من يكتب تاريخ ليبيا ما بعد 2011!!؟؟

على حائطي على الفيسبوك بتاريخ 3 يوليو الجاري، كتبت المنشور، التالي:

من الأسئلة الكثيرة التي تدور في رأسي: من سيكتب تاريخ ليبيا ما بعد فبراير 2011!!؟؟

واخترت اللون الأسود كأرضية، عن قصد، لتكون الكتابة باللون الأبيض. وكان القصد استطلاع آراء الأصدقاء والمتابعين، حول هذه المسألة، خاصة وإن التاريخ الليبي تعرض للكثير من التشويش، والتدخلات المقصودة، والتي هدفت إلى خدمة مصالح من كان بيده الأمر.

بعد فبرير 2011، تصاعدت الأحداث في ليبيا، وكانت هذه الأحداث سريعة، ومتفاعلة وغير مسبوقة، والتي نجد أثرها المباشر في المجتمع الليبي بشكلٍ عام.

متابعة القراءة

سامر يحكم ليبيا

حكايات ليبية

#أنا_أدون

سامر شاب في بداية العقد الثاني من عمره، مفعمٌ بالحيوية والنشاط، يسكن وعائلته مدينة طرابلس، وتحديداً وسط المدينة، يعني (ولد بلاد). وبالرغم من حداثة سنه، إلا أن أكثر ما يعجبني فيه هدوءه وسعة صدره، مقارنة بحدة وتسرع أقرانه.

عندما تعرفت إليه، كان حديث عهدٍ بالعمل، وكان لا يكف عن السؤال، محاولة لفهم ما حوله، وتدعيم ثقته بنفسه، ثم تجد ابتسامتهُ المميزة تقول لك: شكراً على مساعدتك.

عن الشبكة

عن الشبكة

قبل أيام، اضطرتنا ظروف العمل للقدوم مبكراً، فكان من ضمن المجموعة المختارة، وكالعادة سألته:

  • أمتى راقد؟
  • والله شن بنقولك.. الساعة 3!!!

وقبل أن أعلق، ابتسم ودخل في نوبة ضحك، لم أفهم كنهها حتى هدأ.

  • خيرك شن في؟
  • والله مش عارف شن بنقول ولا نحكي!!!؟؟؟
  • قول، ولا احكي.. المهم نبي نعرف.. مش تقصقيص!!! لكن اللي يشوفك وانتا تضحك يقول يا مسطول يا زارط!!!
  • عارف وانا نراجي اليوم، صارتلي حاجة مش طبيعي.
  • شنو؟؟؟
  • خدتني نومه بتاع 10 دقايق ربع ساعة.
  • ووين اللي مش طبيعي!!!؟؟؟
  • هادوكا العشر دقايق حلمت فيهم.
  • مسرع، يعني وصلت للحلم في هالدقايق.
  • وهو مش حلم
  • ؟؟؟؟؟؟!!!!!
  • تعرف لتوه حاير في روحي، وفي نفسي.

وعاد للضحك.

متابعة القراءة

الشعب الذي أبهر العالم

ليبيات 44

نعم أبهرنا العالم، وعلى مر العصور كنا البلد والشعب الذي تخصص في إبهار العالم، من أول (من ليبيا يأتي كل شيء عجيب)، مروراً بارتدادنا لأكثر من 10 مرات، وصولاً ثورة 17 فبراير المجيدة. ولو تفكرنا قليلاً في أنفسنا، لأبهرنا أنفسنا، دون شك.

ولعل حالة الإبهار التي لازمتنا هذه، جعلتنا ننظر للأمور بشكل مختلف، ومغاير عن الآخرين، الأمر الذي يجعلنا نقف على مسافات مختلفة، ومواقع مغايرة عما يراه الأخرون، ويتفقون حوله. ولنا في التاريخ الكثير من الأمثلة، وليس أقرب للاعتبار من انتفاضة الشعب الليبي، في ثورة شعبية أطاحت بنظام القذافي، دافع فيها الشعب عن حقه وحلمه، وبذل من الدماء الزكية الكثير. وعلى غير المعتاد فشلت كل محاولات القذافي لضرب الليبيين من الداخل وإضعافهم، وتفريقهم، فهو كلما دفع باتجاه التفرقة، كان الشعب أكثر التحاماً، واتحاداً وتضحية، فالشعوب الأصيلة والعميقة ثقافياً، تنزع لا إرادياً للتكافل، والدفاع عن لُحمتها.

وانتصر الشعب، وأُعلن التحرير، وخرج الليبيون إلى الشوارع فرحين مهللين بالنصر، يشكرون الله، والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل هذه اللحظة التاريخية، التي سوف لن ينساها التاريخ، وستظل في الذاكرة الليبية.
وفي الي الحظة التي ظن فيها العالم إن ليبيا تدخل عهداً جديداً من العدالة والحرية والبناء، بعد ما قدم من دعم ومساندة، فاجأناه بتحولاتنا غير المتوقعة، والتي أكدت إننا لم نكن نقف على ذات المسافة من هدفنا، ولم نكن على ذات الموقع. وما أستطيع قوله، إن الهدف كان من القوة بهيث شغلنا عن قراءة مواقعنا ومعاينة مسافاتنا، لم نراجع، لقد حجّمت الحماسة الكثير من المواقف والأخطاء، التي كانا سنستفيد منها كثيراً لو وقفنا عندها، وسارعنا بحلها، دون تجاوزها.

وما زلنا نبهر العالم.
لقد تحولنا من ليبيا الهدف إلى ليبيا الغنيمة، ليبيا المكسب وما نستطيع الحصول عليها منها.

كنا نقول: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
فانهزمنا أمام أنفسنا، ورفعنا الراية البيضاء سريعاً وعالياً، وتركناها تقودنا في الوحل وتخوض بنا بركه الآسنة.

كانت ليبيا واحدة، كيفما جئتها تلقاها (ليبيا).
لكننا حولناها إلى ليبيات، ووجهنا السلاح إلى صدورنا، وضغطنا الزناد.

كان هتاف (دم الشهداء.. ما يمشيش هباء)، يرتفع إلى عنان السماء، فيهزها.
صار الدمُ الليبي، أرخص من الرصاصة التي تُهرقه، وصارت (الشهيد) كالبضاعة الصينية، متوفرة ورخية، ولا تعمّرً طويلاً.

كان الانتخاب عرساً رقص فيه الجميع، وتفاخر بأصبعه الأزرق عالياً.
لنكتشف أن اللعبة أكبر منَّا، فجلسنا نتفرج.

في لحظة ما، ضاعت من ذاكرتنا، رأينا ليبيا مختلفة، أكثر بهجة وإشراقاً وبناءاً ونهضة.
وفي لحظة ما، لم تضع بعد، نحنُ على عتبة التمني، بالعودةِ للخلف.
*
الأملُ في الله أكبر
حفظ الله ليبيا

اقتباس

شعب يكره الحرية

ليبيات 31

حراك

كم كان ذلك الحراك الشعبي رائعاً وراقياً في تعاطيه لأحد أهم قضايا الساعة سياسياً في ليبيا، وأقصد موقف الشارع من تمديد المؤتمر الوطني لأجل بقائه، بين مؤيد (نعم للشرعية)، ومعارض (لا للتمديد).

أكثر ما أعجبني في هذا الحراك، عفويته، والخروج البسيط لكل شرائح المجتمع، سواء مع أو ضد، المهم في الأمر هو سلمية هذا الحراك، وشكله الحضاري في التعبير عن الرفض بقولة (لا للتمديد) الأمر الذي جاءت نتائجه مباشرة من خلال استقالة بعض أعضاء المؤتمر، استجابة المؤتمر بطرح خطة طريق، والعمل بشأن انتخابات مبكرة.

وكما أشرت في تعليق على هذا الحراك من خلال حائطي على الفيسبوك، إن هذا الحراك جاء على غير المتوقع من البعض، ممن لا يريدون لهذا الوجه الحضاري أن يكون حاضراً في المشهد، خاصة من حاولوا الترويج لفكرة لا سلمية هذه المسيران، وغوغائيتها وتهديدها لمقار مؤسسات الدولة.

وأضفت، أنه حتى بالرغم من محاولة العمل العسكري، الذي جاء من كتيبتي (القعقاع والصواعق)، زاد من قناعة الشارع بحراكه وإيمانه بالشكل السلمي الذي اتخذه للمطالبة بحقه.

ثقة

في هذا الخضم، جاءت انتخابات اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، أو اصطلح عليه بلجنة الستين، ورغم ما قدمته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من فرص لتسجيل الناخبين، وتمديد آجال التسجيل، وفتاوى المفتي وشيوخ السعودية، حتى الوصول لرقم ما فوق المليون، وهو رقم مرضي مقارنة بالناخبين للمؤتمر الوطني العام. لكن الوقائع كانت مغايرة.

فـ45% من عدد الناخبين المسجلين، نسبة مخيبة للآمال، متوقعة من ضعف الإقبال على مراكز الانتخاب، وفشلها في بعض المناطق عن تسجيل ناخبين، أو استقبالهم. وهكذا كتب لهذا الجسم أن يولد ضعيفاً، وفاقداً لبعض أعضائه.

والسبب الرئيسي، أن المواطن الليبي فقد الثقة فيمن سيمثلونه، مطلقاً، بعد الأداء الضعيف والشكل المخزي الذي ظهر به المؤتمر الوطني العام، من خلال ما قدمه، وها هم أعضاء المؤتمر كتلاً وأفراداً مستلقين يتصارعون فيما بينهم، لجني مصالح أكثر على حساب المهمة الأساس.

 اختطاف

اقتحام

في تفاعل دراماتيكي، وغير متوقع، كأن “هيتشكوك” من قام على إخراج هذا المشهد، اقتحمت مجموعة المعتصمين أمام مقر المؤتمر، من المطالبين بوقف المؤتمر الوطني (لا للتمديد)، جلسة المؤتمر وبدأوا في التهجم على أعضاء المؤتمر لفظياً وجسدياً، بطريقة غير حضارية، وتكسير أثاث المقر وإحراق السيارات.

وبالرغم من أنه ليس الاقتحام الأول، إلا أن هذا الاقتحام جاء في وقت حرج، من تاريخ ليبيا ما بعد القذافي، حيث البلاد في دوامة الشرعية، وانفلات أمني كبير. بالتالي فإنه يحمل من الدلالات الكثير، لمحاولة تفسير هذا الانقلاب الكبير، من السلم للاعتداء، مجبراً إيانا على الدخول من باب (نظرية المؤامرة)، والاقتناع بكل الوجوه التي يمكن رؤيتها خلفه، وأكاد أقول إني على عتبة الاقتناع بالكثير مما يقال ويثار حول الموضوع. لأنه بدون وجود مصلحةٍ ما لجهة ما، أو تكتلٍ ما، أو شخصٍ ما، لا يمكن لهذا الفعل لأن يتطور بشكل مخالف لما خرج من أجله.

الحد العشوائي

تحدثت عن الحد العشوائي في المعادلة الليبية، وأن هذا الحد يمثل عشوائية الحراك الليبي، وبالتالي هو كحد بالرغم من وجوده، لا يمكن توقع أو حجمه أو مدى تأثيره في المشهد.

التجارب أثبتت إن هذا الحد العشوائي، الموجود في كل المجتمعات، في ليبيا لا يمكن سبره عن طريق الاستبيانات، أو من خلال الدراسات العلمية المنهجية، أو توقعه من خلال تفاعل الإحداث وردود الأفعال، إنما هو على علاقة عكسية بالقوة، ونعني السلطة؛ إذا كلما زادت قوة السلطة (قبضتها)، قل نطاق الحد العشوائي.

وتأسيساً على هذا الطرح، فإنه في حال اتسع طق هذا الحد، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث، من حراك غير متوقع (عشوائي) داخل هذا النطاق، ولعل تجربتنا أكبر دليل على هذه العشوائية، والفوضوية.

ثورة

في تونس الآن، النسبة العظمى ممن قابلتهم من التونسيين، يحرفون لفظة (ثورة) إلى (فوضى)، كنت بجانب أحد الشباب نتقي المطر، والشارع حيث نقف ارتفع فيه منسوب الماء لدرجة لم تعد تمكن السيارات من المرور، ونحن في حاجة تاكسي للذهاب إلى وجهتنا، فانطلق هذا الشاب يعلق على الوضع، وتدهور الخدمات، وعجز الحكومة عن القيام بدورها، و……..، فالتفتت إليه وقلت:

– يا خوي قول الحمد لله، حالكم أحسن من حالنا.

فابتسم، وعلق: الأخ من ليبيا؟.

أجبت: نعم.

فابتسم، وهو يقفز في غدير الماء: يفرج ربي خويا.

حرية

الشعب الليبي لم يتعود على الحرية، ولم يعشها.

الكثير يردد هذه الفكرة، سواء بشكلها هذا أو بطريقة أخرى، كأن ينسب الأمر للثقافة: الشعب الليبي شعب غير مثقف ديموقراطياً، أو إن الشعب الليبي مسلوب الثقافة.

من المؤكد لدي، إن الشعب الليبي لم يكن غبياً، او تلميذاً فاشلاً، لنجد له الأعذار، بينما هو من الذكاء ما جعله يستمر، ويستطيع استغلال كل الفرص التي أتيحت أمامه. وتجربة الشعب الليبي مع السلطات المتعاقبة عليه، ومع القذافي بشكل خاص، تعطينا الكثير من الإشارات لقدرة هذا الشعب على ممارسة الحرية في المساحة الممنوحة إليه بشكل ممتاز، وأنه شعب يتمتع بمرونة كبيرة لتخطي الموانع والتعامل مع الحالات الطارئة، دون نسيان تجاربه. لكن الثابت، أنه لابد من وجود رقابةٍ ما لتضمن أن يكون الحراك ضمن نطاق محصور، يكفل ممارسة حرة للشعب، وفي المقابل، ضمان عدم خروج هذه الممارسة عن حدود القانون. وهو الممثل في السلطة، والمرجعيات القانونية.

كره

إن مفهوم الحرية، مفهوم كبير، وعميق، استفاد من تجربة البشرية منذ بدا الخليقة، وتطور مع الزمن، وما زال. فالحرية لا تعني الانطلاق على الهوى، أو الخروج عن حدود القانون أو السلطة الحاكمة. إن السؤال الأول الذي تطرحه الحرية عليك هو: ما الذي تريده مني؟ وبي؟ هذا قبل سؤالها: لماذا؟ وكيف؟. وهو من الصعوبة –أي السؤال الأول-، بحيث مازلنا نقف عند (ما الذي تريده مني؟). بينما البعض قفز إلى (ما الذي تريده بي؟).

ولأني أحب توصيف الأشياء بعيداً عن المجاملة، أقول: إنّا شعب يكره الحرية.

فبالرغم من جمالها، وجاذبيتها، وصفاء عينيها، وعمق نظرتها، نتلذذ بحبسها وطبع سكيننا الحامي على ذراعيها وساقيها، محولين وجعها إلى موسيقى رقص، وصوتها الصارخ إلى نشيد. وحالتها إلى مصلحة.

شعب يكره الحرية، يستغلها ويتحرك ويتفاعل باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس فوضاه باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس ساديته برعايتها.

شعب يكره الحرية، ويقول إنه شعب مميز.

شعب يكره الحرية، ويمعن في الكره.

*

حفظ الله ليبيا