ليبيا .. الأمن والأمان

1

الحقيقة التي يجب أن نعرفها، أن ما كانت تعيشه ليبيا لم يكن أماناً؛ إنما قبضة أمنية.

2

شيء لا يمكنني تفسيره، فبالرغم من كوني متفائلاً بالغد –غد ليبيا-، وكلي أمل في خروج ليبيا من مأزقها؛ وأن ما تمر به ليبيا إنما هو حالة صحية، يعكس ارتفاع درجة حرارتها تماثل الجسم للشفاء، ودليل على مقاومة خلاياه للمرض. فلماذا إذن، تنفجر الأمور بمثل هذا الشكل، أمنياً؟.

3

المسألة في زعمي بدأت باكراً. وتحديداً عند الإعداد لتحرير طرابلس، عندما تم عرض الخطة الأمنية الخاصة بتأمين طرابلس –العاصمة-، والتي ستنفذ فور التحرير. وتفننت القنوات بعرضها حركياً ومعلوماتياً.

وتحررت طرابلس، ولسببٍ ما لم يتم تنفيذ خطة الأمنية لتأمين العاصمة.

4

إضافة لما ذكر عن عدم تطبيق الخطة الأمنية المعلن عنها لتأمين العاصمة، ثمة أسباب أخرى جعلت الوضع يصل إلى ما هو عليه، من اضطراب أمني وتضارب ونشوء بؤر توتر في ليبيا، أهمها:

– الاستعجال في إعلان التحرير، وربطه بمقتل الطاغية. بالرغم من أنه ثمة أكثر من مدينة كانت غير محررة. وكان من الضروري أن يكون إعلان التحرير مقروناً بالتحرير الكامل لليبيا من بقايا نظام الطاغية.

– المسألة الثانية، هو التهاون الكبير من قبل المجلس الوطني في الإسراع بفرض سيطرته على المواقع والمراكز المهمة، التي سيطرت عليها كتائب الثوار. فكان الوقت المتسرب في صالح أشباه الثوار والمتسلقين وضعاف النفوس، وبقايا النظام للتجمع وتكوين تجمعات وكتائب وهمية، همها ترويع الآمنين وضرب المجتمع في ثورته.

– مسألة أخرى تضاف لسابقاتها، ألا وهي التأخر في تفعيل الشرطة والجيش، وعدم وجود خطة واضحة المعالم لذلك، وكأن ثمة يداً خفية تقف وراء نية التفعيل، الأمر الذي تأصلت معه الكتائب والمفارز وتحولت كل واحدة إلى جيش مستقل يملك عسكره وسلاحه، وحتى وإن كان بعضها تابعاً للجيش أو اللجنة الأمنية، إلا إنها تتمتع باستقلالية وتتحرك بمعزل عنهم، وهذا ما نعايشه.

– وكنتيجة للنقطة السابقة، تمركزت هذه الكتائب والمفارز في مدنها، وتركت ممثلين لها في طرابلس، وعملت على حماية مناطقها. بالتالي فإن المدن التي لم يتم التعامل معها بشكل نهائي، ظلت بؤراً للتوتر والقلق. وهو الوقت الذي مكنها من البقاء أكثر والاستمرار في تأثيرها السلبي.

– اعتماد بناء الحكومة الأولى على المحاصصة، خاصة فيما يتعلق بالجيش ووزارة الداخلية، الأمر الذي ركز الاعتماد في بناء الشرطة والجهاز الأمني والجيش على الولاءات، بالتالي لم يتم ضم كتائب الثوار كأفراد؛ وهو ما كان واجباً ومفروضاً، بل تم ضمها ككيانات، ظلت تحت أمرة أمرائها –كما أشرنا سابقاً-.

– المسألة قبل الأخيرة، هي عدم التعامل مع نقاط التوتر بالحكمة والصرامة المطلوبة، وتركت الأمور في أغلبها للوقت، مما راكم الأزمة أكثر. إذ افترضت بعض الأحداث التعامل السريع معها، واستخدام بعض الصرامة لمعالجتها. خاصة وإن مساحة ليبيا الجغرافية، الكبيرة نسبياً، تجعل من سرعة التنقل والإمداد أمراً ليس من السهل التعامل معه، خاصة فيما يتعلق بأمن الحدود، في قصور الطيران العسكري، الذي عمل نظام الطاغية على كسر أجنحته.

– المسألة الأخيرة، الواجهة القبلية، التي تبرز عندما تميل كفة المعتدي، أو عندما يجد نفسه في مواجهة القوة، فيتم اللجوء إلى شيوخ القبائل والعائلات لحل المشاكلة وتثبيت الأوضاع، الأمر الذي يجد فيه البعض مهرباً من العقاب، وكأن أرواح من أزهقت رخيصة.

5

إن السرعة والحكمة من أهم الأمور التي على الحكومة القادمة مراعاتها فيما يتعلق بمسألة الأمن والأمان في ليبيا. السرعة في تكوين جهاز أمني قوامه الشرطة والجيش، والحكمة في حل التوتر الذي تمثله، وهو الرهان الذي على حكومة “أبوشاقور” كسبه، وإنجازه.

***

نشر بصحيفة الكاف الإلكترونية

ليبيات 1 … المعادلة الليبية

المعادلة الليبية 1

(ليبيا بدويةٌ شرسةْ

تحب حين تحب من تشاءْ

وتكره حين تكره من تشاءْ

تسقي العابرين القاحلين،

بدلوٍ من أجاجٍ وغناءْ

وتستسلم لمن يطوقها بالقوافي

وينفذ إلى قلبها على صهوة الخيالْ)*

Continue reading

دليلك في التعامل مع الفيس بوك -الأخـــبـــار-

لا يخفى على الجميع الأثر الكبير الذي أحدثهُ (الفيسبوك) في حياتنا الاجتماعية، وما أدخله لثقافتنا من مصطلحات ومعارف جديدة. ونظراً للدور الكبير الذي لعبه الفيسبوك في ثورات الربيع العربي، وثورة 17 فبراير المجيدة –بشكل خاص-، تحول هذا الموقع والذي يصنف كـ(موقع تواصل اجتماعي) إلى الوجهة رقم واحد لمستخدمي النت في ليبيا، ليقفز عدد مستخدمي الفيسبوك من الليبيين إلى 598,380* مشترك، بما نسبته 9.07% من إجمالي سكان ليبيا، لتحتل المرتبة العاشرة عربياً والـ94 عالمياً (كما جاء في تحليلات موقع: socialbakers). بالرغم من محدودية انتشار شبكة النت في ليبيا وضعفها. Continue reading

يوم تسليم السنوسي*

1

لم يكن بالخبر العادي ليمر دون تعليق، أو جلبة.

لحظتها كنا نستعد للخروج لإعداد الترتيبات اللازمة لاستقبال الطائرة بحقل الـ103A، عندما ظهر الخبر فجأة على شاشة الأخبار، فتسمرنا إليهِ ثلاثـتنا دون حراك. تحركت أصابعنا بين قنوا الأخبار العربية والدولية والليبية، باحثة وراء الخبر، الكل يؤكد وصوله إلى ليبيا، دون تأكيد الحكومة الليبية. مجبرين تركنا التلفزيون صوب المطار، والحديث مرتكز حول السنوسي وما يجب فعله. في الطريق إلى مطار الحق، حاولنا الاتصال بزملائنا العاملين بمطار معيتيقة، لتأكيد خبر وصوله لمطار إليه. ولأن النت يعاندنا في الصحراء كثيراً، كان التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة لإرواء فضولنا.

Continue reading

الخـطـرُ الأمـازيـغـي

مصطلح (الأمازيغ) من المصطلحات التي تعرفت إليها مؤخراً، أو لنقل في الجزء الأول من حياتي الثقافية، وبالتحديد في بدايات تسعينيات القرن الماضي، حيث كنت –حتى وقتها- أستخدم التعريف المحلي المقابل للمصطلح (الجبالية)*.

(الجبالية) كانوا جيراننا لسنوات طويلة، قبل أن يتركوا الحي للسكن إلى آخر، ويجيئ غيرهم، ولا زلت أذكر كيف ودعناهم وودعونا بالدموع، ومازلنا على تواصل. تربيت في بيتهم، أكلت من خبزهم وتذوقت ملحهم، وكنت أحب البيض المقلي الذي كانت جارتنا –الله يذكرها بالخير، هي جدة الآن- تعده على طريقتها الخاصة. لعبنا سوياً، تخاصمنا، تصالحنا، كنا صغاراً، وكان الفرق الوحيد هي اللغة التي يتحدثونها، والتي استطعت التقاط العديد من مفرداتها، درجة فهمي وتحدثي بها قليلاً.

Continue reading