حكايتي مع مجلات الأطفال – 1

بدأت علاقتي بمجلات الأطفال مبكراً، وبتأثير مباشر من والدي الذي لازلت أتذكر مشهد عودته للبيت عقب انتهاء دوامه، حاملا الصحف والمجلات، التي يطالعها عصراً، بعد انتهاء قيلولته ومع شاي العشية. وكانت النتيجة أني تعلمت تحت إصرار الوالد القراءة مبكرا، فكنت أستطيع قراءة العناوين وأنا في الخامسة.

كانت مجلة (الأمل) من أولى مجلات الأطفال التي طالعتها، أو هكذا أظن، قبل أن أتعرف إلى غيرها، في ذلك الوقت؛ كانت حصة المكتبة تشبعي رغبتي في القراءة، ففي (مدرسة الفيحاء الابتدائية)، كانت هناك مكتبة تحوي عديد الكتب والمجلات، وكانت حصة المكتبة حصة أسبوعية ثابتة في الجدول المدرسي، وما تغير أنه في الصفين الخامس والسادس كان علينا تلخيص ما يتم قراءته في (كراسة المكتبة)، قبل انتهاء الحصة، في هذه الفترة تعرفت إلى مجموعة من قصص الأطفال (أكتشفت من بعد أنها من إبداع الكاتب الكبير “يوسف الشريف”)، وسير العلماء والأبطال، خاصة سلسلة تاريخنا، ولعل أهم ما قرأته خلال المرحلة الابتدائية، سلسلة قصص (كليلة ودمنة)، وكانت في أجزاء.

أولى المجلات العربية التي بدأت متابعتها كانت مجلة (سامر)، ومن بعد مجلدات بساط الريح، وكلاهما من لبنان، ومن بعد تعرفت إلى مجلة (عرفان) من تونس، ومجلة (سعد) الكويتية. كانت المجلات متشابهة في تبويبها (تحليل بعد سنوات). وكانت هذه المجلات تقدم القصص المصورة، والقصص المكتوبة، والمعلومات العامة والمسابقات والتسالي، وكنت بقدر ما يمكنني أقوم بمراسلتها. لكن للأسف لم يكن هناك انتظام لوصول المجلات.

كنت أخرج من مدرسة الفيحاء، أرافق صديقي “عبدالرؤوف البكوش” لبيتهم في فشلوم القريب من (الجامع الكبير) حيث كان هناك كشك لبيع الجرائد والمجلات، وبعض القرطاسية، أشتري المجلة، ثم أقفل عائدا بسرعة للبيت.

في الصيف، جرت العادة أن نسافر إلى القاهرة، العاصمة المصرية، وهناك تعرفت إلى مجلة (سمير)، وقد أهداني خالي “فؤاد” مجلد (سمير) الذي مازلت أحتفظ به للآن، وهو مجلد عزيز على قلبي، كوني تعلمت منه أساسيات رسم الشخصيات الكرتونية (عندما كنت مولعاً بالرسم)، وبعض المهارات والتجارب العلمية.

في مدرسة (أحمد رفيق المهدوي) الإعدادية، بمحلة الضهرة، تعرفت إلى مجموعة من الأصدقاء جمعنا حب القراءة، والكشفية، والخيال، والأشغال اليدوية، وكانت حصة المكتبة كثيرا ما تجمعنا. 

وكنت بدأت التعرف إلى القصص البوليسية، فبدأت وأصدقائي (كنا ثلاثة؛ أنا و”خالد الزناد” وهشام النيهوم”) نتبادل روايات؛ المغامرون الخمسة، والمغامرون الثلاثة، والشياطين ال13، وبعض روايات “أرسين لوبين” و”أجاثا كريستي”.

في هذه الفترة، بدأت الوصول إلى ليبيا مجلة (ماجد)، كنت وقتها في السنة الثانية إعدادي، أزعم في العام 1984، كنت أخرج من المدرسة، نعبر إلى شارع خالد بن الوليد، فقد كنا مجموعة لا تقل عن 3، نتجه شمالا بإتجاه الإشارة الضوئية، وما إن نصلها حتى ننعطف يسارا إلى مكتبة (عمي نصر)، أو هكذا كنا ندعوها، نأخد ما يتوفر من مجلات، وبشكل خاص مجلة (ماجد)، والتي كانت وقتها مجلة مميزة ومختلفة عما عرفناه من مجلات، خاصة وإنها جاءت بشكل مختلف وشخصيات مختلفة. 

كنا نعود في اليوم الثاني، لنطارح ما طالعناه فيها من قصص ومعلومات، ونقوم سوية بحل المسابقات وقصها وطيها، وإرسالها عبر بريد زيدان الجزائر. بفضل ماجد أكتشفت الكثير من الأماكن، يعني طولوا رجليا. 

لم يكن وصول المجلة منتظما من ناحية الوقت، والموعد، فالمفترض أن المجلة تصل الأربعاء، وحال خروجنا من المدرسة يفترض أنها تكون بالمكتبات والأكشاك، أو مراكز توزيع الصحف والمجلات، كما كانت تعرف، كنا في الكثير من الأحيان نضطر للانتظار، أو لمطاردتها، فبعد فترة انتظار أمام مكتبة “عمي نصر”، كنا نذهب إلى مكتبة “عمي رجب”، صاحب الابتسامة الصافية، فقد كنا نعتقد أن المجلة لابد تصله أولا لقربه من مركز المدينة، وعندما لا تكون المجلة وصلت، وهو ما يحدث أحياناً، نقفل راجعين صوب بيوتنا، فاختار إما أن أعود للبيت عبر فشلوم، المرور بالكشك الموجود أمام الجامع الكبير، أو عبر ميدان القادسية، للمرور بالكشك الذي كان موجودًا حتى تسعينيات القرن الماضي. وكل هذا الجهد، للحصول على مجلة (ماجد). وكانت تستحق هذا الغناء.

في ذات الفترة، من مرحلة دراستي الإعدادية كانت بدأت في الصدور مجلة (فرح) ولم تكن مجلة أطفال، بل مجلة تسالي، كانت مادتها تتكون من المعلومات العامة والطرائف، والتسالي والكلمات المتقاطعة وشبيهاتها. كنت مداوما على اقتنائها، والمشاركة بها، وهناك أكثر من عدد يحمل اسمي تحت مجموعة من المعلومات العامة، التي كنت أجمعها مما بدأ يتوافر من كتب بمكتبتي الصغيرة.

ثمة مجلات تعرفت إليها من خلال المجلدات، كالعملاق، ومغامرات المصورة، وقصص عالمية. كما إن تعرفي إلى المكتبات والأكشاك مكنني من فرصة الحصول على قصص الأطفال، وبعض السلاسل المواجهة للأطفال وبشكل خاص سلسلة ليديبريد، وعلماء المسلمين، وأدخلني عالم الجرائد، والمجلات الثقافية، والكتاب من بعد. 

ثمة مجلة أطفال ليبية كانت تصدر، ولم أداوم عليها، قد يكون عمري وقتها السبب، وهي مجلة (سنابل). وكانت مجلة مختلفة ومميزة عن باقي مجلات الآطفال.

وللحديث بقية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.