الوضع الليبي
ليبيات 17.. دير تحتك حديدة
الـــشـــرارة
كتبت سابقاً، إن ما حدث من سحبٍ للثقة لـ(حكومة أبوشاقور) كانت الشرارة التي أطلقت فتيل الصراع بين أكبر كتلتين في المؤتمر الوطني العام؛ وهذا رأي شخصي يحتمل الوجهين. وأن هذا الصراع أنتج (حكومة زيدان) التوافقية، التي حتى اللحظة هي حكومة معطلة، كل ما قدمته مجموعة من الوعود والتبريرات.
حكومة زيدان، ولدت ناقِصة برغم شكلها الظاهري الكامل؛ ولم تستطع حتى اللحظة ممارسة ما هو مأمول منها، ولقد عانت من مجموعة من الاستقالات، أربكت حركتها وأظهرت هشاشة تكوينها، بصراحة أقول، إن هذه الحكومة لن تستطيع تقديم شيئاً، لأن الصراع الذي نتجت عنه، لا زال مستمراً، خاصة وإنه انتقل من كواليس المؤتمر الوطني العام، إلى الشارع.
الشارع الذي تفاعل مع الموقف بالهجوم على مقار الكتلتين، وفي رد فعل جمد كل من (قوى التحالف الوطنية) و(حزب العدالة والبناء) مشاركتهما بالمؤتمر الوطني، لتعلن الحرب على اللبراليين والخونة، والأخوان العملاء.
مسالة أخرى سبقت هذه الشرارة، شرارة أخرى، هي (قانون العزل السياسي) وما جره على الشارع الليبي من انقسام، وإرباك للحياة العامة ومحاصرة لمقار الدولة من قبل المجموعات المسلحة، المنوط بها حماية مؤسسات الدولة.
ضُـــعـــف
إن هاتين الشرارتين، كشفتا ضعف (حكومة زيدان) وأن من بيده السلاح هو من يستطيع إملاء ما يريد على الحكومة، والمؤتمر؛ وهو ما صار واضحاً للجميع، وهذا ما حدث.
لقد انتشرت خلال الشهور الماضية الكثير من مظاهر التسلح والعمليات العسكرية في داخل المدن، حتى إنها وصلت العاصمة طرابلس، وصارت قصص القتل والاغتيالات والخطف، والسرقة بالإكراه، والاستيلاء على الأملاء حكايات تروى بشكل يومي، وفي كل ساعة. وصارت النصيحة: دير تحتك حديدة، والمقصور (بندقية كلاشنكوف أو مسدس). وهكذا ارتفعت أسعار بعض الأسلحة في مقابل غيرها، ودخلت للسوق أسلحة خفيفة تباع في الشوارع بشكلٍ علني. وإليكم آخر تسعيرة:
– كلاشنكوف عادي 1500 دينار ليبي.
– كلاشنكوف روسي (أسود) 2000 دينار ليبي.
– مسدس برازيلي 5500 دينار ليبي.
– مسدس بلجيكي 6000 دينار ليبي.
– امبريتا 7000 دينار ليبي.
نعم مظاهر التسلح في ازدياد وأعمال الحرابة أيضاً، والخطف والتعذيب، والسبب ضعف أداء الحكومة، وإدراك الطرف الآخر (المجموعات المسلحة) هذا الضعف، وأنهم قادرون على تنفيذ ما يريدون دون خوف من تدخل أي جهة أمنية تتبع الدولة.
ونستطيع القول الآن، أنه في ليبيا الآن ثمة مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، تعمل بتنظيم عالي الدقة، منظمة، مجهزة. وحتى في حال قيام جهاز أمن جيد سيكون من الصعب على الدولة القضاء عليها بسهولة.
أما المهم –بالنسبة لي- هو تغيير عقلية المواطن الليبي فيما يخص السلاح.
أصل الحكاية
المركز:
– أنا نفتحلك محضر.. لكن لا نقدر نجيب حد ولا نقدر نتحرك.
النائب:
– معليش يا خوي .. مش حنقدر نحميك.
الوزير:
– مانقدر انديرلك حتى حاجة.
– شوفلك وحدة مالكتايب.
ليبيات 16.. ليبيا .. سياسة سيس
جــهــل
لا علاقة لليبي بالسياسة ولا الاقتصاد، ولا حتى الجغرافيا. فالمواطن الليبي –الحديث- هو نتاج سنوات من القمع والاستعباد، بداً من العثمانيين إلى الإيطاليين، إلى الحكومة الإنجليزية، ومنها إلى المملكة الليبية، وصولاً إلى عصر القذافي، ومن بعد ثورة 17 فبراير.
خلال هذه السنوات، لم يقم المواطن الليبي بأي نشاط سياسي، أو عملٍ أهلي إلا ما ندر، أو ما كان من بعض التجمعات السياسية إبان فترة المملكة وكانت تخص النخبة المثقفة، التي حاولت جهدها تقريب الصورة من المواطن، لكن المواطن الليبي بطبع الارتياب الذي يسكنه، لم يتعاط بجدية مع هذا الطرح الغريب عنه.
العلاقة بين المواطن الليبي والسياسة علاقة عكسية، وتمثل رياضياً بخطين يتجهان 180 درجة عن بعضهما. وهذا يجعل من المواطن الليبي مواطناً سلبياً في المشاركة السياسية، وإيجابياً فيما يتعلق بالمسألة الجهوية والقبلية، إذ يبرز هنا عامل الانتماء، الذي يغذيه ارتيابه من العوم وحيداً، والسباحة مع التيار الغالب. وهذا ما شبا العمل السياسي في ليبيا، إذ تفسر الأمور بالمصلحة الجهوية وما تستطيع تقديمه السياسة لهذه المصلحة.
اضطراب
هذه العلاقة المضطربة، تنعكس بشكل واضح في حالة الضياع التي يعيشها المواطن الليبي، بعد ثورة 17 فبراير. فالعمل السياسي الآن في مواجهة جهل المواطن، وخوفه –ارتيابه-، لذا فإن التخوين –الرمي بتهمة الخيانة- كان أولى دفاعاته أمام ما يظهر على الساحة من صراعات سياسية. فالأحزاب السياسية في ليبيا صعدت بسرعة على خشبة المسرح السياسي في ليبيا، وبذات السرعة كونت حولها ممثلين ومشاهدين ومساحة للعرض، والمواطن –المشاهد- المنبهر بالعرض تفاعل معه ظناً أنه يمارس حريته التي سلبت منه، ومنع من ممارستها لسنوات طويلة. وعندما دخل الجميع المنافسة الحقيقة، وبدأت الأقنعة في السقوط، تخلى المواطن عنها دون محاولة التقويم. وهذا ما يفسر الهجمة الشرسة على الأحزاب، وبشكل خاص؛ تحالف القوى الوطنية والعدالة والبناء، وهو ما يفسر الهجمة الشرسة على كل ما هو أخواني. فالمواطن في غياب وعي سياسي ولى ظهره لممثليه السياسيين، وهاجمهم، دون محاولة للفهم أو لتقصي الحقائق.
لا سياسة، ولا سياسيون
عاملان أطاحا بالعمل السياسي في ليبيا مبكراً؛
– جهل المواطن الليبي بالحياة السياسية.
– وسرعة تصادم الأحزاب –مصلحياً- فيما بينها.
إن حكومة “أبوشاقور” كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ تعتبر هي شرارة الصدام الفعلي بين أقوى تيارين سياسيين في البلاد، ونعني؛ تحالف القوى الوطنية حزب العدالة والبناء. وهو ما حدا بالبعض إلى التكتل والنظر للمصلحة الشخصية والاعتماد على قوة السلاح لتمرير ما يراد من أجندات، مما أدخل البلاد في متاهة كبيرة، وجد فيها المواطن نفسه ضائعاً وغير ولا يد لتدله على الطريق، فالكل يتصارع، ولا من يلقى بالاً لهذا التائه. وهذا يفسر الاعتماد على العون الجهوي والقبلي، وما يثار من حديث عن الفدرلة هو حديث البحث عن طوق للنجاة، لبر الأمن والأمان.
وهكذا كفر المواطن الليبي بكل ما هو حزبي، وصب جام غضبه عليها، محملاً إياها مسؤولية كل ما يحدث في ليبيا.
إعـــلام
ثمة مسألة أخرى، تمت بصلة مباشرة لهذه العملية المربكة، ونقصد الإعلام. فالإعلام الليبي، صورة طبق الأصل عن المجتمع الليبي بتناقضاته وعدم فهمه لما يثار من قضايا، وحداثة علاقته بالإعلام الحر، أو حرية الإعلام.
الإعلام الليبي فشل فشلاً ذريعاً في مناقشة المسألة الليبية بكل مكوناتها، ولم يتعاطى بمصداقية مع ما يثار من موضوعات، بسبب انحيازه، المباشر وغير المباشر، وأيضاً عدم حرفيته.
لكني –شخصياً- أعذر كل العاملين في الإعلام الليبي، المقروء والمسموع والمرئي، فهم عاشوا تحت قبضة الرقابة لسنوات، ماتت فيها روح الإبداع فيهم، وقتلت أحلامهم الإعلامية. ومع ثورة 17 فبراير، انطلقوا بكل ما قوتهم لممارسة حريتهم، فمنهم من أخطأ ومنهم من أصاب، وكلهم همه تقديم إعلام يرصد الشارع ووجع المواطن.
نعم، المواطن الليبي البسيط، الذي كل همه حياة كريمة، بسيطة، بعيدة عن التعقيدات، يكون له دور فيها، دور فاعل وحقيقي.
*
حفظ الله ليبيا
____________________________________
التفاعل في مدونات ليبية
حظر المواقع الإباحية في ليبيا.. ثلاث قراءات لخبر واحد
1
تنطع، وحو ينظر إلى من جانب:
هذا أمر واضح، ولا استفتاء ولا قانون ولا غيره. يعني غدوه انديروا استفتاء على فتح البارات في ليبيا.. وشن يحزها بعدين؟؟؟!!!
هذه شريعة الله، وهؤلاء هم أصحاب الأمر والرعاة، وهم مسؤولون أمام الله، ومن ولايتهم تحصين الشعب ضد ما هو مخالف للشريعة.
2
من أعطاهم الحق. هذه الشبكة فضاء مفتوح للجميع ولا يحق لأي من كان قفل جزء منها أو تحديد فضاء العمل فيها. هذا نوع من تقييد الحريات.
3
أتفهم وجهة نظرك، وأنا معك فيها.
لا يمكنهم هكذا، قفل ما يريدون دون الاعتماد على سند يبيح لهم هذا الإجراء ويحدد صلاحياتهم، لأنه مستقبلاً سوف لن يكون من الصعب عليهم اتخاذ أي إجراء دون الرجوع لهذا السند.
ليبيات 15.. اميه مالحه.. أو طرابلس والماء
اميه مالحة
– الميه المالحة كلت الطبوات.. لابد من تغييرها.
هكذا قرر أبي البدء بأعمال صيانة دورة المياه والمطبخ، بعد أن صار من المتعذر استخدام شبكة المياه بسبب المياه المالحة التي تدور بها. عندما بدأ العمال التكسير وقلع بلاط الحوائط الأبيض، بالكاد كان يمكن إخراج أنبوب أو وصلة على حالها، فالصديد أكل وحت فيها، في وصلة قاعدة الحفية، أشار العامل:
– بص يا حج، الملح سادد المسورة ازاي.
نعم، كانت المياه مالحة في كل مكان في طرابلس، في البيوت في المدارس في الحدائق في المساجد. الماء مالحٌ للدرجة التي يستحيل معها استخدامه حتى في المضمضة للوضوء. وكنا في بداية الثمانينات عندما قرر بعض الجيران حفر بئر، أو اشتراك البعض في حفر بئر مشترك.
في الخارج كان صوت الحفار يدق الأرض بقوة وراء الماء، وكأنه يقول: وينك، وينك، وينك. كان علينا تنظيف المكان من الطمي، وأعجبتنا اللعبة، وقتها كنت بعد في بداية المرحلة الإعدادية، وكان علي بشكل روتيني إيصال خرطوم الماء من بئر الجيران إلى خزان البيت السفلي، وتعبئته، ومن بعد تشغيل مضخة المياه لملء الخزان العلوي ومن بعد معاودة ملء الخزان السفلي. أما ماء الشرب، فوقتها لم تكن قناني المياه متوفرة كما هي الآن، فكان علينا حمل (البوادين) إلى أحد حنفيات المياه الحلوة وتعبئتها، والعودة بها، والجميل إنك تجد نفسك في كل مرة تعبئ (البوادين) من مكان، نحن الصغار نلعب، والآباء يقفون في طوابير المياه.
وكوني أحب العمل اليدوي، تعلمت باكراً كيفية صيانة مضخات المياه وعمل (الزبورقو) لها، وأيضا صيانة الملحقات الكهربائية، بمهارة أحسد عليها.
الـــنهـــر
لم أجد ليبياً –وقتها- مقتنعاً بهذا النهر الصناعي، إلا ما ندر!!!.
ومع هذا هلل الجميع يوم إعلان وصول مياه النهر الصناعي، لطرابلس، وما صاحب هذا الحدث من احتفالات ومهرجانات، وتعليقات وبحوث (هل هو النهر الصناعي أم النهر الاصطناعي). المهم إنه قبل وصول مياهه لطرابلس، حذرت الجهات المختصة من احتمال انفجار أنابيب شبكة توزيع المياه لقدمها ولقوة الضخ التي ينساب بها النهر، وضرورة التبليغ عن أي تسريب أو عطب يصيب شبكة المياه، ريثما يتم تجديدها.
وجاء اليوم الموعود مع آذان المغرب، وصلت المياه طرابلس، وغرقت شوارعها في مياه النهر التي لم تحتملها شبكة متهالكة أكلها الملح، بلغنا عن التسرب الكبير الذي في حينا، وبعد أسبوع من تبليغنا تمت المعالجة.
الجميل في الأمر، أنه من تاريخ وصول مياه النهر لطرابلس، ارتحت من جر المياه للخزان، وأعاد أبي تجديد شبكة المياه ببيتنا، وبعد فترة وجيزة، تخلصنا من الخزانات. الأمر الثابت حتى اللحظة، هو مياه الشرب التي ظللنا نستخدم (البوادين) لتعبئتها من حنفيات الجوامع، حتى صارت مياه القناني ووحدات التحلية وثلاجات المياه متوفرة بشكل كبير.
العودة لنقطة البداية
عقب تحرير طرابلس بيومين، انتشرت شائعة تقول بتسميم مياه المدينة، وأنه تم غلقها لهذا السبب. وانتشرت أخبار عن حالات تسمم مصاحبة بتشنجات وصلت لمركز طرابلس الطبي، والمركزي. لكن سريعاً ما علم أن الأمر تم بفعل فاعل. وأنه نحتاج بعض الوقت لإعادة ضخ المياه من جديد.
في منزلي، لم يكن متوفراً لدي لا خزان ولا بئر، لذا فضلت أن تظل زوجتي في بيت أهلها، وأظل في بيت أهلي حيث الماء.
وانقطعت المياه للمرة الثانية، مرافقة لعملية تحرير بني وليد –كما زعموا-، وكان علينا هذه المرة –كأسرة- مواجهة قدرنا في انقطاع المياه، حيث لا خزان ولا بئر، ولم أكن وحدي، كنت أشترك وجيراني في ذات المشكلة، إلا أن أحد الجيران –بارك الله فيه- عاود تجديد بئره القديم ليقوم بتزويدنا بما نحتاج من ماء. وكان المجلس المحلي طرابلس قد قام بنشر مجموعة من الخزانات المتنقلة في أحياء طرابلس. لم تكن المشكلة في المدة، بل في مياه الشرب، التي نقصت وارتفع سعرها، فبعد أن كانت قنينة الماء عبوة 7 لتر تباع بـ750 درهماً، وصل سعرها إلى دينار ونصف، لتعود وتثبت على سعر الدينار.
وللمرة الرابعة، تنقطع المياه عن طرابلس، وهذه المرة بفعل فاعل، ومع سبق الإصرار والترصد، حتى يتم إطلاق “العنود” التي كانت لولا لطف الله، لكانت “بسوس” جديدة. وها هو اليوم السابع يمر علينا بدون ماء، ولا خبر حقيقي مسؤول يبشر بموعد وصولها. مياه الشرب متوفرة إلى حد ما، سعرها ثابت، ومازلنا نأخذ من ذات الجار المياه، حيث عدت لنقطة البداية، أجر خرطوم المياه للبيت، لأعبئ ما لدي من مستوعبات.
*
حفظ الله ليبيا
________________________________
* تم التعديل بعد التصحيح الذي أفادتنا به الأخت “ورد ليبيا” على الفيس؛ المرة الأولى: أغسطس 2011، والمرة الثانية: أكتوبر 2011، والمرة الثالثة: أكتوبر 2012، والأخيرة: سبتمبر 2013.
التفاعل في مدونات ليبية