تعليق على نشر مقطع مصور للتحقيق مع رئيس المؤتمر السيد: نوري أبوسهمين

لم أشاهد المقطع، ولم أسع لمشاهدته، بالرغم من الحديث الكثير حوله، وانشغال الشارع الليبي به، حد حفظ بعض مقاطعه، وإنتاج النكت والتعليقات، والكتابة على الحوائط في الشوارع بالأسماء الصريحة.

عن شخصي، لم يغير هذا المقطع –الذي لم أشاهده- من موقفي اتجاه السيد “نوري أبوسهمين” رئيس المؤتمر الوطني العام، فهو لم يكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وكان عدم اتفاقه والسيد “علي زيدان” رئيس الحكومة الليبية المؤقتة –سابقاً-، واضحاً للعيان.

ثم بعيداً عن كل ما أريد إظهاره من خلال المقطع –كما وصلني من خلال الحديث الكثير حوله-، فهذا الأسلوب الابتزازي، يعكس ضعف الطرف الآخر، أو الذي يهمه نشر هذا المقطع، ومدى ما يمكن أن يصل إليه من أجل تحقيق غاياته. فنشر هذا المقطع، ليس عملاً وطنياً، بقدر ما هو عملية لإرباك المواطن البسيط، وتهييج للشارع، وإتاحة الفرصة لضعاف النفوس من التصرف بشكل متهور وغير مسؤول.

من جانب آخر، عكست ردود أفعال الشارع، امتعاضها من هذا الأسلوب غير الأخلاقي، في إشارة مباشرة لشخص “هيثم التاجوري”، واعتبرت إن هذا العمل –لو هو من قام عليه- عمل غير مبرر وغير مسؤول، وينم عن محاولة للضغط على المؤتمر، ممثلاً في شخص “أبوسهمين”.

وبشكل عام، تعكس هذه العملية، ما وصلنا إليه كمجتمع من تدهور أخلاقي، على جميع المستويات، وكيف تدار الأمور في ليبيا، وكيف تزال جميع الاعتبارات من أجل تحقيق المصالح وتمرير الإجندات.

*

 

لكن الذي يشغلني بشكل كبير؛

لماذا خرج هذا المقطع الآن؟ توقيتاً؟.

هل ثمة مخطط أو تداعيات ما، يراد لها أن تكون، عقب نشر هذا المقطع؟.

*

حفظ الله ليبيا

تقسيم

ليبيات 32

كلنا بنغازي

عندما انتفضت بنغازي في فبراير، لم تكن وحدها الكل أدرك إنها الشرارة التي لابد من المحافظة عليها حتى تشب الثورة وتشتعل. وقتها كنت في (البريقة)1، وكنت أتابع حراكاً شعبياً عفوياً ينادي بسقوط نظام القذافي. وعبر الهاتف أسمع هتاف الشارع في طرابلس (بالروح بالدم نفديك يا بنغازي).

وعندما تحدث نظام القذافي عن التقسيم، أجابه الشارع بأنه: لا شرقية ولا غربية .. ليبيا وحدة وطنية.

وعندما تحررت المناطق الشرقية، واتجهت غرباً في مواجهة مع كتائب القذافي، لم تتوقف عن الخط الذي رسمه، أو حاول رسمه، بل كافحت من أجل أن تعم الثورة كل ليبيا، وكانت ساحة التحرير في بنغازي تنادي:

يا شباب العاصمة .. نبو الليلة حاسمة.

يا شباب الزاوية .. نبو الليلة ضاوية.

ومن ينسى قصيدة الشاعر “سعد العمروني” التي حفظها أهالي طرابلس، وكانت لهم عوناً وعقيدة:

ياطرابلس قوليلا.. وإنت العاصمة ما عندنا تبديلة

ليبيا واحدة.. يا طرابلس قوليلا.

فدرالية

تحررت العاصمة في 20 أغسطس، وانتهى القذافي في 20 أكتوبر. وأعلنت ليبيا محررة، لدخول عهدٍ جديد. لكن خبر المبتدأ جاء على غير المتوقع، فكانت أول الدعوات والتوجهات التي ظهرت، هي دعوى الفدرالية، التي انطلقت من مجموعة في بنغازي، في حراك حاول التنظير للفدرالية كونها الواقع الذي كانت عليه ليبيا، قبل انقلاب القذافي، لكن الشارع في بنغازي وفي كل ليبيا خرج ضد هذا الطرح وانتخب (المؤتمر الوطني العام).

ليبيا الفدرالية

واستمر دعاة الفدرالية، في طرح دعواهم على إنها أسلوب إداري لا تقسيمي، حتى إعلان برقة كإقليم، وإعلان قوة دفاع برقة، كقوة عسكرية حامية له، ومكتب سياسي برئاسة السيد “إبراهيم جضران” الذي قام على وقف تصدير النفط، على خلفية مسألة تتعلق ببيع النفط بلا عدادات، ثبت عدم صحتها، ثم تحول الأمر إلى محاولة لبيع النفط، خارج سيادة الدولة، أكثر من مرة، حتى دخول الناقلة “مورنينج جلوري” ميناء السدرة النفطي، والتابع لشركة الواحة، وتعبئتها، وهروبها إلى المياه الإقليمية وقبض البحرية الأمريكية عليها لإرجاعها إلي ليبيا، بشكل بعيد عن التفاصيل.

تقسيم

مسألة الفدرالية وبرقة والإقليم، بدأت بشكل هادئ ثم علني، وعندما أنكرها الشارع، في مناطق الشرق بشكل خاص، هدأت وبدأت في العمل على القاعدة، حتى إعلان الإقليم، والهدف المعلن هو إقليم فدرالي إداري يتبع الدولة الليبية. وعند هذه النقطة، لم يكن حراك الشارع على المستوى المطلوب، في حالة تواطؤ شبه معلنة، نتيجة لضعف أداء المؤتمر والحكومة.

وعندما احتفل بدخول السفينة ميناء السدرة، أعلن إن قيمة الشحنة ستوزع بين الأقاليم –لاحظوا معي استخدام مصطلح الأقاليم، بدل الدولة-، وأن النفط هو لكل الليبيين.

وعندما تم التعرض للسفينة، وأعلنت الخارجية الأمريكية اعتراضها على الأمر، تغيرت الخطاب، ليعلن بشكل علني أن الحصة مضمونة، وكأن من شحن يملك الحق.

وعندما قامت البحرية الأمريكية باعتراض الناقلة، لتسليمها إلى ليبيا، تحول الخطاب إلى التخوين، وتحولت الشحنة إلى حق برقاوي سلبته حكومة طرابلس. وبعيداً عما صاحب هذه الأحداث من تفاصيل –أيضاً-. فإن الأمر بات واضحاً، وهو تقسيم ليبيا، والاستحواذ على النفط، خاصة وأن تحركاً بقيادة السيد “خليفة حفتر” سار على ذات الاتجاه، في استقطاب بعض المجموعات.

انفصال

لو سرنا على ذات المبدأ، الانفصالي الفدرالي، فإن ولاية برقة أو إقليم برقة، قد قام بعمل عسكري عدائي على أراض لا تتبعه، من خلال سيطرة (قوات دفاع برقة) على ميناء السدرة النفطي، والذي يعتبر خارج حدود الإقليم البرقاوي. الأمر الذي لا تلم عليه أي قوة تتحرك للدفاع ضده، خاصة وإنها تقدمت حتى مدينة (سرت).

ليبيا واحدة

لو كان الهدف الانفصال، ليتم الأمر بشكل حضاري، يضمن الحقوق وماء الوجه، بحيث يعرض الأمر شعبياً، في أمر انفصال برقة عن ليبيا، تحت إشراف الأمم المتحدة، ويمكن لإقليم برقة أن يستفتي كما يحدث في شبه جزيرة القرم الآن.

لكن علينا قبل الذهاب في هذا الأمر، التفكير بشكل عقلاني، وتوسيع دائرة النظر والتفكير، بعيداً عن المصالح، والنفط، للنظر للمستفيد الأكبر من هذا التقسيم، خاصة وإن حملة إعلامية مصرية تتحدث عن حدود جديدة لدولة مصر الجارة الشقيقة.

ثم إذا كان مؤسسو الدولة الليبية الأوائل من حملوا على أكتافهم هم استقلال ليبيا وبنائها دولة تؤمن بالحرية والعدالة لم، ساروا بالدولة إلى الاتحاد، فهل من المنطقي العودة بها إلى العهد الذي كانت فيه كل ولاية تقاد من خلال الأجنبي، بريطانيا، وإيطاليا وفرنسا. والعودة بمشروع بيفن-سفورز.

حقائق*

تأسست المملكة الليبية بعد استقلال ليبيا في 24 ديسمبر 1951 وعاصمتها مدينتي طرابلس وبنغازي حتى عام 1963، ثم البيضاء من 1963 حتى 1969. سميت في البداية باسم المملكة الليبية المتحدة حتى 26 أبريل 1963 حين عُّدل إلى (المملكة الليبية) وذلك بعد إلغاء النظام الاتحادي الذي كان يجمع بين الولايات الليبية الثلاث طرابلس، وبرقة، وفزان. واستمرت تلك المملكة حتى الانقلاب الذي قاده معمر القذافي في 1 سبتمبر 1969 والذي أنهى حكم الملك ادريس الأول والغاء الملكية وإنشاء الجمهورية العربية الليبية.

حينما حصلت ليبيا على استقلالها كان عدد سكان المملكة قد جاوز المليون نسمة غالبيتهم في ولاية طرابلس والبقية في ولايتي برقة وفزان.

وفي عام 1954 أجري في ليبيا أول إحصاء رسمي للسكان وأعلنت نتائج الإحصاء في عام 1955، وبحسب الإحصاء فإن سكان إقليم طرابس يبلغون 1,090,830 وإقليم برقه 290,328 أما فزان فنحو 54,438 نسمة.

وبعد عشر سنوات أجري التعداد الثاني في عام 1964 حيث بلغ مجموع سكان البلاد 1,559,399 نسمة وفي عام 1968 قدر عدد السكان بنحو 1,802,000 نسمة فيما أظهرت نتائج أول إحصاء بعد الانقلاب العسكري أن عدد سكان ليبيا يبلغون 2,249,237 نسمة وقد أجري الإحصاء عام 1973 وهو ثالث إحصاء رسمي في تاريخ ليبيا.

كانت المملكة تنقسم إلى 3 ولايات هي ولاية طرابلس وولاية برقة وولاية فزان، وتمتعت كل ولاية من الولايات الثلاث بالحكم الذاتي من خلال حكومة إقليمية إضافة إلى مجلس نيابي محلي. ولاية طرابلس هي الولاية الأكثر سكاناً والأصغر مساحة من بين ولايات المملكة الليبية، أما فزان هي الولاية الأقل سكانا، في حين كانت ولاية برقة الأكبر مساحة بين الولايات المملكة الليبية.

التقسيم الإداري للمملكة الليبية 1951-1963

التقسيم الإداري للمملكة الليبية 1951-1963

ولاية طرابلس، العاصمة: طرابلس، المساحة: 276,000 كم مربع.

ولاية برقة، العاصمة: بنغازي، المساح: 850,000 كم مربع.

ولاية فزان، العاصمة: سبها، المساحة: 631,000 كم مربع.

التقسيم الإداري للمملكة الليبية من عام 1963-1969

التقسيم الإداري للمملكة الليبية من عام 1963-1969

بعد التعديلات الدستورية لعام 1963 تم حل الولايات الثلاث التي تتألف منها المملكة الليبية وتشكيل بدلا منها 10 محافظات جديدة هي: محافظة البيضاء، محافظة الخمس، محافظة أوباري، محافظة الزاوية، محافظة بنغازي، محافظة درنة، محافظة غريان، محافظة مصراتة، محافظة سبها، محافظة طرابلس.

____________________

* للمزيد اضغط هـــنـــا.

اقتباس

شعب يكره الحرية

ليبيات 31

حراك

كم كان ذلك الحراك الشعبي رائعاً وراقياً في تعاطيه لأحد أهم قضايا الساعة سياسياً في ليبيا، وأقصد موقف الشارع من تمديد المؤتمر الوطني لأجل بقائه، بين مؤيد (نعم للشرعية)، ومعارض (لا للتمديد).

أكثر ما أعجبني في هذا الحراك، عفويته، والخروج البسيط لكل شرائح المجتمع، سواء مع أو ضد، المهم في الأمر هو سلمية هذا الحراك، وشكله الحضاري في التعبير عن الرفض بقولة (لا للتمديد) الأمر الذي جاءت نتائجه مباشرة من خلال استقالة بعض أعضاء المؤتمر، استجابة المؤتمر بطرح خطة طريق، والعمل بشأن انتخابات مبكرة.

وكما أشرت في تعليق على هذا الحراك من خلال حائطي على الفيسبوك، إن هذا الحراك جاء على غير المتوقع من البعض، ممن لا يريدون لهذا الوجه الحضاري أن يكون حاضراً في المشهد، خاصة من حاولوا الترويج لفكرة لا سلمية هذه المسيران، وغوغائيتها وتهديدها لمقار مؤسسات الدولة.

وأضفت، أنه حتى بالرغم من محاولة العمل العسكري، الذي جاء من كتيبتي (القعقاع والصواعق)، زاد من قناعة الشارع بحراكه وإيمانه بالشكل السلمي الذي اتخذه للمطالبة بحقه.

ثقة

في هذا الخضم، جاءت انتخابات اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، أو اصطلح عليه بلجنة الستين، ورغم ما قدمته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من فرص لتسجيل الناخبين، وتمديد آجال التسجيل، وفتاوى المفتي وشيوخ السعودية، حتى الوصول لرقم ما فوق المليون، وهو رقم مرضي مقارنة بالناخبين للمؤتمر الوطني العام. لكن الوقائع كانت مغايرة.

فـ45% من عدد الناخبين المسجلين، نسبة مخيبة للآمال، متوقعة من ضعف الإقبال على مراكز الانتخاب، وفشلها في بعض المناطق عن تسجيل ناخبين، أو استقبالهم. وهكذا كتب لهذا الجسم أن يولد ضعيفاً، وفاقداً لبعض أعضائه.

والسبب الرئيسي، أن المواطن الليبي فقد الثقة فيمن سيمثلونه، مطلقاً، بعد الأداء الضعيف والشكل المخزي الذي ظهر به المؤتمر الوطني العام، من خلال ما قدمه، وها هم أعضاء المؤتمر كتلاً وأفراداً مستلقين يتصارعون فيما بينهم، لجني مصالح أكثر على حساب المهمة الأساس.

 اختطاف

اقتحام

في تفاعل دراماتيكي، وغير متوقع، كأن “هيتشكوك” من قام على إخراج هذا المشهد، اقتحمت مجموعة المعتصمين أمام مقر المؤتمر، من المطالبين بوقف المؤتمر الوطني (لا للتمديد)، جلسة المؤتمر وبدأوا في التهجم على أعضاء المؤتمر لفظياً وجسدياً، بطريقة غير حضارية، وتكسير أثاث المقر وإحراق السيارات.

وبالرغم من أنه ليس الاقتحام الأول، إلا أن هذا الاقتحام جاء في وقت حرج، من تاريخ ليبيا ما بعد القذافي، حيث البلاد في دوامة الشرعية، وانفلات أمني كبير. بالتالي فإنه يحمل من الدلالات الكثير، لمحاولة تفسير هذا الانقلاب الكبير، من السلم للاعتداء، مجبراً إيانا على الدخول من باب (نظرية المؤامرة)، والاقتناع بكل الوجوه التي يمكن رؤيتها خلفه، وأكاد أقول إني على عتبة الاقتناع بالكثير مما يقال ويثار حول الموضوع. لأنه بدون وجود مصلحةٍ ما لجهة ما، أو تكتلٍ ما، أو شخصٍ ما، لا يمكن لهذا الفعل لأن يتطور بشكل مخالف لما خرج من أجله.

الحد العشوائي

تحدثت عن الحد العشوائي في المعادلة الليبية، وأن هذا الحد يمثل عشوائية الحراك الليبي، وبالتالي هو كحد بالرغم من وجوده، لا يمكن توقع أو حجمه أو مدى تأثيره في المشهد.

التجارب أثبتت إن هذا الحد العشوائي، الموجود في كل المجتمعات، في ليبيا لا يمكن سبره عن طريق الاستبيانات، أو من خلال الدراسات العلمية المنهجية، أو توقعه من خلال تفاعل الإحداث وردود الأفعال، إنما هو على علاقة عكسية بالقوة، ونعني السلطة؛ إذا كلما زادت قوة السلطة (قبضتها)، قل نطاق الحد العشوائي.

وتأسيساً على هذا الطرح، فإنه في حال اتسع طق هذا الحد، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث، من حراك غير متوقع (عشوائي) داخل هذا النطاق، ولعل تجربتنا أكبر دليل على هذه العشوائية، والفوضوية.

ثورة

في تونس الآن، النسبة العظمى ممن قابلتهم من التونسيين، يحرفون لفظة (ثورة) إلى (فوضى)، كنت بجانب أحد الشباب نتقي المطر، والشارع حيث نقف ارتفع فيه منسوب الماء لدرجة لم تعد تمكن السيارات من المرور، ونحن في حاجة تاكسي للذهاب إلى وجهتنا، فانطلق هذا الشاب يعلق على الوضع، وتدهور الخدمات، وعجز الحكومة عن القيام بدورها، و……..، فالتفتت إليه وقلت:

– يا خوي قول الحمد لله، حالكم أحسن من حالنا.

فابتسم، وعلق: الأخ من ليبيا؟.

أجبت: نعم.

فابتسم، وهو يقفز في غدير الماء: يفرج ربي خويا.

حرية

الشعب الليبي لم يتعود على الحرية، ولم يعشها.

الكثير يردد هذه الفكرة، سواء بشكلها هذا أو بطريقة أخرى، كأن ينسب الأمر للثقافة: الشعب الليبي شعب غير مثقف ديموقراطياً، أو إن الشعب الليبي مسلوب الثقافة.

من المؤكد لدي، إن الشعب الليبي لم يكن غبياً، او تلميذاً فاشلاً، لنجد له الأعذار، بينما هو من الذكاء ما جعله يستمر، ويستطيع استغلال كل الفرص التي أتيحت أمامه. وتجربة الشعب الليبي مع السلطات المتعاقبة عليه، ومع القذافي بشكل خاص، تعطينا الكثير من الإشارات لقدرة هذا الشعب على ممارسة الحرية في المساحة الممنوحة إليه بشكل ممتاز، وأنه شعب يتمتع بمرونة كبيرة لتخطي الموانع والتعامل مع الحالات الطارئة، دون نسيان تجاربه. لكن الثابت، أنه لابد من وجود رقابةٍ ما لتضمن أن يكون الحراك ضمن نطاق محصور، يكفل ممارسة حرة للشعب، وفي المقابل، ضمان عدم خروج هذه الممارسة عن حدود القانون. وهو الممثل في السلطة، والمرجعيات القانونية.

كره

إن مفهوم الحرية، مفهوم كبير، وعميق، استفاد من تجربة البشرية منذ بدا الخليقة، وتطور مع الزمن، وما زال. فالحرية لا تعني الانطلاق على الهوى، أو الخروج عن حدود القانون أو السلطة الحاكمة. إن السؤال الأول الذي تطرحه الحرية عليك هو: ما الذي تريده مني؟ وبي؟ هذا قبل سؤالها: لماذا؟ وكيف؟. وهو من الصعوبة –أي السؤال الأول-، بحيث مازلنا نقف عند (ما الذي تريده مني؟). بينما البعض قفز إلى (ما الذي تريده بي؟).

ولأني أحب توصيف الأشياء بعيداً عن المجاملة، أقول: إنّا شعب يكره الحرية.

فبالرغم من جمالها، وجاذبيتها، وصفاء عينيها، وعمق نظرتها، نتلذذ بحبسها وطبع سكيننا الحامي على ذراعيها وساقيها، محولين وجعها إلى موسيقى رقص، وصوتها الصارخ إلى نشيد. وحالتها إلى مصلحة.

شعب يكره الحرية، يستغلها ويتحرك ويتفاعل باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس فوضاه باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس ساديته برعايتها.

شعب يكره الحرية، ويقول إنه شعب مميز.

شعب يكره الحرية، ويمعن في الكره.

*

حفظ الله ليبيا