ما أشبه اليوم بالبارحة

ليبيات 41

التاريخ يعيد نفسه

اليوم هو الـ28 من شهر رمضان المبارك، الموافق للـ26 من شهر يوليو للعام الميلادي 2014. منذ الأمس، وتحديد قبيل أذان صلاة المغرب، انقطعت المياه عن مدينة طرابلس، مما عاد بذاكرتي لرمضان العام 2011، عندما تحررت طرابلس في الـ20 منه، وكيف انقطعت المياه في الأسبوع الأخير من الشهر الكريم، وانتشرت شائعة تسميم المياه1.

وأجدني أقول، إن رمضان 2014 لا يختلف كثيراً عن رمضان 2011، فأصوات المواجهات ذاتها، وإن اختلفت النوايا، والحالة ذاتها من انقطاع الكهرباء والغاز والبنين، وأخيراً المياه. شيء واحد عرفه الليبيون قبلاً وأضاعوه الآن، وهو الإيمان، الذي كان يصدح مكبراً من الحناجر ومن مآذن المساجد في كل طرابلس.

ثوار البريوش1

في 20 رمضان، وبعد تمهيد من الناتو، وتوفيق الله لسحب (كتيبة امحمد المقريف) من المشهد، تحررك طرابلس، شارعاً شارعاً، وحياً حياً، ومنطقةً منطقة، بسلاح الإيمان، وما استطاع توفيره أهالي طرابلس من أسلحة اشتروها من حر مالهم، وعند دخول الثوار صباح 21 رمضان ووصولهم ميدان الشهداء، وسط طرابلس، كانت طرابلس كلها في انتظارهم مهللة مكبرة، ولن أستطيع مهما أوتيت من معاني، أن أصف هذه الفرحة، بثوار الزاوية الذين كانوا أو من وصل.

ووصل الثوار من مختلف مناطق ليبيا، ودخلوا طرابلس التي كانت محررة إلا من بعض الجيوب، التي انتهي منها في يوم، ومن تاريخ 23 رمضان 2011، كانت طرابلس محررة، ولله الحمد. وبينما كان أهالي طرابلس يبتهجون بهذا النصر الإلهي، كان الثوار الذي دخلوها يقومون بالاستحواذ على المعسكرات وشحن ما تواجد بها من أسلحة، وكذلك الاستحواذ على ممتلكات المواليين والمحسوبين على نظام القذافي، سواء كانت بيوت، فيلات، استراحات، أو مزارع. ليتمددوا من بعدها.

ثوار البريوش2

يعاب على ثوار طرابلس، إنهم لم يخوضوا جبهات، بالتالي فهم محرمون من كثير النعم، وأنهم لولا ثوار الشرق والغرب لما تحرروا، لأنهم يقضون نهارهم في المقاهي لشرب المكياتا2، وأكل البريوش3، وفي الليل يسهرون على القنوات لمتابعة دوريات أوربا. لذا فإنه من الواجب حمايتهم.

وهكذا وجد سكان طرابلس أنفسهم محاصرون من داخلهم، أي من أبناء وطنهم، القبضة هي القبضة، باختلاف المسميات، لا أكثر.

ثوار البريوش3

في ظل الأحداث التي تمر بها، من الحرب الممارسة عليها تحت مسمى القضاء على بقايا الأزلام، واللواء 32 معزز، والتي يدرك الجميع إنما هي حركة لضرب مسيرة الديمقراطية في ليبيا، والمتمثلة في (مجلس النواب). ففي ظني إن أهالي طرابلس، وثوراها لم يشاركوا في هذه المعركة (الخاسرة)، للكثير من الأسباب؛ أولها إدراكهم للسبب الحقيقي لهذه الهجمة العسكرية (أو هذا ما يسود في الشارع الطرابلسي). ثانيها عدم رغبتهم في الانحياز لأي طرف، حتى لا يتحول الأمر لحرب أهلية، مما يصعب الأمر ويفاقمه. ثالثها أن التكوين الاجتماعي في طرابلس، ليس ذي مكون واحد، فطرابلس لا تعرف العصبية، كون سكانها خليط من كل ليبيا، شرقاً وغرباً وجنوباً. أخيراً، محاولة أهالي طرابلس الحفاظ على مدينتهم (العاصمة)، لأنها تمثل وحدة ليبيا وواجهتها للعالم.

*

حفظ الله ليبيا

______________________________________________

1- يمكن مراجعة تدوينتي الخاصة عن طرابلس والماء (هـــــنـــــا).

2- المكياتا: أحد المشروبات الساخنة الصباحية وفي النهار، وهي في أساسها قهوة تعالج بطريقة حاصة يضاف إليها بعض الحليب.

3- البريوش: هو الكرواسون، ويقدم بالعسل أو الشوكولاته.

ملاحظة: أنا هنا لا أحدث باسم سكان طرابلس، إنما أنقل واقع أعيشه.

2 thoughts on “ما أشبه اليوم بالبارحة

  1. الماستر says:

    “والتي يدرك الجميع إنما هي حركة لضرب مسيرة الديمقراطية في ليبيا، والمتمثلة في (مجلس النواب)”

    لا يا راجل؟؟ عرفتها بروحك ولا حد غششك؟
    باهي ومحاولات الانقلاب على المؤتمر “المنتخب من الليبيين”؟ الاعتداء على اعضاءه؟ تعطيل أعماله؟
    والا هذي مش محسوبة على العملية الديمقراطية؟!

    “إن أهالي طرابلس، وثوراها لم يشاركوا في هذه المعركة”
    لالا؟ والمشكلة اللي صارت نص الشهر على كوبري الغيران بين شباب جنزور وكتيبة الفرسان وبقايا 32 مقزز شن اسمها؟
    وإذا لم يكن ثوار سوق الجمعة وتاجوراء وابوسليم وغيرهم من أهالي طرابلس هم اللي يحاربو, فـ من اللي يحارب؟؟
    مصراتة بس للدعم, ولو ما صارتش حركة في طرابلس ما كانتش مصراتة دخلت في الموضوع
    لكن اإعلام الليبي وريث هالة وشاكير ما شاء الله عليه….مش مقصر, وخصوصا في موضوع الطائرة بدون طيار اللي ضربت مصراته هههه

    نصيحتي ليك…..لا تمسك العصا من المنتصف…….شوف الصح من الخطأ (وما تقوليش كله خطأ) لأنه لولا هكي رح تقعدوا طول عمركم هكي

    ربي يحفظ ليبيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.