أزعم أني من الجيل الذي تلقى تعليماً جيداً وعلى مستوى في ليبيا، وكثيراً ما أقول إنني من آخر الأجيال التي عاشت جميع مراحلها التعليمية على درجة من الجودة والمتابعة.
رحلتي الدراسية بدأت في مرحلة ما قبل التعليم الأساسي، بروضة (دار البراعم للفنون) التي أنشأتها الرائدة خديجة الجهمي، من بعد درست بمدرسة (براعم الأقصى) بمنطقة وسعاية ابديري، وكانت من أولى المدارس الخاصة في طرابلس، قبل أن توقف وأتحول للتعليم العام بمدرسة (الفيحاء) حيث درست حتى الصف السادس. المرحلة الإعدادية درستها بمنطقة الظهرة، بمدرسة (أحمد رفيق المهدوي)، حيث تم خلال هذه المرحلة إلغاء مادة اللغة الإنجليزية من المنهج. أما آخر مرحلة ما قبل الجامعة فكانت بـ(ثكنة أسد الثغور الثانوية – جحفل الأبرار البري)، بمنطقة وسعاية ابديري، وكان نظامنا العسكري (الصاعقة).
خلال هذه المراحل الدراسية، كانت مباني المدارس مجهزة بشكل جيد، وعدد التلاميذ والطلاب لا يتعدى الـ24، كما إن المكتبة كانت جزء رئيسياً ومادة خلال المرحلتين؛ الابتدائية والإعدادية، هذا إضافة إلى النشاطات الأخرى.
ففي المرحلة الابتدائية، كانت ناشطاً في مجموعة الرسم، وعضواً بالفريق الموسيقي لمدرسة (الفيحاء)، حيث تحصلنا على الترتيب الرابع كفريق موسيقي، وفازت إحدى عضوات الفريق بالترتيب الثاني في الغناء الفردي. كما كنا كفريق موسيقي، نقوم بإحياء حفلات موسيقية بالمدرسة في المناسبات، وخاصة عيد الطفل، الذي كانت تصلنا فيه صناديق الألعاب التي يتم توزيعها علينا. كما كنت أعد بعض المواد الإذاعية لإذاعة المدرسة لفترة الصباح، ما قبل رفع العلم، وفترة الاستراحة. كما لا أنسى حصص؛ الرسم، والموسيقى، والزراعة، والأشغال التي كان أشهر أعمالها العمل على الخيش، وشمعدان (الشمعة والصابون)، والطباعة بالبطاطا.
في مدرسة (أحمد رفيق المهدوي الإعدادية) كانت المعامل جزء مهم من الدراسة، وكان درس اللغة الإنجليزية من أمتع الدروس مع المربي والمعلم الفاضل نوري القبة، أطال الله في عمره، حيث قام بتجهيز أحد الحجرات بمجموعة من الوسائل التعليمية تحاكي منهج مستر الفلاح، وخاصة درس النحلة، ولن أنسى تعابير وحهه وهو ينعي اللغة الإنجليزية، ويقوم بجمع الكراسات للاحتفاظ بها، مخافة أن يقوم البعض بتمزيقها.
المكتبة بمدرسة (أحمد رفيق المهدوي) كانت مميزة بأمينها البشوش، الذي يرحب بنا عند دخولنا، ويطالبنا بالهدوء، والتركيز عند القراءة.
في الثانوية، مع وجود العسكرية كان الأمر مختلفاً بعض الشيء، فبجانب المنهج كانت هناك بعض المهام الإضافية كتوزيع الحراسات، والغفارة والمناوبة بالإدارة العسكرية. أما اهم ما يميز هذه المرحلة هو المجال الذي أتاحته لي الثانوية، للمشاركة باسمها في المسابقات والمنافسات التي يقيمها مكتب التعليم، حيث شاركت بمسابقة الخط العربي، والقراءة الحرة، والشعر، وكان الأستاذ الفاضل محمد المسلاتي يقوم ويشرف على مشاركتي من خلال أخذ الإذن من والدي، فنلت مجموعة التراتيب، منها الترتيب الأول في الشعر، وجوائز وشهادات التقدير، كما تم استضافتي ببرنامج (مشوار الصباح المنوع) صحبة الإذاعي الكبير عبدالمجيد العطاري، ومن بعد على التلفزيون الليبي في برنامج للإعلامي عطية باني، حيث ألقيت قصدتي الفائزة (على ترابك فلسطين).
حوالي 13 عاماً من التعليم، رحلة مازلت أجد حلاوتها، وأثرها في نفسي حتى اللحظة، تعلمت فيها الكثير، واكتسبت خلالها الكثير من الصداقات، التي لا زال بعضها مستمراً، كما أن الله حباني بمدرسين ومدرسات ومدراء أدوا مهامهم على أكل وجه، أخلصوا في عطائهم وتأدية رسالتهم التربوية والتعليمية. فلهم مني خالص الشكر والتحية.