الحاكم – الشعب

#أنا_أدون

في مسرحية (ناطورة المفاتيح)، يقرر الشعب الخروج من المملكة والرحيل في الوديان والغابات بحثاً عن الحرية، هرباً من جبروت الملك “غيبون”، تاركين ورائهم “زاد الخير” حارسة لدُورهم، على أمل العودة. وهكذا تفرغ المملكة إلا من “الملك غيبون” و”زاد الخير”.

*

الملك غيبون: الملك ما بينزل.

زاد الخير: والشعب مش رح يطلع.

الملك غيبون: الهيئة مش راح نتلاقا.

زاد الخير: الشغلة بإيديك يا مولانا.

الملك الظالم يطغى، والشعب المسكين لا يجد حلاً إلا الخروج هرباً، بحثاً عن الحرية في الوديان والسهول، وتحت ظل الأشجار. فالمقاومة ليست بالحل الناجح في كل مرة، والشعب بإرادته يمكنه أن يبدأ التغيير من ذاته، من داخله، وبالتالي يمكنه فرض نمطه على هيئة الحكم، والتي ستجد نفسها مجبرة، فما الحاكم بدون شعب.

*

زاد الخير: ممكن واحد منا صار لازم يروح.. يا أنا، يا إنت.

الملك غيبون: ما بيصير مملكة بلا ملك.

زاد الخير: وما بيصير ملك بلا شعب.

ما الشعب بدون حكومة، إلا مجموعات تحاول السيطرة والاستئثار بكل شيء. المسألة مبنية على التوازن من مبدأ الحقوق والواجبات، فالملك في خدمة الشعب، والشعب في خدمة الملك، هذا هو التوازن الحقيقي، والوصفة المثالية التي من الصعب الوصول إليها، ولكن ليس من الصعب الوصل لنسبة مرضية منها. وإن كان الرضا مسالة نسبية، تتحكم بها رغبات النفس البشرية، إلا أن تواطؤ الطرفين، والاتفاق على آلية تسيير نافعة، يحقق هذا الرضا.

*

الملك غيبون: … أنا اجتزت الأزمة وبقيت.

زاد الخير: أنت بقيت.. لأني أنا بقيت. لكن هلق عم بقول لحالي، إذا بضل، إنت راح اضل، وبيكون اللي راحو، راحو بلا تمن. من شان هيك، راح ألبس فقري وتعاستي، توج حالي بالأعشاب البرية، وراح اتمشى باحتفال تحت الشجر وقبة السما، صوب أرض جديدة إتمشى، وكل ما ببعد مسافة، عرشك بيغرق شبر، حتى توصل إنت للأرض، وأنا للحرية.

نعم هي المسافة، أو كما في الحكمة العربية (شعرة معاوية)، إذ شد طرف، أرخى الطرف الثاني، على ألا يستمر في الشد، لأنه لا يضمن رد الفعل المقابل. وهذا ما نعيشه الآن. فشعرة معاوية الآن بين أكثر من طرف، كلٌ يشدها إليه، والشعب هو الطرف الوحيد الذي يحاول المحافظة على هذه الشعرة من الانقطاع، لأنها يدرك إنها ستكون النهاية.

*

الملك غيبون: بدي ياهن.. بدي ياهن.. شو بينفعني ملكي بلاهن.

نعم، الحاكم بلا شعب نكرة، أو أية منظومة حكم، فبدون وجود شعب، المنظومة معطلة. أما الشعب فيمكنه الحياة، يمكنه أن يكون مجتمع، وهذا المجتمع يمكنه وضع نظام قيادة.

*

الملك غيبون: … هلق حتى شفت حالي، شفت الملك قشة على بيدر.. معول بحقلة متروك.. يا صحاب البيووووت وينكن!!!. الملك جاي لعندكن وينكن!!!!، جاي بتياب الملك يزوركن، حدا يرد عليا.. لا تخلو الملك ينطر عالبواب.. ياصحاب لبيوت، شحدوني كلمة حلوه.

وهنا، ماذا لو قررنا نحن كشعب ليبي، الخروج من (ليبيا)، أو الخروج من مدننا إلى البرية، نعيد إنتاج حياتنا في أحضان الطبيعة، نفترش الرمال، ونلتحف السماء، تاركين لهم هياكل الإسمنت والحديد. قد يكون الأمر فنطازياً، أو متخيلاً، لكنه حل لوضعهم أمام أنفسهم، أمام حقيقتهم، أمام المرآة التي يتهربون منها، خوفاً من صورتهم التي سيكتشفونها.

لنخرج، إلى الله، حاجين إلى أرضه، طالبين رضاه، لا حجب ولا سواتر. ننتصر لليبيا، ليبيا خارج معادلة الاتجاهات، وبدون توجهات، وبلا أقنعة أو أصباغ. وحدها ليبيا من تستحق التخلي للظفر بها، خالصة نقية.

لنخرج

لنخرج

لنخرج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.