في السنوات الأخيرة، شهدنا تحولاً في مفهوم وظيفة الشؤون الإدارية في المنظمات. لم تعد هذه الوظيفة مجرد مسؤولية عن إدارة الأوراق والمستندات والرواتب والتقارير، بل أصبحت تشمل أيضاً تطوير وتحفيز وتقييم وتثقيف وتدريب الموظفين. ولهذا السبب، تم تغيير اسم هذه الوظيفة من الشؤون الإدارية إلى الموارد البشرية، لتعكس أهمية العنصر البشري في نجاح المؤسسة.
الموارد البشرية (Human Recourse – HR)
الموارد البشرية هي المسؤولة عن إدارة علاقات الموظفين مع المنظمة، وتحديد احتياجاتهم وتوقعاتهم ورضاهم. كما تعمل على تحديد متطلبات الوظائف واختيار واستقطاب والاحتفاظ بأفضل المواهب. علاوة على ذلك، فهي مسؤولة عن تصميم وتنفيذ برامج التدريب والتطوير، وأنظمة تقييم الأداء، وخطط المكافآت والتقدير، ومبادرات إشراك الموظفين.
وظيفة الموارد البشرية ليست مهمة فقط للموظفين، ولكن أيضًا للمؤسسة ككل. فهي تساهم في تحقيق الأهداف والغايات الإستراتيجية للمنظمة، من خلال مواءمة رأس المال البشري مع الرؤية والرسالة التنظيمية. كما إنها تعزز الثقافة والقيم التنظيمية من خلال خلق بيئة عمل إيجابية ومنتجة. كما أنه يحسن الأداء التنظيمي والقدرة التنافسية من خلال زيادة كفاءة وفعالية الموارد البشرية.
بمعنى؛ إن الموارد البشرية تحولت من مجرد مكتب يحتفظ بأرشيف العاملين في المؤسسة، إلى إدارة هدفها الاستثمار في هؤلاء العاملين، من خلال إدارة هؤلاء العاملين كموارد (لكنها بشرية)، التدريب والرقي بالأداء.
وكخلاصة، فإن الهدف من هذا التحول، هو الرقي بأداء المؤسسة.
أسباب ظهور إدارة الموارد البشريّة
هناك العديد من الأسباب التي أدّت إلى ظهور إدارة الموارد البشريّة كمفهوم إداريّ وقسم خاص في المؤسسات، ويمكن تقسيمها إلى الجوانب التالية:
الجوانب السياسية
وهي الجوانب التي تمثل كيف وإلى أي مدى تشكل الحكومات عاملًا في ظهور إدارة الموارد البشريّة، وتتمثل فيما يأتي:
- السياسة الضريبية.
- قانون العمل.
- القانون البيئي داخل المنظمات.
- التعريفات والقيود التجارية.
الجوانب الاقتصادية
وهي الجوانب التي تمثل التغيّرات في الاقتصاد المقرونة في الحاجة لابتكار إدارة الموارد البشريّة، وهذه أهمها:
- العولمة.
- ظهور السياسات النقديّة.
- التوسّع الكبير في سوق الأسهم.
- توسّع التجارة وصناعة البضائع.
- ظهور التضخم الملحوظ في بعض الدول النامية.
- نمو البطالة في الدول المتقدّمة.
إضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى، كالحاجة للتوسع في المصانع والمؤسسات، أو نقل التصنيع للدول الأخرى وزيادة مستويات التعليم في الدول، وزيادة أعداد الموظفين وزيادة الحاجة لإدارة هذه الأعداد الكبيرة من الموظفين داخل المؤسسة الواحدة.
مسؤوليات الموارد البشرية
هذا التحول، يعني أيضاً تحول في طبيعة عمل هذه الإدارة، وفلسفة عملها، والذهاب أكثر في مسؤولياتها، والتي تشمل بالأساس:
التوظيف: البحث عن واختيار أفضل المرشحين لشغل الوظائف الشاغرة في المنظمة.
التدريب: توفير التدريب للموظفين لتنمية مهاراتهم وقدراتهم.
التعويض: تحديد وإدارة الأجور والمكافآت والفوائد للموظفين.
التطوير: توفير فرص التطوير المهني للموظفين لمساعدتهم على النمو في حياتهم المهنية.
علاقات الموظفين: بناء وإدارة علاقات إيجابية مع الموظفين.
الامتثال: التأكد من أن المنظمة تلتزم بالقوانين واللوائح ذات الصلة بالعمل.
أهداف الموارد البشرية
تعتبر الموارد البشرية وظيفة استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف المؤسسةة من خلال توظيف وتطوير وحفظ وتحفيز الموظفين. تشمل أهداف الموارد البشرية ما يلي:
– تأمين الكفاءات اللازمة لأداء الأعمال والمهام بجودة عالية.
– تعزيز التزام وولاء الموظفين تجاه رؤية وقيم وأهداف المنظمة.
– تحسين بيئة العمل والعلاقات بين الموظفين والإدارة والزبائن.
– تطبيق نظام مكافآت وتقدير عادل وشفاف يحفز الموظفين على الإبداع والابتكار.
– توفير فرص التعلم والتطور المستمر للموظفين لزيادة كفاءتهم وإمكاناتهم.
دور الإدارة العليا في دعم إدارة الموارد البشرية
تلعب الإدارة العليا في أي مؤسسة دورًا مهمًا في تحسين أداء الموارد البشرية. من خلال توفير الدعم والتوجيه، فهي من خلال فهمها لطبيعة الدور التي تطلع به الموارد البشرية، يمكن للإدارة العليا مساعدة الموارد البشرية على تحقيق أهدافها ودعم أهداف المنظمة.
يمكن للإدارة العليا تحسين أداء الموارد البشرية من خلال القيام بما يلي:
تحديد أهداف الموارد البشرية ودعم تنفيذها.
توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة للموارد البشرية.
التواصل مع الموارد البشرية حول الأهداف والتوقعات.
تقديم الدعم والتوجيه للموظفين.
إنشاء ثقافة عمل إيجابية وإنتاجية.
من خلال القيام بهذه الأشياء، يمكن للإدارة العليا مساعدة الموارد البشرية على أن تكون أكثر فعالية في دعم المؤسسة وتحقيق أهدافها. وفيما يلي بعض الأمثلة المحددة على كيفية تحسين الإدارة العليا أداء الموارد البشرية:
– يمكن للإدارة العليا تحديد أهداف الموارد البشرية ودعم تنفيذها من خلال إنشاء خطة موارد بشرية استراتيجية تتوافق مع أهداف المنظمة. يمكن أن تتضمن هذه الخطة أهدافًا مثل استقطاب والاحتفاظ بالموظفين الموهوبين، وتحسين بيئة العمل، وتعزيز الإنتاجية.
– يمكن للإدارة العليا توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة للموارد البشرية من خلال تخصيص الميزانية للموارد البشرية وتوفير الموارد البشرية اللازمة مثل الموظفين والتقنيات.
– يمكن للإدارة العليا التواصل مع الموارد البشرية حول الأهداف والتوقعات من خلال عقد اجتماعات دورية مع الموارد البشرية وتقديم التغذية الراجعة.
– يمكن للإدارة العليا تقديم الدعم والتوجيه للموظفين من خلال إنشاء برامج التدريب والتطوير والتواصل مع الموظفين بشأن أهداف المنظمة وكيفية المساهمة في تحقيقها.
– كما يمكن للإدارة العليا إنشاء ثقافة عمل إيجابية وإنتاجية من خلال تشجيع الابتكار والإبداع والتعاون والتقدير.
من خلال القيام بهذه الأعمال، وغيرها، يمكن للإدارة العليا مساعدة الموارد البشرية على أن تكون أكثر فعالية في دعم المنظمة وتحقيق أهدافها.
واقع حالنا!
للأسف مازالت الإدارة الليبية، تتعامل مع الموارد البشرية بذات العقلية القديمة، وما حدث هو مجرد استبدال للاسم ليس أكثر؛ موارد بشري = شؤون الموظفين / الشؤون الإدارية. وهذا نتيجة مجموعة من العوامل، نلخصها في النقاط التالية:
- عدم فهم العاملين بهذه الإدارة بطبيعة هذا التحول، أول العمل، نتيجة عدم وجود الخطط التأهيلية التي تمكنهم من فهم وإدراك مجال عملهم. خاصة على مستوى المدراء.
- ضعف أداء الكثير من العاملين في هذه الإدارات، نتيجة عدم الرغبة في التطور، وبذل الجهد للرقي بالمؤسسة.
- ضعف دعم الإدارة العليا لهذا التحول، أو إدارة الموارد البشرية الموجودة، لعدم استيعابها -أي الإدارة العليا- لماهية عمل الموارد البشرية، وأثرها في المؤسسة. والذي نلاحظه في قلة الدعم: المعنوي والمادي.
ختاماً
إن تغيير الشؤون الإدارية إلى الموارد البشرية، ليس مجرد تغيير في المسمى، بقدر ما هو تغيير في النظرة العامة للعمل الإداري، على مستوى المؤسسة هيكلياً، والأفراد العاملين بها، وهو يعكس تطور دور هذه الوظيفة في المنظمات.
كما يؤكد هذا التحول، على قيمة وإمكانات الموارد البشرية كعامل رئيسي للنجاح التنظيمي. وضرورة الاستثمار في هذا المورد بالشكل الصحيح.