نشيد وطني عش للوجود مقدمة الشرطة والمجتمع

#في البال أغنية

نشيد وطني عش في الوجود

مقدمة الشرطة والمجتمع

قد لا يعني مطلع نشيد (وطني عش للوجود) لأي ليبي شيئًا، لكنه ما إن يسمع مقدمته الموسيقية حتى تقفز إلى ذاكرته التصويرية مقدمة أحد البرامج التلفزيونية التي كان يبثها التلفزيون الليبي، ويحظى بمتابعة جيدة جداً من قبل الليبيين، خاصة وإنه كان في كل حلقة يعرض لقضية ويحللها ويكشف خيوطها، إنه برنامج (الشرطة والمجتمع) الذي تحول في التسعينيات إلى (الأمن والمجتمع).

نعود لـ(وطني عش للوجود)، ولعلاقتي بهذا النشيد، الذي كانت تصدح به إذاعة مدرسة (الفيحاء)، ضمن برنامجها الصباحي اليومي، والذي كانت لي فيه بعض المشاركات. هذا النشيد أيضا كان يبثه الراديو بشكل مستمر، خاصة في الصباح، وأحيانا فترات المساء.

أكثر ما كان يشدني في هذا النشيد، هو مقدمته الموسيقية، والتي تحولت -كما أشرت أعلاه- إلى مقدمة برنامج أمني، بسبب ما تثيره في نفس السامع من حماسة وجهوزية، في دفعات موسيقية قوية موزعة بشكل سيمفوني، وفي نقلة ذكية، ينتقل الإيقاع بالسامع إلى مستوى أقل، ينساب بطريقة سهلة تطرب السامع، قبل أن يبدا المجموعة في الإنشاد.

المهمة الصعبة

كانت مهمة صعبة، فهم كلمات هذا النشيد خلال بثه عبر مكبر الصوت المثبت بساحة مدرسة (الفيحاء)، حيث كان النشيد يصل ملونًا ببعض الخشخشة، ربما من قدم شريط التسجيل الذي كان يستخدم بشكل يومي.

كل ما كنت أحفظه من هذا النشيد، هي المطلع فقط (وطني عش للوجود)، قبل أن أفك رموز العجز واتعرف إلى مفردة (أذود)، ليكتمل البيت (وطني عش للوجود / بدمي عنك أذود)، بالمناسبة كثيراً ما احترت فيها، هل هي (بدمي) أم (إنني)؟.

مقدار الأدرنالين الذي كان يرفعه هذا النشيد في دمي، كان كافياً لمنح جسمي الصغير الدفء، والتخلي عن الجيبوطي (المعطف)، والانطلاق عدوا في ساحة المدرسة، مرددًا ما أحفظه منه، وبسبب استماعي الدائم للراديو، استطعت أن ألم كلمات أغلب كلمات النشيد، وغيره الكثير من الأناشيد، خاصة من خلال إذاعة (صوت الوطن العربي الكبير، صوت اللجان الثورية)، والتي تحولت فيما بعد إلى (صوت أفريقيا).

نشيد: وطني عش للوجود

الجميل في هذا النشيد، جمال مقدمته الموسيقي، التوزيع السيمفوني، وانتظام كلمات النشيد في دفقات متتالية، منوعة، بحيث جاء النشيد سريعاً قصيرا مندفعاً.

ولأني قبل أيام وجدتني أستعيده، وأردده، حاولت البحث عنه في الشابكة، لأصطدم بعدم وجود الكثير من المعلومات حوله، منها كلمات النشيد ذاته، والتي كتبتها مما بقي في ذاكرتي، وبالاستعانة بمقطع للنشيد على اليوتيوب.

بخصوص كلمات، فهي من كلمات الشاعر “عبد ربه الغناي” (1920 – 1985م)، أصيل مدينة بنغازي، الذي كان يتقن الإيطالية والإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى اهتمامه الكبير بالشعر الشعبي، فهو إضافة للقصيدة العربية يكتب الشعر الشعبي، وله قصائد مغناة، لعل أشهرها (نبي نبوح باللي في كنيني)، التي لحنها وغناها الفنان “شادي الجبل” (السيد بومدين) في العام 1962م.

كلمات النشيد كلمات قوية حماسية، تغنت بالوطن، وبضرورة الذود عنه والدعوة لمقاومة العدو، ونبذ الفرقة والوحدة، لتعود فلسطين. والشعر في هذه القصيدة ينوع على هذه المعاني بطريقة تعكس تمكنه من ناصية القصيدة واللغة، والوعي بالتراث التاريخي للأمة العربية، كما إنني اكتشفت في هذه القصيدة تناصا للشاعر مع احد أبيات الشاعر “أبوالقاسم الشابي” (1909 – 1934م).

فالشاعر عبد ربه الغناي يقول:

ذَل من يألف وحلا أو حفر / أو يغض الطرف إن حاق الخطر

هذا يذكرنا ببيت الشاعر أبوالقاسم الشابي، من قصيدة (إرادة الحياة)، الذي يقول فيه:

ومن يتهيب صعود الجبال / يعش أبد الدهر بين الحفر

ذكرت في مقدمة هذه التدوينة، إن أكثر ما يعجبني في هذا النشيد مقدمته الموسيقية، كيف لا والنشيد من أعمال الموسيقار “عطية محمد”، الذي قدم للمكتبة الموسيقية الليبية عديد الأعمال المنوعة، بين المقدمات الموسيقية والموسيقى التصويرية، والأغاني والأوبيريت واللوحات والأناشيد. وقد أبدع بحق في صوغ لحن هذا النشيد، بحيث استطاع إظهار مناطق القوة في النص، والتقديم من خلال مقدمة موسيقية، أصبحت علامة في ذاكرة الليبيين.

فيما يخص الأداء، فلم أهتدي بشكل دقيق لمعلومة، فهم من الواضح مجموعة كورال مصرية، وهذا واضع من طريق الغناء ومخارج الحروف، والذي يدعم هذا إن النشيد سجل في القاهرة، سبعينيات القرن الماضي، من قبل فرقة موسيقية سيمفونية، وقام على توزيع الموسيقى الملحن ذاته، الموسيقار عطية محمد.

نشيد: وطني عش للوجود

كلمات: عبد ربه الغناي

ألحان: عطية محمد

غناء: المجموعة

*

وطني عش في لوجود / إنني عنك أذود

من خليج للمحيط / أنت ميراث الجدود

الله أكبر فوق كل من كفر / ويقيني في نضال المستمر

فأنا السلم إذا الحق انتصر / وأنا الحق إذا الباغي غدر

ذَل من يألف وحلا أو حفر / أو يغض الطرف إن حاق الخطر

سأظل المقتفي كل أثر / ثورة الهادي وإيمان عمر

أنا لا أخشى العدا / ونسوري في السما

وسلاحي في يدي / منذ حطمت القيود

*

ثورة شعبية في كل واد / حقق حرية في كل ناد

واشتراكياتنا ضد الفساد / تدفع العرب لتحطيم الحدود

كل من رام حياة المستقر / ليس عن وحدة أهليك مفر

*

فيهما أنت عزيز أنت حر / وبها أرض فلسطين تعود

قائد الثورة جيل العرب لك / وشباب جيلها يعدوا معك

أقسم الأيمان ألا يخذلك / فتسلم مقود العهد الجديد

جيل العرب لك.

رأيان على ”نشيد وطني عش للوجود مقدمة الشرطة والمجتمع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.