كما في كل مرة، لمعت في ذاكرتي، وانطلقت على لساني دون تفكير:
(موالك لمتى يا عيني شايلني في بحور حنيني
*
موالك لمتى يعذبني وفي بحور الحيرة يغربني مرة مالمرسى يقربني ومرة في حيرة يخليني موالك لمتى يا عيني).
وفي ذات الوقت استعدت مشهد الأغنية مصورة على التلفزيون، في أحد أمسياتنا ببيت العائلة، والفنانة “سعاد توفيق” تشدو بها، في ثورها اللامع، وشعرها الناعم السادر.
قد لا يعني مطلع نشيد (وطني عش للوجود) لأي ليبي شيئًا، لكنه ما إن يسمع مقدمته الموسيقية حتى تقفز إلى ذاكرته التصويرية مقدمة أحد البرامج التلفزيونية التي كان يبثها التلفزيون الليبي، ويحظى بمتابعة جيدة جداً من قبل الليبيين، خاصة وإنه كان في كل حلقة يعرض لقضية ويحللها ويكشف خيوطها، إنه برنامج (الشرطة والمجتمع) الذي تحول في التسعينيات إلى (الأمن والمجتمع).
نعود لـ(وطني عش للوجود)، ولعلاقتي بهذا النشيد، الذي كانت تصدح به إذاعة مدرسة (الفيحاء)، ضمن برنامجها الصباحي اليومي، والذي كانت لي فيه بعض المشاركات. هذا النشيد أيضا كان يبثه الراديو بشكل مستمر، خاصة في الصباح، وأحيانا فترات المساء.
أكثر ما كان يشدني في هذا النشيد، هو مقدمته الموسيقية، والتي تحولت -كما أشرت أعلاه- إلى مقدمة برنامج أمني، بسبب ما تثيره في نفس السامع من حماسة وجهوزية، في دفعات موسيقية قوية موزعة بشكل سيمفوني، وفي نقلة ذكية، ينتقل الإيقاع بالسامع إلى مستوى أقل، ينساب بطريقة سهلة تطرب السامع، قبل أن يبدا المجموعة في الإنشاد.