بين يوميات مخلوف وسيرة الرائدة خديجة الجهمي

يسيطر ابني “يحيى” على التلفزيون الوحيد في البيت، حيث قناتي (براعم وجيم) هما الوحيدتان اللتين يمكن مشاهدتهما خلال اليوم، إلا بعض الاستثناءات النادرة. وكوني لا أتابع التلفزيون بشكل دائم، اعتدت هذا الأمر وتكونت لدي حصيلة معرفية بالرسوم المتحركة وشخصياتها، فأجدت رسم بعضها، وتقليد الآخر.

المهم، يأتي شهر رمضان المبارك دائماً بمجموعة من البرامج والمسلسلات التلفزيونية التي تشد المشاهد إليها وتكون مادة خصبة للنقاش والحوار إلى ما بعد انتهاء الشهر الكريم. رمضان هذا العام، ونظراً لتحكم “يحيى” بما يعرض في التلفزيون، من خلال الصحن اللاقط، وجهت وزوجتي اهتمامنا للراديو، حيث كلانا من عشاق برامج الراديو وعاش معه الكثير من الأوقات الطيبة والجميلة.

ووما يبث عبر الراديو من برامج، على أكثر من قناة على موجة الـ(FM)، تابعت مسلسلين على قناة (الميعاد)، الأول يأتي قبل الإفطار بعد صلاة العصر، والثاني يأتي بعد الإفطار.

المسلسل الأول، يحكي قصة حياة الرائدة “خديجة الجهمي” رحمها الله، وهو مكتوب بطريقة جميلة وحوارية سلسلة، يتابع مسيرة حياة أحد الرائدات الليبيات، والتي كان لها أثر كبير في الحياة الاجتماعية الليبية. نقطتي الوحيدة على المسلسل هو اقتطاعات الحوار والموسيقى التي أرى إنه كان من الأفضل لو كانت موسيقى ذات طابع ليبي.

المسلسل الثاني، هو (يوميات مخلوف) وهو مسلسل اجتماعي في قالب كوميدي، يحكي يوميات مواطن الليبي. العمل كتب بطريق شائقة وحوارية ممتعة، وكان لأداء الممثلين الدور الكبير في رأي لإضفاء مسحة من التلقائية على العمل، فهو خفيف ظريف، يقدم حكمة ورؤية اجتماعية في قالب فكاهي قطبية “مخلوف” وزوجته “رجعة”.

أعتقد إن الراديو مازال يقدم الجيد من البرامج والممتع ولازلت أستمتع بما يقدم.

ليبيا على صفيحٍ ساخن

تتصاعد الأحداث في ليبيا بشكل لافت، وهذه الأحداث لا تختص بها مدينة بعينها، إنما كل المدن الليبية عرفت الكثير من الحداث هذا الصيف، والذي وإن لم يكن حاراً كما إعتدنا، غلا أن الفاقد عوضته سخونة الأحداث. فمن عمليات الخطف والاغتيال والقتل، إلى عمليات التفجير والاعتداء المسلح الذي تعرضت له محطات الكهرباء. وهنا لا ننسى الحراك الأمازيغي، الذي تطور إلى قطع جزء من الإمدادات النفطية، واعتصام ومحاصرة لبعض الإدارات العامة، ومنها مصرف ليبيا المركزي بمدينة بنغازي.

17-فبراير

وعلى غير المتوقع من أن يكون شهر رمضان فرصة لهدوء الأجواء، اشتعلت الأحداث؛ فكان آخرها ما تعرضت له سفارة دولة الإمارات بطرابلس اليوم. وما حدث من انفجار لسيارة يوم أمس في مثلث فندق كورونثيا، وأبراج ذات العماد، وبرج طرابلس.

إن هذه الأحداث بقدر ما تعكس حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد، والانفلات الأمني، إنما تقدم صورة عن أن ما يحدث إنما هو أمر مخطط له، وأن ثمة من يحاول زرع الفوضى وضرب محاولات الحكومة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان. خاصة وإن هذا يأتي بعد سلسلة من الأحداث عرفتها طرابلس وبنغازي، وانسحاب تكتلين مهمين في المؤتمر الوطني العام، واحتجاج شعبي ضد الأحزاب تبعه اجتماع لبعض القبائل الليبية في الزنتان. ونشاط ملحوظ لليبين المؤيدين لنظام القذافي في الخارج، من خلال مجموعة من البيانات التي أشارج لوجود حركة منظمة لاسترجاع ليبيا.

هل ستنتهي هذه الأحداث بنهاية الصيف؟ أم أنها ستستمر لتدفئ الشتاء بسخونتها؟

لننتظر وندعو الله بالأمن والأمان.. وأن يوفق ليبيا لتكوين جيش وشرطة قادرين على بسط الأمن والاستقرار. في ظل خطة مقترحة لتكوين قوة عسكرية قوامها 30 ألف جندي.

*

حفظ الله ليبيا

7-7 من جديد

في مثل هذا التاريخ من العام الماضي، كافحت بما لدي للقدوم إلى طرابلس والمشاركة في أول انتخابات تجري في ليبيا، أو على الأقل هي الأولى في تاريخ حياتي -القصيرة-، ركتب في كرسي المراقب بمقصورة القيادة في الطائرة القادمة من حقل 103 إلى طرابلس، بعد أن امتلأت حتى آخر كرسي.

وصلت طرابلس، وانطلقت إلى دائرتي الانتخابية مشاركاً في عرس الليبيين، الأول والأكبر من بعد التحرير. كان عرساً بحق شارك فيه الليبييون بمشاعرهم الصادقة ودموعهم التي غسلت قلوبهم من كل ظلم.

عام مر عن أول انتخابات، أشعرت المواطن الليبي بقيمته، وبمعنى الديمقراطية.

مسيرات 7-7

وها هو 7-7 يعود من جديد، لكن هذه المرة الشعب الليبي يخرج في الميادين والساحات، رافضاً مظاهر التسلح والعنجهية، مطالباً بعودة الجيش والشرطة، لتكون الخطوة الأولى لبناء ليبيا الحريات.

الكل خرج ضد السلاح وضد مظاهر التسلح وفرض القوى.

الكل خرج ليقول: لا للسلاح.. نحن مع الشرعية.

*

حفظ الله ليبيا

العسكر تاني مرة

العسكر أول مرة.

في المرة الأولى قفز العسكر وانحازوا للشعب، وتم إزاحة “محمد حسني مبارك”. وسجل انتصار جديد للربيع العربي والشعب العربي -المصري- الذي قال لا لجلاديه.

وسقط حكم العسكر. وانتصرت الديمقراطية، واختار الشعب “مرسي”.

العسكر ثاني مرة.

العسكر تاني مرة

“مرسي” لم يعجب الشعب، فخرج. هو ذاته الشعب الذي اختاره، وقال: انقلب علينا.

ليقفز العسكر ثانية: انتصرنا للشعب.

*

الكل في ليبيا تابع الحراك المصري خلال اليومين الماضيين، ورسم الكثير من الخطط والسيناريوهات المتوقعة، والتي تلخصت حول سؤال واحد:

هل يمكن أن يحدث هذا في ليبيا؟

*

في ظني، إن ليبيا ليسبت بالبعيدة عن الآثار الاتدادية لهذا الزلزال. ولكن آثاره ستكون محدودة -كما أتصور- فكرة الحزب أو العمل الحزبي ماال محصوراً في مجموعة، والتفاعل الشعبي سيكون ضعيفاً لدعم حزب ضد آخر.

كما سيكون ثمة تخوف من توفر السلاح وإمكانية استخدامه، مما يحجم كم المشاركة أو التفاعل.

*

السؤال الذي يطرح نفسه الآن:

لو انتخب الشعب المصري ئيساً جديداً له، وأيده في مليونية.

ثم اكتشف إنه انقلب عليه؛ هل سيخرج في مليوينة جديدة لخلعه؟. ليعاد السيناريو من جديد (العسكر ثالث مرة). أم سيترك لاستكمال فترته الرئاسية؟.

*

حفظ الله ليبيا

يحيى يقول: ليبيا حرة

كلما سمع ابني “يحيى” الرصاص يقول ليبيا حرة، وعندما تعرض في بيت جده لهجوم غادر من أحد المجموعات المسلحة رسخ هذا الاعتداء بـ(ليبيا حرة)، فصارت مرادفاً لأي إطلاق نار أو عمل يستخدم فيه السلاح، وعندما يبدأ الشباب إطلاق الألعاب النارية في الليل -في طل ليلة-، وأدعوه للدخول للبيت، يرد علي:

– لا بابا، هادي ألعاب نارية.. مش ليبيا حرة.

عندما زرنا مصر لحضور معرض الكتاب، وعندما علم برجوعنا، اعترض صراحة:

– لا لا لا .. ليبيا حرة.. ليبيا فيها سلاح. طف طف.

يحيى .. يقول لا لسلاح

وبالأمس كنت في رحلة لمرافقة أحد الطائرات، وهذا اضطرني للمبيت في حقل (زلة) التابع لشركة (الزويتينة)، حيث لا توجد تغطية ومن الصعب الاتصال عبر الهاتف الأرضي. وسمعت ما حدث في طرابلس بمنطقتي (الهضبة وبوسليم). مرت الليلة صعبة. وحال وصولي طرابلس بادرت للاتصال والاطمئنان، وكان الفزع واضحاً في صوت زوجتي وابني.

لله الأمر من قبل ومن بعد.. ليبيا صارت ملطشة.. كما يعلق أحد الأخوة العرب.. وصارت مثالاً لثمار الربيع العربي، الفاشلة. لا لشيء إلا لأنا كليبيين ظهرنا على حقيقتنا. كشعب لا يحب بعضه، ويضمر الكثير من الأحقاد في قلبه. ولا من أحد يخاف على مصلحة البلاد إلا من رحم ربي. في لحظات كثيرة صرت أندم على الفرص التي تركتها للبقاء خارج، وأحدث نفسي:

– كم كان ردي غبياً: بلادي في حاجة أكثر لخبرتي.

كم من الدم سنسفك قبل الوصول لبر الأمان؟

أم إنا نحتاج ليدٍ خارجية -قوية- لفرض الأمن؟

حفظ الله ليبيا