1
ما حدث ليلة أمس*، هو فصل جديد من مسرحية (تدمير ليبيا)، التي برع فيها الممثلون، حد الاندماج والتوحد في النص، ليسيل دمهم على خشبة المسرح، لإبهار المشاهدين.
في أيام الرخاء. كان الكل أخوة تجمعهم اللُحمة الوطنية، وليبيا واحدة، من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب، ولا تقبل القسمة إلا على واحد. وفي الحوار، يقفز الرصاص سريعاً.
صار كلامنا رصاص.
حوارنا رصاص.
لقاؤنا رصاص.
عرض الأمس، كشف ضعف الدولة الليبية.
– وين هيا الدولة؟
– وين هيا الحكومة؟
عرض الأمس، كشف ضعف الشعب الليبي.
– وي هو الشعب الليبي؟
– الشعب الليبي بح، خلاص، انتهى!!!
2
كلاكيت ثاني مرة.
– خلوا يكملوا بعضهم!!!
– كيدهم في نحور بعضهم!!!
– الحكومة مخليتهم يصفوا بعضهم.
– ربي عالظالمين.. درهولنا اكبودنا.
– يا راجل الـ…………. تغولوا.
– حسبنا الله ونعم الوكيل.. لا يقولا صغير لا شياب لا عزوز لا مريض.. ربي ياخد فيهم الحق.
كانت التعليقات تتوالى وتثرى على ألسن الشباب، في زاوية الشارع. نتابع الحدث، ونرصده كل بطريقته، عبر الهاتف والنت، ولا نملك من أمرنا إلا انتظار أن يتوقف الرصاص. مرت الساعة تتلوها الساعة، وكلما ظننا أن الأمور هدأت، يفاجئنا الصوت من جديد بأكثر حدة.
3
إنها الثانية صباحاً.
الرصاص مازال (يلعلع)، والنوم هرب، وقررت ألا أتسقط الأخبار عبر الفيس وتويتر.. ساعة أخرى مرت. صمت وحالة من هدوء. أغمضت عيني، لكن الصوت عاد من جديد. وكأن الممثلون لا يريدون ترك خشبة المسرح والسماع للمتفرجين بمغادرة القاعة قبل أن ينتهوا من إهراق آخر قطرة دم، بشكل رخيص ومبتذل.
متى انتهى المشهد، لا أدري.
كمشاهدٍ مل العرض، وليس لديه مكان ليقتل فيه الوقت، أغمضت عيني. كانت الساعة الثالثة صباحاً أو تكاد.
أفقت.
إنها السابعة، الهاتف بلا شحن، ولازلت بملابسي. زوجتي بجانبي، وطفلي كل في مكانه. والشارع هادئ.
4
أخوة الأمس، أعداء اليوم.
أخوة المصلحة، تنتهي عند أول مصلحة.
والخاسر نحن، درمنا أرخص من ثمن الرصاصة التي تخترق جسدنا.
كلاكيت آخر مرة (فلاش باك).
يوم أمس بعد عودتي من العمل، والغداء جلست للراحة قليلاً، ثم سحبت الهاتف لمتابعة أخر المستجدات على الفيس وتويتر. كان أول ما طلعني خبر وفاة الحاج “نوري فريوان” القائد الميداني لكتيبة (نسور مصراتة)، فانقبض قلبي، ليقيني أن هذا الأمر لن يمر بهدوء.
*
حفظ الله ليبيا.
العرض انتهى.
_______________________________________
* بدأت المواجهات بشكل طفيف عقب صلاة المغرب ليوم 07-11-2013، لتستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
صحة لسانك كتابتك كانت باسلوب رائع هيج مشاعري كم يؤلمني وضع بلادي واستغرب من جماعات بهدا الحجم يقومون بهده الاعمال واقول لهم اليس منكم رجل رشيد يقول لكم فعل خاطى لا تفعل
أخي رامز.. واقعنا مر ومؤلم.. لكن يوجد أمل. وستنتصر ليبيا
يا أخي هؤولاء لا يمثلون الثوار الحقيقيون. من وهبوا دمائهم لله ولتحرير ليبيا من طاغية العصر الحديث.. إنهم الزبد الذي سيذهب جفاء.. وسيبقى من يبني ليبيا.
أحييك أخي الفاضل
نعم.. هم كزبد البحر يذهب.. ويبقى من يبني ليبيا.
تحياتي