانيا، كانت “هيلينا” الصديق والأخت، في وداعنا في مطار (نيوكاسل)، وكانت آخر كلماتها:

– سأزوركم في ليبيا.

كانت الاتصالات فيما بيننا بكل مستمر، حتى تم الاتفاق على أن تكون زيارة “هيلينا” في أبريل 2011. لكن فبراير حجب المشهد. آخر اتصال لها كان في مارس 2011، حيث كانت تطمئن عن حالنا، وفي ختام اتصالها قالت: سنخصص اليوم جزء من صلاتنا لحماية الليبيين.

حال تحرير طرابلس، وعودة الاتصالات، اتصلنا بها لطمأنتها، وتجديد الدعوة، خاصة وليبيا تدخل عهداً جديداً. لكن الأحداث في ليبيا سارت عكس ما نهوى. ثالث أيام عيد الفطر الماضي، اتصلت “هيلينا” للتهنئة والمباركة، وكالعادة استمر الحديث أكثر من ساعة، بمشاركة والدتها، تحدثنا فيها عن كل شيء، خاصة ما يجري في طرابلس، وأنها تتابع ما يحدث باهتمام، لتسأل:

– رامز، أين هو الشعب الطيب الذي أخبرتني عنه؟

وطن الهوية

“فائق” شاب ليبي، ورب لأسرة صغيرة (راسين ورويّس). يمارس حياته اليومية بشكل اعتيادي ككل الليبيين البسطاء، لا تشغله السياسة ولا أمور السلطة، كل همه توفير لقمة عيش حلال، والإخلاص في العمل، وهكذا بعد التحرير كان من السباقين للالتحاق بالعمل:

– يا ولاد، هذا وقت الخدمة.

لفترة افتقدناه من المشهد اليومي، سألت قيل إنه في إجازة، هاتفه مقفل، والجميع يؤكد أنه خارج ليبيا، أما أحد الزملاء، فأكد إنه قد باع شقته؛ التي كافح واجتهد من أجل الحصول عليها. وهكذا حتى وجدت يوماً الزملاء في هرج، لأدرك أن “فائق” يتوسط الجلسة، وضحكته تستأثر بمساحة وجهه. وكنت محظوظاً لأنه كان في بداية سرده لقصته. يحكي:

تشوفوا في الوضع، قلنا البلاد تحررت، وهذا وقت الخدمة الحقاني. لكن آهو، لعبوا فيها، وكل يوم نكتشفوا في خازوق. وبدت نهيبة والخدمات كل يوم لتالي. ففي يوم كنت ندور على ورقة، فجأة طحت في شهادة الميلاد بتاعي، فتحت الغلاف وقريتها، وانت عارفين أني مولود بره. حطيتها على جنب، لين طحت في الورقة اللي نبيها، وبنرجع الورق للشنطة، تسلحبت شهادة الميلاد، وطاحت بعيد، تقول ما تبيش تخش للشنطة، لحظتها خطر في بالي، قلت: علاش لا؟ خللي نحاول.

تاني يوم الصبح، مشيت للسفارة، وطلبت مقابلة، خشيت وريتلهم شهادة الميلاد وجواز سفر الوالد للمدة اللي قعدها غادي. خدوا الوراقي وقالولي: توه نتصلوا بيك. بيني وبينكم، قلت آهي محاولة وخلاص.

فات اسبوع، لقيت السفارة تتصل، وطالبين شوية أوراق وصور للعويلة، مشيت في الموعد، لقيت موظف يراجي فيا، عبالي شوية نماذج، وسؤال من هني وسؤال من غادي، طلعت على وعد بالاتصال في أقرب فرصة.

فاتوا اسبوعين، اتصل بيا نفس الموظف، وقالي: مبروك جواز سفرك جاهز.

صدقوني ما صدقتش، روحت للحوش وقعدت نتناقش مع العويلة، وبعيدين استشرت الوالد والوالدة وخوتي، وقلتلهم رانس قررت بنطلع بره البلاد. على الأقل لا في مشاكل، والوليد يحصل تعليم كويس.

وتوكلت على ربي، ورتبت أموري، اتصلت بالسفارة وبلغتهم، ماني مواطن أوربي توه، وزي ماقالولي لما وصلت المطار لقيت موظف في استقبالي، اللي تملي الإجراءات، ووصلني بمحامي باش يكمل باقي الإجراءات. بعدها روحت لطرابلس، وبعت الشقة، ورجعت وقعدت لين العويلة خدوا عالجو وتعلموا كيف يتصرفوا ويمشوا ويجوا.

تبو الحق، الأمور غادي بالنسبة ليا أكبر من عقلي اللي تعود على هيدقة الليبيين. الأسبوع الأول كلها قعدنا نتعلموا كيف نقصوا الطريق، وكيف من الضروري نمشوا في المسار المخصص للمشاه، وكيف نعرفوا مواعيد الباصات وكيف تقرا الخريطة اللي في المحطة، جمل وطاح في باسطي.

وآهو زي ماتشوفواـ حولت للعمل التناوبي، وبين هني وغادي.

عندها غادرت.

المجموعات المسلحة بين الحل والرفع

ليبيات 42

ثلاث أسباب –أراها- تمنع مجلس النواب الليبي، من حل أو رفع الشرعية عن التشكيلات المسلحة في ليبيا:

السبب الأول؛ الوضع الحالي على الأرض، متمثلاً في المواجهات المسلحة التي عرفتها مدينتي بنغازي وطرابلس، من اقتتال طال أثره المدنيين العزّل، ومنشآت الدولة والمرافق الخدمية، لعل أهمها مطار طرابلس العالمي، والمرافق التابعة له. وما صاحب هذا الصراع من أزمات، جعلت مستوى الأمان والخدمات في أدنى مستوياته، خاصة الخدمات الصحية منها.

السبب الثاني؛ القوة التي تتمتع بهذا هذه التشكيلات المسلحة عدداً وعدة، وولائها لقادتها، بالرغم من تبعيتها للدولة. الأمر الذي يمنحها الشرعية للاطلاع بما ترى إنه من مهامها. مما أكسبها السبق في مقابل الجيش الليبي، الذي قد يتفوق نوعياً بسلاحي البحر والجو، المعطلان.

السبب الثالث؛ وعي المجلس رئاسة وأعضاء، بحجم المسؤولية، وضرورة إيجاد حل لهذه المعضلة، بما يجنب البلاد الدخول في دوامة صراع مسلح أكبر، وفي ذات الوقت، يحقق توافقاً حتى الإيفاء بالاستحقاق الدستوري واختيار رئيساً للبلاد.

وفي ظل ما يتردد من آراء، متباينة بين الحل والرفع، أو التدخل الأجنبي. ففي ظني إن مجلس النواب الليبي في ظل التجاذبات السياسية، المتمثلة في مجموعة الـ18 نائباً الذين لم يلتحقوا، وما تحاوله من طعن في شرعية انعقاد المجلس، بالتعاون مع بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام ورئيسه، وشخصيات سياسية وأحزاب، سيكون على قدر المهمة –بإذن الله-، ولن يتسرع في اتخاذ أي قرارات مما يروج لها إعلامياً، باتجاه حل التشكيلات المسلحة أو رفع غطاء الشرعية عنها، وما استجواب السيد رئيس الأركان، وإلغاء قرار إقالة الضباط، إلا خطوة أولى في اتجاه الحل، الذي أراه سيركز على إعادة هيكلة المنظومة العسكرية الليبية بشكل كامل، يضمن الولاء للمؤسسة العسكرية –الجيش الليبي-، ويحقق الانضباط والتراتبية، بدون إبعاد القادة الحاليين أو إقصائهم، فالحل بهم ولهم، وخالصاً لليبيا.

أما آلية التنفيذ، فستكون –كما أتوقع- كالتالي:

1-    إيقاف العمليات العسكرية على الأرض، في كل من طرابلس وبنغازي. وانسحاب جميع التشكيلات المسلحة خارج المدن.

2-    إخلاء المعسكرات الموجودة داخل المدن من مظاهر التسلح.

3-    بحضور ومراقبة طرف محايد؛ إقليمي (عربي / أفريقي) أو دولي، وأفضّل الأخير.

4-    الجلوس إلى طاولة حوار محددة السقف والجوانب.

5-    ميثاق شرف يضمن اتفاق وتعهد جميع الأطراف بالإيفاء بواجباتهم اتجاه الوطن، وإيمان أن الهدف والغاية هي ليبيا.

6-    الاعتماد على الخبرات الخارجية في إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، بما يضمن ولاءها للدولة الليبية.

7-    وتوازياً، البدء في مشروع المصالحة الوطنية.

*

حفظ الله ليبيا

تعليق على أداء مجلس النواب

أثناء تقديم المرشحين لمنصب نائب رئيس مجلس النواب أنفسهم، تقدم السيد “امحمد شعيب” بمجموعة من الملاحظات، التي عكست وعياً بالمسؤوليات الملقاة على عاتق المجلس، ومن جملة الملاحظات التي أوردها السيد “شعيب” ملاحظات، أرهما جديرتان بالانتباه، وأن يتبناهما المجلس، رئاسة وأعضاءً، في تسيير أعماله.

عن الشبكة

عن الشبكة

أولى هذه النقاط، الواجهة الإعلامية، بحيث تكون ثمة قناة واحدة، تمثل صوت المجلس، لنقل قراراته وتصريحاته، وما يصدر عنه من بيانات. الأمر الذي يجعل من الصعب على أي وسيلة إعلامية أخرى، الخروج بتصريحات أو بث أي معلومة بالشكل الذي تريد.

النقطة الثانية، وهي في ذات توجه النقطة الأولى، هو إبقاء ما يتم تداوله من قضايا داخل المجلس، ضمن نطاق القاعة. بحيث لا يسمح بتداول أي قضايا بشكل علني أو من خلال اللقاءات أو المنابر الإعلامية، أو كما يحدث من خلال حسابات بعض النواب على الفيس.

بالتالي، على نوابنا الكرام، التنبه لهذه النقاط، حتى يمكن للمجلس السير بخطى ثابتة، بعيدة عن التشويش، أو التشويه، والطعن. وسيكون من الأفضل صياغة ميثاق عمل للمجلس، ينظم سيره.

*

حفظ الله ليبيا

 ____________

الموقع الرسمي لمجلس النواب