ما تلقيت من تعليقات حول ما نشرت في مدونتي (مالاخير) حول ما تعرضت له الإذاعية “سارة المسلاتي” من سحبها من برنامج تقديم افتتاح المؤتمر الوطني، يعكس الكثير من وجهات النظر بين مؤيد ومستهجن لما حدث. وللأمانة قمت بنشر جميع التعليقات على المدونة إيماناً مني بحرية الرأي حتى المتطرف منه، والمنحرف. وفي ذات الوقت قدمت لي هذه التعليقات وما أثير من نقاشات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، رؤية أخرى للموضوع، وأبعادٍ أخرى دعتني للكتابة في ذات الموضوع، من باب قراءة الواقع والوقائع.
أول النقاط التي أتوقف عندها هي ارتباط الدين بالشكل. فبعيداً عن مسألة الحجاب واللباس الشرعي واختلاف الآراء فيه وحوله، فلقد قمنا باستيراد النظره الغربية لنا فيما يخص الشكل، فصار التدين لنسبة لنا، مجموعة من العلامات والتمظهرات في الشكل واللباس، فكما تقاس تقوى الرجل، بمقدار ما يشمر من إزاره وما يطيل من لحيته، تقاس تقوى المرأة بحسب لباسها وهيئتها، من الحجاب العادي إلى الخمار، بمعنى كلما ازدادت قتامة اللباس وحجبه كانت التقوى أعلى. وهذا أدعى للرياء، لذا فإن الإسلام يملك القلوب والعقول بالهداية، حتى لا يعيش الإنسان الازدواجية التي يعيشها الليبي (والعربي والإسلامي بصفة عامة).
المسألة الأخرى، هي مسألة قبول الآخر، والآخر هنا أياً كان، وكيف كان، وهذا من المبادئ التي قامت عليها الدولة الإسلامية الكبرى إبان نهضتها وعلو كعبها على سائر الأمم. وهو يعني قبول الآخر دون النصل لجنس أو لون أو معتقد، التعامل الشفاف هو أساس العلاقة بين الطرفين، فكل طرف يخلص النية في عمله، والقصد هو الخالق (كيفما كان المعتقد) أو المصلحة. ولقد كسبَ المسلمون بهذا الإخلاص قلوب العباد لينتشر الإسلام ما بينهم. ونحن الآن لا نقبل حتى الجار، مالم يخدم مصلحتنا الخاصة، سواء على المستوى الفردي (الشخصي) أو الفكري (ثقافي، ديني، سياسي،…). لأن مبدأ القبول بالآخر، نداً، يعني بناء جسور تواصل على ذات المستوى من الثقة والمسؤولية.
المسألة الثالثة، وهي استغلال الدين، وكأنه (عزوزة القايلة) التي كانت أمهاتنا تخيفنا بها صغراً. فالطامة عندما يتحول الدين في يد البعض إلى وسيلة استغلال وتسلق وتخويف، من أجل تمرير مجموعة من الأفكار الخاصة، وإجبار الآخر على الأخذ بها، واتباعها وإلا كان خارجاً عن الدين. وهكذا يتحول كل شيء إلى ديني، قابل الفتوى والتحليل والتحريم. ليتحول الدين من براح للنفس إلى قيد يكبلها ويقهرها عن التفكير والتأمل. ومن يستغل الدين على يقين من أن الإنسان البسيط (العوام)، ضعيف أمامه، خاصة وإنه يتم استغلال جهله بحشد الآيات والأحاديث، وجمل لا يُمل من تكرارها.
لقد كشفت هذا الموقف الفجوة الكبيرة (الازدواجية) التي نعيشها كليبيين بين ما نعتقد (نظن) وما نريد. فمازلنا متذبذبين بين أقصى اليمن وأقصى اليسار، المستشار نظرياً (وعلى الورق) يؤكد (الليبيون شعب مسلم في غالبيته، سني، وسطي)، تأتي الوقائع لتؤكد أن التطرف هو الحال الذي تسيّر به الأمور. وإلا كيف نفسر جملة المستشار (نحن نؤمن ونعزز ونقدر الحريات الشخصية، ولكن نحن أيضاً شعب مسلم لنا تقاليدنا ولنا عاداتنا ويجب أن نحتفظ بها) مع كل تقدير له، وهي تنتهي بسلب هذه الحرية، كما إن ما نراه في الشارع الليبي بشكل يومي، لا يعتبر ما حدث خارجاً عن عاداته وتقاليده، بداية من ستينيات القرن الماذي وحتى وقتنا الحالي، وإلا ثمة عادات وتقاليد لا نعلمها لشعبنا المسلم.
إن ما حدث ليلة افتتاح المؤتمر الوطني العام، ليس بدليل على أننا شعب مسلم غيور على دينه، ولا إننا شعب محافظ على تقاليده وعاداته. باختصار إننا كمجتمع مازلنا نحمل المرأة مسؤولية الحفاظ على المستوى الأخلاقي للمجتمع، فلو كانت النساء الليبيات مختمرات في مجموعهن لكان المجتمع، مجتمعاً إسلامياً خالصاً نصيبه الجنة.. أما السرقات والتلاعبات والتجاوزات والاختلاسات المالية، والواسطة والرشوة، كلها أمور لا علاقة لها بأخلاقيات المجتمع.
لذا أعود لأقول (آسفين يا ساره) حملنا جريرة مجتمع متهالك، مازال يعتبركن ناقصات عقل ودين، ليس لكم من دور إلا خياطة الأعلام، وطهي الطعام للثوار، والدفع بفلذات الأكباد لساحات الوغى، تفنين عمركن وأنتم تدفعن دون استحقاق.. والله من وراء القصد
باهي ياراجل وانت شديت الموضوع انساه
خلاص
المقالة ذكرت كل ما يدور ببالي…. أبدعت….
المقالة رائعة ولاكن المجتمع ليس بهذه الماساوية التي صورتها فمنهم من يعتبر المراة هي بالفعل نصف المجتمع الدي تعيش فيه ولو كانو اقلية ولاكن نحن في مجتمع الدكورة تغلب عنه وانا من رايي ان المراة هي من تستطيع ان تقنع البقية الباقية بما يجب ان تكون عليه عقليت البشر والله المستعان ولك كل الشكر على طرح هذا الموضوع
للاسف هذه العقلية السائدة .. انحسرت الاولويات في المظاهر واهملنا المعايير والقيمة الحقيقة لكل ما هو مهم