ليبيات11.. على حذر.. عيادي وسنين دايمه

العـيد كما أذكره

benghazi2

الصورة من النت

لازالت في الذاكرة بعض الصور عن العيد الصغير –كما نسميه في ليبيا-، تجمعني بأصدقاء الطفولة والصبا والفتوة، منهم من رحل عن دنيانا الفانية، ومنهم من أخذته صروف الحياة.

أذكر العشر الأواخر من رمضان، كيف تشعل الحماس في البيوت الليبية تجهيزاً واستعداداً للعيد بأصناف الكعك والحلويات، وكيف هي ليلة 27 بعد الختمة في صلاة التراويح، تنتقل أصناف الحلوايات بين المصلين والدعاء يرتفع والزهرُ ينزل مطراً. وما لا يمكنني نسيانه بكاء الشيوخ، في وداع رمضان، والابتهال.

من منا ينام ليلة العيد، نظل مشغولين بالسهر والسمر واللعب، حتى قرب الفجر عندما يأتي جارنا ويوقف سيارته من نوع بيجو عائلية في الشارع، يفتح صندوقها الخلفي الواسع، ويدعو الجميع لتناول (السفنز)، فتسبقنا أيدينا، وسط ابتسامته الواسعة.

يستمر السمر إلى الفجر، نصلي ونعود لبيوتنا لبعض الراحة، من بعد نستحم ونلبس ملابس العيد، وننطلق للصلاة، جماعاتً جماعات، نسلك طريق (الوسعاية) مباشرة للجامع (جامع وسعاية بديري)، حيث نشارك في التكبير، حتى الصلاة وخطبة العيد، ليقف الجميع، ولا يغادر أحداً إلا بعد أن يكون عيّد على من في الجامع، لنعود من طريق (الروضة) كما نصح الشيخ.

عند وصولنا للحي، نطرق الأبواب باباً باباً، نعيّد على الجميع، ولا ننسى بيت (الحاج محمد) كبير الحي لأنه سيستقبلنا بالحلويات والابتسامة.

عند الضحى، تكون شحنتنا انتهت. يهدأ الشارع، ويغرق في النوم حتى المساء، وأكون أول من يشعل الشارع:

– يا وليييييييييييييييييد، هيا.

العـيد أكثر نضوجاً

مع الأيام، صار للعيد مذاق آخر، وبهجة مختلفة عما كنته صغيراً، فصار مناسبة للالتقاء والأصدقاء، وإقامة بعض المناشط الشبابية، اجتماعية وثقافية، من خلال المعايدات، وغيرها.

في العمل صار لعيد الفطر معنى آخر تماماً:

– وانت عازب، ما عندك ما ادير، اخدم يوم العيد وارتاح اليومين التانيات على طولهم.

هذا مصير العازب، أن أعمل يوم العيد، وأن أضحي كي يستمتع المتزوجون من زملاء العمل بالعيد. وعندما انتقلت للعمل خارج طرابلس، اكتشفت معنى العيد بعيداً عن الأهل، وكيف لا تفلح مظاهر البهجة في تعويض الفرحة الحقيقية.

قدر لي أن أحضر العيد خارج ليبيا، في دولة أوربية، ولعامين متتاليين، لكن بالرغم من إحساس الغربة، كان لهذين العيدين مذاقٌ خاص، مذاق الألفة والإيناس بالآخر، فكانت الجمعية الإسلامية بمدينة (نيوكاسل)، تقوم على حجز ملعب الصالة الرياضية بمركز المدينة، وتقسيمه بين صالتين، واحدة للرجال، وأخرى للنساء والأطفال، لإقامة الصلاة والخطبة، التي ما إن تنتهي حتى تنتشر المعايدات وأطايب المأكولات التقليدية من بلاد المسلمين. الجميل في هذا المشهد هو التنوع الثقافي والعرقي، والذي تراه في اللباس، واللغة، من أقصى المغرب إلى حدود آسيا الشرقية.

العـيد اليوم

tripoli

على قلق زارنا هذا العيد.

إشاعات وحديث عن عمليات قد تطال بعض المواقع في طرابلس، دعّمها تحليق مستمر لطائرة غريبة في سماء طرابلس، ثم توجس وخوف بين الناس، لكن أهالي طرابلس، قرروا المقاومة بالبهجة والحبور، واستمروا حتى صلاة العيد.

كل أحاديثنا انصبت على ما يحدث في ليبيا، وحالة الانفلات الأمني، وعدم الشعور بالأمان، خاصة بعد التفجير الذي حدث أول أيام العيد بمدينة بنغازي، وما كادت شمس هذا اليوم تغرب، حتى فاجأنا دخول أرتال مسلحة قلب طرابلس، لتدخل طرابلس في حالة من الخوف والترقب، وينفتح بحرٌ من الاحتمالات.

ثاني أيام العيد جاء باهتاً، خفت البهجة قليلاً، إلا من بعض الألعاب النارية المتفرقة هنا وهناك، خاصة بعد صلاة الجمعة ونحن نتلقى خبر اغتيال الإعلامي “عزالدين قوصاد”. ثم لتُختم الليلة بحادث “شارع عمر المختار”. فتبيت طرابلس باكراً.

ثالث أيام العيد، هادئ وخجول. حينا سرت به بعض الحركة، إثر رجوع العائلات التي قضت عيد الفطر بمناطقها الداخلية، الشوارع بعد صلاة العصر عرفت حركة نشطة للسيارات، والمحال التجارية.

وحدهم الأطفال يستطيعون قطف بهجتهم في كل الظروف، وزراعة ابتسامة جميلة تتحدى الظروف، وتواجه عبوسنا وخوفنا من الغد.

*

حفظ الله ليبيا.

ليبيات 10.. المهم الطاغية مات.. أو: غسيل الأموال على الطريقة الليبية

نشاط تجاري محموم

تشهد السوق الليبية حركة تجارية نشطة، ووفرة غير مسبوقة في البضائع المستوردة، وغياب ملحوظ للمنتج المحلي خاصة فيما يخص المنتوجات الزراعية. والمتجول في شوارع طرابلس بصفة خاصة، سيعرف كم تغيرت معالم الكثير من الشوارع، التي تحولت فيها البيوت التي على الشوارع إلى محال تجارية وأسواق، تتصدّرها واجهات زجاجية كبيرة لأسماء علاماتٍ تجارية عالمية.

هذه الوفرة في البضائع، لا تقابلها أسعار مناسبة أو تنافسية، على العكس، فالأسعار متباينة، ولا يمكن وضع معيار ثابت لها أو أن تكون صورة لوضعية السوق مالياً، فسعلة ما يمكن أن تجدها بأسعار مختلفة بأكثر من 10 دنانير –على سبيل المثال-. فالكل صار يمكنه جلبُ ما يريد ويقدر من بضائع، فالمتحكمون في السوق في عهد القذافي لم يعد لهم من نفوذ وسلطة على السوق، فالسماء والبر والبحر كلها مفتوحة للاستيراد (كل حد وجهده)، لتنشط تبعاً، ثقافة الاستهلاك بشكل كبير. لنجد في المقابل شريحة من المجتمع الليبي، غير قادرة على توفير متطلباتهم الأساسية، ولا يمكنها الدخول للأسواق، مكتفين بالبضائع الرخيصة (الصيني موجود).

ثمة سؤال يطرح نفسه، هل تخضع هذه البضائع والسلع للرقابة؟ ونعني رقابة الدولة؟

لا أظن ذلك، فالشواهد كثيرة عن التجاوزات والخروقات الكبيرة، لدخول سلع وبضائع منتهية الصلاحية، يتم تزويرها وإعادة طرحها في السوق الليبية، التي لا تشبع ولن تشبع. أو دخل مواد غذائية تحوية نسبة من الكحول.

يعلق أحد الأصدقاء: السوق الليبي مافيشي أخلاق.

 أموال ليبية

غسيل أموال

– خيرك يا خونا!!!

– معاش عرفتها كيف.. العقار والأراضي كل يوم في الزايد.

فجأة ارتفعت أسعار العقارات (المنازل والأراضي) في طرابلس بشكل خرافي، ولأرقام فلكية، ولتقريب الصورة، نحن نتحدث عن متر أرض يصل سعره لأكثر من 10,000 ديناراً ليبياً.

هدمت منازل، وارتفعت مكانها عماراتٍ.

جرفت أراض وغابات، وتحولت إلى مقسماتٍ سكنية.

شوارع تغيرت معالمها، وقرى جديدة تشكلت.

سوق العقارات في ليبيا (شايطه فيه النار) والسبب كما يحلله أحد الأصدقاء؛ هو حركة الشراء الكبيرة التي عرفتها البلاد، وخاصة في طرابلس العاصة، التي عرفت دخول الكثيرين إبان فترة التحرير وما بعدها، وهذا الحركة النشطة، تفاعلت بشكل كبير بداية العام 2012، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 90% والأراضي بنسبة 100% إلى 200% وأكثر في بعض المناطق في طرابلس، واستمرت. هذا النشاط يعكس وفرة في السيولة –النقود-، وهذه الوفرة تفتح الباب على الكثير من الاحتمالات، خاصة فيما يتعلق بمن يقوم بشراء المزارع الكبيرة وتحويلها إلى مقسمات، أو من يقوم بشراء بيوت أو عمارات قديمة بوسط المدينة وتحويلها إلى فنادق، المسالة ببساطة –كما يشرح الصديق-، هو تحول المال من صورة ورقية إلى صورة عينية (عقار) ومن بعد، تحويل العقار –بيعاً- إلى قيمة نقدية يمكن تداولها بشكل سليم لوجود مرجعية لهذه الأموال. أما أصلها فقد انتهى، لأنه سيتحول في يد البائع إلى صورة أخرى.

يضيف الصديق: إن هذه الطريقة أفضل طريقة لغسل أموالٍ لا يعرف لها مصدر، لا من أين جاءت؟!!!؟ ولا كيف اكتسبت؟!!!؟، وشوف صاحبنا بتاع الـ25 مليون دولار في تونس، والتاني بتاع الـ2 مليون يورو في تركيا. وبعدين العقارات أفضل من العملة الجنبية والذهب، فهي في الارتفاع بشكل دائم.

ثم يختم: لكن أني نقولك، السوق حيطيح مرة وحدة، ومش بعيد.

المهم الطّاغية مات

الأمور لا تسير في مسارها الطبيعي، الأمر الذي لا يجعلك تستبشر خيراً.

تي عادي يا خونا.. المهم الطاغية مات.

اعتصامات وحصار لمؤسسات وهيئات الدولة.

مش مشكلة يا خوي.. المهم الطاغية مات.

يتوقف النفط عن التصدير، وتتوقف الحقول النفطية عن العمل.

عندما موارد تانية.. بس المهم الطاغية مات.

غارات وقتال بالأسلحة في الشوارع.

خيرك.. المهم الطاغية مات.

اغتيالات وقتل متعمد، وانتهاك لحقوق الإنسان.

ليبيا حرة، والمهم الطاغية مات.

البلاد خاشة في حيط.

المهم الطاغية مات.

البلاد تقسمت.

المهم الطاغية مات.

البلاد خلاص، راحت فيها.

عادي، المهم التاغية ماااااااااااااااااااااااااااااااااات.

الإشاعة

لدي قناعة عميقة أن الشعب الليبي لا يمكنه العيش بدون إشاعات.

الإشاعة

فهو يقوم ويصبح عليها، وهي الزاد وملح كل الجلسات -التهدريز- التي تحتشد بها المرابيع. فلو عددنا حجم الإشاعات التي نتداولها في حديثنا العادي، لكتشفنا كمها الهائل، من مجرد إشاعة في حي، إلى إشاعة في مقر العمل، وفي المدرسة، الإشاعة لا تغادر مكاناً في ليبيا. وهي تبدأ بسؤال: شن الاخبار؟، أو: شن صاير؟ أو: ما سمعتش؟. لنسج من الإشاعة إشاعة، وإشاعات.

ومما لا يغيب عن بالنا، إن نظام القذافي كان يعتمد أسلوب بث الإشاعات، لتحسس ردة فعل المواطن، وقابليته للخبر أو المعلومة المسربة، وكيف يمكن التعامل مع ردة الفعل المتوقعة.

*

دعونا نتعرف إلى الإشاعة

تعريف الاشاعه: الإشاعة لغة اشتقاق من الفعل “أشاع”،أما الشائعة لغة فهي اشتقاق من الفعل (شاع) الشيء يشيع شيوعاً وشياعاً ومشاعاً ظهر وانتشر، ويقال: شاع بالشيء : أذاعه.

أما الاشاعه اصطلاحا فتعددت تعريفاتها، ومن هذه التعريفات:

– المعلومات أو الأفكار،التي يتناقلها الناس، دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق به يشهد بصحتها، أو هي الترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، أو يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة.

كل قضية أو عبارة، يجري تداولها شفهياً، وتكون قابلة للتصديق، وذلك دون أن تكون هناك معايير أكيدة لصدقها.

كلام هام أو أفكار عامة، انتشرت بسرعة ، واعتقد فيها، وليس لها أي وجود أصلي.

ضغط اجتماعي مجهول المصدر،يحيطه الغموض والإبهام،وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات،وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار.

– معلومة لا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها، وتنشر عن طريق النقل الشفهي..

ومرجع هذا التعدد فى التعريفات أن كل تعريف يركز على خصيصه أو خصائص معينه للاشاعه، دون غيرها من الخصائص. وبالجمع بين هذه التعريفات يمكن تعريف الاشاعه بأنها: خبرٌ مجهول المصدر. غير مؤكد الصحه. يتم تداوله شفاهه عاده. قابل للتصديق. و قابل للانتشار. وان الشائعه تنتشر بشكل تلقائى، ودون أن يدرى ناقل الخبر كذب هذا الخبر. بينما الاشاعه تنتشر بشكل قصدى أى بفعل فاعل (على الاقل فى مراحلها الاولى )، ويعى هذا الفاعل كذب الخبر.

*

وتلجأ بعض الحكومات إلى الشائعات للكثير من الأسباب، والغايات، وبسبرٍ سريع لأنواع الشائعات، سنكتشف الهدف من كلٍ منها:

الإشاعة الزاحفة (البطيئة): وهي إشاعة تروج ببطء، وهمساً وبطريقة سرية، وهذا التكتم يجعل المتلقي يجعله يعتقد بصدقها.

الإشاعه السريعة (الطائرة): وهى اشاعه سريعة الانتشار،وسريعة الاختفاء أيضا.

الإشاعة الراجعة: وهي إشاعه تروج ثم تختفي، ثم تعود وتظهر من جديد إذا تهيئات لها الظروف، أو في الأوقات التي يريدها مطلق الإشاعة.

الإشاعة الاتهامية (الهجومية): وهى إشاعه يطلقها شخص بهدف الحط من مكانه منافس له.

الإشاعة الاستطلاعية: ومحاولة لاستطلاع ردة فعل الشارع، لذلك يطلقها منشئوها للتعرف ماذا يكون رد فعل الشارع لو تم اتخاذ قرار ما.

إشاعـة الإسقاط: وهي الاشاعه التي يسقط من خلالها مطلقها صفاته الذميمة على شخص أخر، وأغلب الإشاعات المتعلقة بالشرف هي من هذا النوع.

إشاعـة التبرير: وهى الإشاعة التي يهدف مطلقها إلى تبرير سلوكه غير الأخلاقى تجاه شخص أو جماعة معينة.

إشاعـة التوقع: وهي الإشاعة التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل أخبار معينة، أو أحداث خاصة، مهدت لها أحداث سابقة .

شائعه الخوف: وهى الشائعة التى دافعها الخوف من وقوع حدث ماساوى معين فى المستقبل.

شائعة الأمل: وهى الشائعة التى دافعها الأمل فى وقوع حدث سار فى المستقبل، كإشاعات النصر في زمن الحرب.

شائعه الكراهية: وهى الشائعه التى دافعها كراهية شخص أو جماعة معينة.

*

كلنا يذكر الثنائي “عبدالباسط بوقندة” و”خالد كافو” في مشهدهما التمثيلي (ما سمعتش)، وكيف ارتكز هذا العمل على الإشاعة وبنائها وتطورها، وسريانها، من شخصين يجلسان لتناول الشاي.

أما سبب انتشار الإشاعة في مجتمعنا الليبي، فهي كثيرة، لكن أهمها:

القلق: فالقلق يعكس حالة عدم الاستقرار التي يعيها المواطن، وعدم تمكنه من مقومات حياته اليومية، وسعيه الدؤوب من أجل توفير حياة كريمة. وهذا القلق يظهر بشكل واضح في مسألة الشك في كل شيء، سواء كان الأمر شخصياً أو من جانب الدولة.

الخوف: فالمواطن الليبي لا يشعر بالآمان والأمل في مستقبله، الذي يظهر غائماً ومشوشاً.

عدم الثقة: وهي نتيجة مباشرة للقلق والخوف، فيكون عدم الثقة مبدأ ومنهجاً سلوكياً وحياتياً اتجاه السلطة. يجعل من المواطن يعتمد على نفسه في تدبير أموره.

*

ولازالت الإشاعة مستمرة. وفي كل يوم تقم لنا جديد إبداعاتها، وحتى بعد ثورة 17 فبراير، لم يتغير من الظروف ما يسمح للمواطن الليبي بتفنيد أي خبر يسمعه، بل إن حالة عدم الاستقرار زادت ورفعت من وتيرة القلق، الأمر الذي أوجد بيئة خصبة لنمو الإشاعة بشكل سليم.

والملاحظ، سيد إن الكثير من الإشاعات، هي إشاعات (خوف)، نم خوف من المجهول، في ظل ما تمر به البلاد من اضطرابات وقلاقل. ودورنا هو توعية الشعب، وتقوية دفاعاته أمام الإشاعات، حتى لا يقع في حفرة التراخي والسلبية. فهو أحوج ما يكون لمن يأخذ بيده، ويبعده عن ضجيج الأخبار الكاذبة والمفبركة وتضخيم صغير الأحداث.

*

حفظ الله ليبيا

 

6 نساء ليبيات

وأخيراً بعد طول انتظار خرج علينا المؤتمر بلجنة الستين، والتي ستكون مسؤولة عن صياغة الدستور.

المسالة التي شغلت المعلقين منذ البارحة هو اقتصار مشاركة المراة الليبية في 6 عضوات. الأمر الذي اعتبره أكثر من معلق سياسي إنقاصاً من حق ودور المراة الليبية.

المرأة الليبية 1

وهنا أريد ان أعلق:

كلما ذكر موضوع المراة الليبية، قفزت في رأسي أغنية بائسة كان التلفزيون الليبي يصر على بثها تتحدث عن تحرير المرأة الليبية وإطلاقها، وأذكر أن أحد المشاهد الخيرة يعرض مجموعة من النساء المنطلقات إلى الساحة الخضراء -ميدان الشهداء-، ومشعد آخر يظهر مجموعة نساء يدخلن مطعم السلام -كما في الأغنية-، وبالرغم من بؤس الأغنية إلا إنها كانت في باب الضحك على العقول، لأن مسألة حرية المرأة تتعلق بنظرة المجتمع والعادات والتقاليد، أكثر من محاولة أي نظام. ففي ليبيا ظلت المرأة حتى السبعينيات جزء معطلاً في المجتمع الليبي، ولولا بعض الرائدات وجهودهن لتأخر دخول المراة الليبية للحياة العامة بشكل كبير، خاصة في المناطق والمدن والقرى الليبية التي لم تنل حظها من دخول وسائل ووسائط الحياة الحديثة.

وبعد ان كانت غفلة المرأة الليبية وجهلها، أحد شروط الزواج، تحولت المراة المتعلمة غلى مطلب كل شاب ليبي، فمنذ الثمانينات، والفتاة الليبية المتعلمة هي غاية كل شاب ليبي طامح للزواج. فنظرة المجتمع تغيرت كثيراً فأصبحت المراة المدرسة والموظفة فخر الكثير من العائلات، بالرغم مما يقال ويثار عن خروجها من البيت. فالمراة العاملة قادرة على المساعدة المادية في بناء الأسرة، والمعرفية -إلى حدٍ ما- في تكوين أسرة متعلمة.

وبعيداً عن أي تزويق، مازال المجتمع الليبي ينظر للمرأة نظرة دونية، تحط من قدرها، وتجعلها في مواجهة واقعاً اجتماعياً جافاً وصعباً. فمازالت المرأة رغم المكانة الظاهرية تعاني من ظلم وعسف الرجل. فهي (ناقصة عقل ودين) بالمفهوم الاجتماعي والقبلي، ومازال ينظر إليها كسلعة.

بعد التحرير، تطلعت المرأة الليبية إلى دور أكبر، خاصة بعد مساهمتها الكبيرة إبان حرب التحرير، فكانت أم وأخت وزوجة الشهيد، وكانت في الصفوف الخلفية تطبب وتعد الوجبات للشباب المقاتلين في الجبهات. لكن هذا الدور لم يأت، كلمة (شكراً) هو كل ما نالته هذه الصابرة، التي احتملت هم الـ42 عاماً.

 المرأة الليبية 2

وها هو المؤتمر الوطني العام يختار 6 سيدات في لجنة الستين للدستور، بما معناه أن نصيب المرأة من هذه اللجنة هو 1%. وهذه الواحد في المائة تحمل على أكتفاها أحلام المرأة، وإرث ذكوري أرهقها لعقودٍ وعقود.

كيف سيكون شكل هذه المساهمة؟

هل الـ1% هي نسبة عادلة؟ والمرأة في ليبيا تكاد تمثل أكثر من 50% من المجتمع؟

حقيقة لم أتوقع الكثير للمرأة الليبية، ولكن عليها أن تحاول المناورة بهذه الـ1% وتحقيق ما يمكنها من حقوق لدعم وضع المرأة في المجتمع الليبي. عليها أن تكون “شهرزاد” بحق، لتعرف كيف تستدرج “شهريار” لإعلان حقوقها.

*

حفظ الله ليبيا.

حساب البحري وحساب الرايس

تحالف القوى الوطنية

عقب إعلان (تالف القوى الوطنية) تعليق عضويته بالمؤتمر الوطني العام، يوم أمس، علقت في حائطي على الفيسبوك: (قد ﻻ أتفق مع قرار تحالف القوى الوطنية وتوقيته.. لكنها الشرارة التي ستطلق فتيل مواجهة حقيقة الوضع في ليبيا وضرورة حلحلته باتجاه إعﻻن الدستور وبناء دولة المؤسسات دون إطالة الطريق أكثر). لكني هنا سأحاول المضي أكثر.

توقيت

من المعلوم لدى الجميع، ما شهدته مدينة طرابلس -العاصمة- من أحداثٍ خلال الأيام الماضية من استخدام مفرط للسلاح، من قبل بعض المجموعات المسلحة، والمحسوبة على أحد القبائل التي عرفت بوقفها القوي والواضح في ثورة 17 فبراير، وما نتج عن هذا الاستخدام من ضحايا وأضرار مادية. ناهيك عن حالة عدم الاستقرار التي مازالت تعيشها المدينة حتى اليوم، وأكبر دليل، طوابير السيارات على محطات الوقود.

الدكتور محمود جبريل

الدكتور محمود جبريل

وكنا شاهدين على الاتهامات التي وجهت للتحالف، وقصدت بشكل مباشر السيد “محمود جبريل” متهمة إياه بإدخال البلاد في حالة فوضى مسلحة، كرد فعلٍ مباشر على العزل الذي طاله، بعد إقرار المؤتمر الوطني العام له. بينما هناك من رأى إنه بعد أن تم إزاحة “محمود جبريل” جاء الوقت لضرب جناحه العسكري بالزج به في مواجهة من الشارع الليبي.

هذه الاتهامات انتقلت من صفحات الفيسبوك إلى أروقة المؤتمر الوطني، وصار الاتهام علنياً لأعضاء التحالف به، الأمر الذي دفعهم للركن القصي.

الأمر السبب الثاني في رأيي لاختيار هذا التوقيت، قرب انتهاء فترة عمل المؤتمر الوطني العام، وعجزه عن الإيفاء بواجباته والوصول إلى الدستور.

أمر ثالث، وهو يعتم على تحليل شخصي، هو ما حدث في مصر من انهيار كبير لحزب (الإخوان المسلمون)، والتفاعل الشعبي في ليبيا المؤيد للشعب المصري، وما يدور في الشارع من سيطرة الإخوان الأخطبوطية، فكان التوقيت ملائماً لترك الإخوان الممثلين في حزب (العدالة والبناء) لمواجهة حقيقية مع الشارع الليبي، بمعنى: ها نحن انسحبنا، وتركنا الإخوان يصولون ويجولون، فكيف سيسيرون بالأمر.

شعار_ تحالف القوى الوطنية

مأزق

إن انسحاب التحالف من المؤتمر، يجعله في مواجهة حقيقة مع الاستحقاقات المطلوبة منه للمرحلة القادمة، فالتحالف ككتلة هي الأكبر في المؤتمر، كان من المفترض أن يكون لها الثقل الأكبر، لكن الحقائق تقول إن هذه الكتلة لم يكن لها هذا التأثير، خاصة بعد أن صوت لها اكثر الشعب الليبي، وتحالف أعضاء المؤتمر ضدها، في محاولة للتثبيط من فاعليتها.

هذا المأزق، لم يصنعه التحالف، ولم تصنعه الأحداث الأخيرة التي مرت بها ليبيا، إنما التهاء أعضاء المؤتمر والأحزاب والتكتلات في محاولة الاستفادة الشخصية من المتاح دون النظر لمصلحة البلاد، أو الاهتمام بقضايا البلاد وحلها، وساد من جو من العمل المحتقن بين أعضاء المؤتمر، جعل من أهم الاستحقاقات الممثلة في الإعلان الدستوري أمر مؤجل.

إن الموطن في ليبيا، يعي تماماً ما يدور في أروقة وحجرات المؤتمر الوطني، والصراعات التي تحاول بعض الأطراف إشعالها، وهو على استعداد لحمايته، لكن المؤتمر لم يتفاعل بالشكل المطلوب مع المواطن، ولم ينظر إليه.

مواجهة

المؤتمر الوطني العام، هو الآن في مواجهة حقيقة مع الشارع الليبي، هل بإمكانه -بعد تخلي تحالف القوى الوطنية- الوقوف بشجاعة ومواجهة ما يطلب منه، في فترة الشهر المتبقية، أم إنه سيطلب فترة تمديد قد لا تكون كافية للإيفاء بالتزاماته، كما حذر التحالف في مؤتمره الصحفي الأخير، مشيرا إلى تجربة تونس.

المواجهة لم يصنعها التحالف بتعليق عضويته أو انسحابه، إنما صنعها المؤتمر في ذاته وفي أعضائه. وعليه التفكير في خريطة طريق للمرحلة المقبلة، خاصة وإن الشعب الليبي ينتظر بشوق قيام دولته المدنية، في وجود وفرة في السلاح، وسيطرة بعض المجموعات المسلحة على بعض مفاصل القرار.

خروج

علينا الاعتراف إن (تحالف القوى الوطنية) يملك من الفطنة مفاتيحها، ويعرف كيف يسير بثقة، فهو لم يترك الباب مفتوحاً على الاحتمالات، إنما وضع خلفه خريطة طريق مقترحة، في ظني هي الأقرب للمنطقية والعقلانية للخروج إلى بر الأمان. بمعنى إم التحالف لم يعلق عضويته إما ترك ورقة يقول فيها: ستجدونني هنا. هو لم يخن أمانة الأصوات التي دفت به، كما ألمح البعض، إنما هو يحمل المسؤولية، ويضغط على النزف بقوة لإيقافه.

*

حفظ الله ليبيا