منتجات ثانوية

لو قمت بجولة في شوارع أي مدينة أو بلدة أو قرية ليبية، لاكتشف حجم المخلفات التي تملء الشوارع، وتغطي مساحات كبيرة منها. دون أن يكون ثمة عمل حقيقي، إلا الجمع والتكديس في المكبات، التي صارت منابع للروائح الكريهة والحشرات والقوارض والأمراض.

أذكر أنه في أحد جلسات مؤتمر الشعب العام –الذي كان-، عرض مقترح إنشاء شركة أو مصنع للاستفادة من هذه المخلفات، ومازال يرن في أذني صوت أحد الأمناء معلقاً:

  • كناستنا غنية، وتغنينا عن النفط!!!

في تعبير عن غنى هذه القمامة بمحتوياتها، وحجمها كمياً، الأمر الذي دفع أحدهم لاقتراح تصدير هذه القمامة لأوروبا.

وكما هو متوقع، لم يحدث شيء!!!.

*

عن الشبكة

عن الشبكة

منتجات ثانوية

يقول أحد خبراء “التدوير”:

  • إن أول قواعد نشر ثقافة التدوير؛ تدوير المخلفات، هو تغيير وصفها، من (مخلفات) إلى (منتجات ثانوية)، حتى تتغير في عقول الناس، وبالتالي تتغير نظرتهم لها، وتبعاً طريقة تعاملهم معها، كخطوة أولى في الاستفادة المثلى منها.

إن هذا المفهوم، لا يغير رؤيتنا فقط، بل حتى طريقة تعاملنا معه هذه المنتجات، ليصبح جزأ من سلوكنا اليومي، في فرز القمامة المنزلية، وعدم رميها في الشوارع، وإعادة المواد البلاستيكية لنقطة التجميع، والاقتصاد في استهلاك المواد العضوية. وتنتقل من جيل إلى جيل.

تدوير

لا أريد الخوض كثيراً في الاستفادة مسألة تجارب الاستفادة المثلى من هذه المنتجات الثانوية، خاصة وإن الكثير من البلاد؛ بخاصة الدول الاسكندنافية، أعلنت إنها (صفر قمامة)، أي أن القمامة التي تجمع من البيوت يتم الاستفادة منها بشكل كامل، بإعادة تدويرها أو تصديرها. وللعلم هذا الأمر لا يخص الدول المتقدمة، أو دول العالم الأول، بل إن دولة كالبرازيل؛ تصنف كأحد دول العالم الثالث، هي من البلاد الأولى في مجال إعادة التدوير والاستفادة من المنتجات الثانوية، وإقامة المراكز البحثية التي تعمل على تطوير طرق الاستفادة منها.

عن الشبكة

عن الشبكة

والمقصود بإعادة التدوير هو إعادة استخدام المخلفات؛ لإنتاج منتجات أخرى أقل جودة من المنتج الأصلي.

منذ أن فطنت المجتمعات إلى المشكلات البيئة، فإن العديد من البلدان اتخذت إجراءات لإعادة تدوير النفايات، ولإعادة تدويرالنفايات العديد من الفوائد فهي: تحمي الموارد الطبيعية، وتقلص النفايات، وتُوجد فرص عمل جديدة.

مشاريع

أعتقد إن دعم مشاريع لإعادة التدوير والاستفادة من المنتجات الثانوية، أو جلب استثمارات في هذا الشأن يعود بالنفع على الفرد والمجتمع والبلاد، من ناحية توفير فرص العمل، وزيادة الدخل، وتوفير مصدر إنتاجي بديل وداعم لصناعات أخرى.

عن الشبكة

عن الشبكة

ففي مصر –على سبيل المثال- تبنت الدولة مشروعاً قومياً للاستفادة من القمامة، من خلال دعم أفكار ومشاريع لإعادة التدوير، فقامت الكثير من المشاريع التي عمل فيها الكثير وعادت بالنفع على الكثير، واعادة إنتاج هذه المنتجات الثانوية، في منتجات أولية لصناعات اقتصادية، كما إن أحد البحاث بمركز بحوث الهندسة المدنية تحصل على أربع جوائز في أبحاث قدمت في أعادة تدوير المنتجات الثانوية للبناء، في إنتاج مواد بناء أولية عالية المواصفات.

أفكار

إن شوارعنا في ليبيا، تعرض هذه المنتجات بشكل كبير:

  • المواد العضوية.
  • المواد البلاستيكية.
  • المواد الورقية.
  • المواد الكهربائية والإلكترونات.
  • أثاث، ومواد منزلية.
  • مواد البناء.
  • وغيرها….
عن الشبكة

عن الشبكة

إن هذا التنوع والغني، يفتح الفرصة للاستفادة بشكل أكبر وأمثل، على الصعيد الشخصي، والمحلي. إذ على سبيل المثال:

  • يمكن أن تقام نقاط لتجميع هذه المخلفات، بمقابل مادي، بحيث يفتح فرصة للرزق لمن لا يملك أي فرصة في العمل القار أو الذي يحتاج لمؤهلات علمية.
  • وضع ضريبة على المنتجات المحلية التي ينتج عنها منتجات ثانوية، بحيث ترجع عند إعادة العبوة للمصدر أو نقطة التجميع، مما يقلل من حجم المخلفات غير المستفاد منها.
  • فرز القمامة، وتصنيفها كمنتجات ثانوية يمكن الاستفادة منها في مشاريع أخرى.
  • استخدام المواد العضوية في استخراج غاز الميثان.
  • تكرير مياه الصرف الصحي، في ري المحاصيل.
  • جلب استثمارات أو تبني مشاريع لإعادة التدوير.
عن الشبكة

عن الشبكة

والكثير من الأفكار التي قد تبدو قديمة، لكنها مهمة في حالتنا التي لم تبدا بعد. وحن نلاحظ إن الكثير من المنتجات التي تصلنا تحمل على بطاقاتها التعريفية والبيانية علامة إعادة التدوير، مما يعني إنها في الأصل مادة ثانوية أعيد تدويرها كمدة أولية.

*

حفظ الله ليبيا

الحافظ ربي

حكايات ليبية

في يومٍ ما من عام 2010، في مكانٍ ما من مدينتي طرابلس، كان هذا الحوار على هامش دعوة لافتتاح مكانٍ يفترضُ أن يكون مقراً دراسياً وتدريبياً، وبعيداً عن البقية انتحيت بصاحب الدعوة وهو المسؤول:
– معليش بنسألك؟
= تفضل يا عزيزي
– توه بيني وبينك، مقتنع بالمركز اللي صرفت عليه هاديك الحسبة؟
= كيف مقتنع!!!، يعني؟
– تعرفني صريح، ومش حنجاملك…
= شن فيه، قول!!!
– يعني شوف المبنى مش مصمم ليكون مركز تدريبي، لأنه في الأصل فيلا سكنية وحضرتك جيت وأجرتها وهندستها، باش تلايمها.
= وباه
– لكنها مالايمتش!!!
= يا راجل؟؟؟
– يعني خلي نعطيك ملاحظتين بسيطات، لكنهم مهمات.
= هات الأوله
– مخارج الطوارئ، وينها؟، وإنت تعرف أهميتها..
= والتانية
– وخيرك فت الأوله؟
= لأني ماللخير!!! ما عنديش ليها كيف!!!
– أما التانية، فهي منظومة مكافحة الحرائق، أو اكتشاف الدخان. مش موجودة ولا مش دايرها في حسابك؟؟؟.
= هاهاها، لا هادي فاتاتك يا بطل!!! ركز وإنت تشوف طفايات الحريق في كل دور وفي كل فصل!!!
– لا يا باشا، شفت الطفايات، لكن مشم معنى إنك معلق طفايات إنك قضيت على الحرائق!!!
كيف؟
– يعني بفرض إنه شب حريق، من حيستخدم الطفايات؟، بالك تقولي المتدربين!! لأنهم أكيد حيكونوا أول الخارجين من المركز، لسلامتهم، مع إنه مافيش مخرج طوارئ. يعني المفروض اللي قوم بعملية الإطفاء الموظفين بتاعين المركز!!! وهكي لازم يكونوا متدربين على استخدام طفايات الحريق، وتمييز الحريق، وقبلها يكونوا مدربين على التصرف في حالات زي هادي.
= شوف يا زعيم، لو كاتبلها بنتحرق، لا منظومة و غير منظومة بيشد قضا ربي. خاليها سايره والحافظ ربي.

*** * ***

تذكرت هذه القصة، وأنا أخوض والزملاء في الحديث حول حريق سوق الثلاثاء. وبالمناسبة المركز بطريقة ما يتلقى دعماً حكومياً.

*

حفظ الله ليبيا
______________________________________
بدأ حريق (سوق الثلاثاء) ظهيرة الأمس 19-01-2014، وبعد إعلان القضاء على الحريق، عاد مرة أخرى في الليل متأخراً، واستمر حتى صباح اليوم. معظم الأقوال ترجع الحريق لسببين: الأول؛ التماس كهربائي بالمخبز الكائن بالدور الأرضي، والثاني؛ حريق ناتج عن محاولة لحرق أكوام القمامة خارج سور السوق.

الكاسكا

ليبيات 45

1

ربما بسبب تميزي في المجال الثقافي، إضافة للرسم والخط، لم أُشجع على المشاركة او الانضمام للأنشطة البدنية، وبشكل خاص فريق رقصة (الكاسكا)، ولذا كنت أراقب الراقصين بالمخيم الكشفي، وهم يتدربون في نشاط، على أشهر رقصة، خاصة وإن أحد قادة الكشاف ساهم في تطويرها وتهذيبها، لتقدم من خلال مهرجانات واحتفالات ومشاركات الكشاف، وهو القائد “البخاري سالم حودة”، إضافة إلى رقصة الطير.

الإيقاع يسير بانتظام، والكشافون الراقصون يتحركون بحماس، وبين الحركة والأخرى، يعلو صوت (كراك) منبياً عن التقاء العصي أعلى رؤوسهم، وحال انطلاق صوت قائد المجموعة “هي هوب”، يتغير التشكيل.

2

تبدأ رقصة الكاسكا –كما كان يبثها التلفزيون الليبي-، بدخول امرأة للمشهد حاملة جرة، تقصد ملأها، وفي شغلها يتعرض لها أحدهم، ويمنعها من متابعة ملئ جرتها، ويأخذ منها الجرة. فتذهب مستنجدة بأحد أفراد قبيلتها، الذي يدخل المشهد واثباً، فيدفع المعتدي، الذي يخرج مستنجداً.

http://www.tawalt.com/?p=15232

وهكذا تلتقي القبيلتان (العائلتان، الجماعتان،….) في مواجهة، تبدأ بالتحميس في مجموعة من الحركات، في مواجهة مباشرة، ومن ثم تبدأ المواجهة المسلحة متمثلة في العصي، التي تتقابل أعلى رؤوس الراقصين (المتواجهين) بصوتها (كراك). الجميل في الرقصة هو جماليات الحركة، والتشكيلات التي تتبدل، ويتلاقى في عصي الراقصين برشاقة وسرعة.

وفي ذروة المواجهة، تمثلها حرارة اللقاء بين الراقصين وعصيهم، وهم يتبادلون المواقع والحركات، يتدخل رجل حكيم، رافعاً عكازه ليوقف الصراع بين المجموعتين، معملاً حكمته، فينهي هذه القصة، فيأتي بالمرأة إلى البئر، ويطلب من المعتدي أن يعيد الجرة مملوءة لها، ويتصالح الرجلان، وتعود المجموعتان للمواجهة، ولكن هذه المرة رقصاً وفرحاً بالسلام.

3

عن تاريخ هذ الرقصة، يقول الكاتب “منصور أبوشناف“: (يظهر أول تصوير لهذه الرقصة الليبية على جدران المعابد المصرية، قبل خمسة آلاف سنة، ويصور فنان مصري الجنود الليبيين وهم يرقصون الكاسكا، وهي رقصة حرب يستخدم فيها الراقصون العصي بدل السيوف ويخوضون حربهم من أجل الماء رقصاً!

وما زال يرقصها الليبيون في غدامس ونالوت وغالبية واحات الصحراء الليبية، كأنها معركة بين قبيلتين على بئر ماء، كل يحاول السيطرة على البئر كي لا يفنى عطشاً، لذا فإنها معركة موت او حياة للفريقين.)1.

http://www.landcivi.com/new_page_400.htm

الكاسكا ليست مجرد رقصة، إنه قيمة تراثية ومعرفية صاغتها تجارب المجتمع الليبي عبر التاريخ، وحملتها الكثير من رؤاها وأحلامها. فهي تعكس الكثير من قيم المجتمع الليبي؛ من غيرته على العرض وانتصاره له، إلى حميته في الذود عن موارده، إلى النجدة والانتصار، إلى صوت الحكمة الذي يرجع بالأمور إلى الحل. وهي صورة عن معاناة مجتمع مع ظروفه التي يعيش.

4

من خلال اليوتيوب حاولت البحث عن أي تسجيل لهذه الرقصة، لكني لم أحظى بأي تسجيل يقدم الرقصة في كامل حكايتها كما قدمتها الفرقة الوطنية، عرضها التلفزيون الليبي، لكني وجدت مقطعين:

الأول: لمجموعة من الراقصين في أحد المهرجانات الشعبية.

والثاني: لمجموعة من الكشافين يؤدون هذه الرقصة من غريان. والطريف هو التحوير الذي أجرى على مجريات القصة، ليكون منشئ الصراع، خصومة بين ولدين في لعبة (البتش)، وكأن حال الحكيم الليبي يقول: يديروها الصغار، ويوحلوا فيها الكبار.

____________________

1– منصور أبوشناف (الكاسكا رقصة الليبيين ضد العطش والموت) صحيفة الحياة.

سامر يحكم

حكايات ليبية

سامر شاب في بداية العقد الثاني من عمره، مفعمٌ بالحيوية والنشاط، يسكن وعائلته مدينة طرابلس، وتحديداً وسط المدينة، يعني (ولد بلاد). وبالرغم من حداثة سنه، إلا أن أكثر ما يعجبني فيه هدوءه وسعة صدره، مقارنة بحدة وتسرع أقرانه.

عندما تعرفت إليه، كان حديث عهدٍ بالعمل، وكان لا يكف عن السؤال، محاولة لفهم ما حوله، وتدعيم ثقته بنفسه، ثم تجد ابتسامتهُ المميزة تقول لك: شكراً على مساعدتك.

قبل أيام، اضطرتنا ظروف العمل للقدوم مبكراً، فكان من ضمن المجموعة المختارة، وكالعادة سألته:

  • أمتى راقد؟
  • والله شن بنقولك.. الساعة 3!!!

وقبل أن أعلق، ابتسم ودخل في نوبة ضحك، لم أفهم كنهها حتى هدأ.

  • خيرك شن في؟
  • والله مش عارف شن بنقول ولا نحكي!!!؟؟؟
  • قول، ولا احكي.. المهم نبي نعرف.. مش تقصقيص!!! بص اللي يشوفك وانتا تضحك يقول يا مسطول يا زارط!!!
  • عارف وانا نراجي اليوم، صارتلي حاجة مش طبيعي.
  • شنو؟؟؟
  • عفل تبتاع 10 دقايق ربع ساعة.
  • ووين اللي مش طبيعي!!!؟؟؟
  • هادوكا العشر دقايق حلمت فيهم.
  • مسرع، يعني وصلت للحلم في هالدقايق.
  • وهو مش حلم
  • ؟؟؟؟؟؟!!!!!
  • تعرف لتوه حاير في روحي، وفي نفسي.

وعاد للضحك.

  • تي شن في.. شن حلمت.
  • تعرف يا خوي، حاجة غريبة.
  • ؟؟؟؟!!!!!
  • حلمت إني وليت راس البلاد، ومافيش حد يقدر يقول معاي كلمة.
  • باهي
  • وعندي قوة مش عادية، جيش وشرطة، ومخابرات، وأمن داخلي وخارجي، وصاعقة.. ووزراء، والبلاد منظمة، وماشية عالساعة.
  • والله كويس، يعني نتفائلوا بالخير.
  • وين الخير.. ما هو القصة فيا أني.
  • كيف؟؟؟
  • تعرف اكتشف بعد ما نضت قداش فيا من شر، لين استغربت من روحي.
  • ؟؟؟؟!!!!
  • نعطيك مثال بسيط، وهذا أبسط حاجة ممكن نحكيهالك. تعرف ألغيت العطلات كلها، تعرف حتى الجمعة الغيتها وخليت العام 12 شهر خدمة ودراسة.
  • وشن تاني؟.

ودخل في نوبة ضحك (هادا أبسط شي درته)، وقرر ألا يكمل.