لا أجد من الأوصاف لوصف ما تبر به ليبيا الآن إلا (التخبط)، وإن كنت أعتبر أن ما تمر به البد من مخاض هو حالة صحية، تعكس سلامة الجسم وعودته للتعافي وريداً رويداً. إلا أن ما تصرف مسؤوليه هو ما أوقعه في مثل هذا الحالة (الملخبطة).
ولا أوضح من حالة تخبط رئيس المؤتمر الوطني “د.محمد يوسف المقريف”، الذي لا تكاد يتفق في تصريحاته، فينتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أو يرتفع، لينزل سريعاً، وكأنه لا يجيد الحكم على الأمور، أو كيفية التعامل مع الأزمات. فها هو يتحدث باسم ليبيا ويعتذر أمام مجمع الأمم المتحدة باسم عما اقترفه نظام الطاغية، ثم يعود لليبيا ليقول أنها ستكون علمانية، ليعود ليعتذر.
صورة أخرى لهذا الخبط، اختيار حكومة “أبوشاقور” وما رافقها من أحداث وما قيل فيها وعليها، في الوقت الذي علق عليها الليبيون الكثير من الآمال، كونها ستضمن لهم بداية بناء دولة حديثة. هذا ناهيك عن تصريحات الوزراء التي تعكس تسرعهم وعدم درايتهم، ومحاولة إرضائهم للشارع الليبي.
إن هذا التخبط مراقب مباشرة من كل أفراد الشعب، الذي يدرك ويعي ما تحتاجه البلاد لمرحلة التأسيس، وهو بمسؤولية يتعامل مع الدولة الممثلة في المؤتمر الوطني ويحترم قراراته بعد أن وضع ثقته في ممثليه. وعلى الحكومة أن تبادل المواطن ذات القدر من المسؤولية والوعي والإدراك بحاجاته، وألا تلعب ذات اللعبة القديمة، وأقصد المرتبات.
ولعل أكثر ما يفسر حالة التخبط هذه، ما حدث من اقتحام لقاعة المؤتمر الوطني، من قبل مجموعة من المعترضين. وأياً كان سبب اعتراضهم، واعتراضنا على طريقة تعاملهم وتصرفهم غير المسؤول. إلا أنه وبالرجوع للجذر، سنكتشف أن المسألة في أصلها هي تخبط الحكومة الليبية. وأرى أنه من المفروض على المؤتمر الوطني:
– أن يعتدل في تصريحاته، ولا يتعجل إصدارها.
– تكوين لجنة مختصة تقف على كل ما يصدر عن المؤتمر الوطني، وخاصة رئيسه “د.محمد يوسف المقريف”.
– أن تكون ثمة لجنة مماثلة في كل وزارة، حتى تكون تصريحات الوزراء على قدر من المصداقية والمسؤولية.
– الشفافية، والتعامل مع المواطن بمسؤولية، كون المجلس يستمد شرعيته منه.