النازحون وحكايات الجشع

الهلال الأحمر يقدم الدعم النفسي لأطفال الأسر النازحة في طرابلس (الصورة: وكالة الصحافة الليبية)

قصة 1..

عائلة نازحة، خرجت في إجازة لمدة أسبوع!! عند عودتها إلى البيت الذي قاموا باستئجاره، وجدوا أن قفل الباب الرئيسي تم تغييره!!

حاولوا الاتصال بصاحب العقار، لم يجب؟؟!!

بعد يومين أجاب على اتصالاتهم، ومكنهم من الدخول والحصول على حاجياتهم، فقد قام بتأجير الشقة إلى آخر، دفع 500 ديناراً ليبياً زيادة عن قيمة الإيجار الأصلي.

قصة 2..

عائلة تعيش منذ أكثر من خمسة أيام بدون كهرباء!!

والسبب أن خط الكهرباء الذي يصلهم تعرض إلى عطب يستلزم تغيير الكابل.

صاحبة البيت، التي تسكن الدور العلوي من البيت، قالت: ماعندي مانديرلكم!!! صلحوه، ولما تطلعوا من الحوش خودوا الكابل معاكم.

الجار الذي أوصل الكهرباء على الكابل، من أجل حفلة عرس، وسبب الحمل الزائد الذي أدى إلى تضرر الكابل واحتراقه، لم يبدي أي اهتمام!!

قصة 3..

عائلة نازحة من منطقة الخلة، سكنت منطقة صلاح الدين، في بيت إيجار وكلها أمل بالعودة القريبة لبيتهم الذي يحمل كل آمالهم.

في أحد الأيام، طلب منهم المغادرة كون المنطقة تتعرض للقذائف العشوائي، وإنها منطقة عسكرية.

خرجت العائلة، لتسكن بيتاً آخراً، لكن معظم حاجياتها في البيت الذي تم استئجاره بمنطقة صلاح الدين.

صاحب بيت صلاح الدين، اتصل بهذه العائلة، وطلب منهم قيمة الإيجار، وإلا لن يسلمهم حاجياتهم التي تركوها في البيت، فاضطروا لدفع إيجار شهر كامل، وهم ذلك الشهر لم يشغلوا البيت إلا بضع أيام منه!!!


والكثير من القصص، التي يدمى لها القلب، ولا نجد معها إلا (لله الأمر من قبل ومن بعد)، و(حسبنا الله ونعم الوكيل)، و(إنا لله وإنا إليه راجعون). فحالة الجشع والابتزاز التي نراها بشكل واضح وفاحش من قبل أصحاب البيوت وبعض السماسرة ممن يقومون على إدارة هذه البيوت لبعض المالكين، فاقت كل تصور، وما العينات التي أوردتها إلا قليل من كثير، وسبب إيرادي لها أن على علاقة بأصحاب هذه القصص.

الحكومة لم تقدم أي دعم!!

ولجنة الأزمة كذلك!!

كان الواجب أن تكون هناك لجنة تقوم على متابعة العائلات النازحة، والوقوف على أوضاعها، وحمايتها من الاستغلال، وضمان حياة كريمة لهم، لتجاوز هذه الأزمة، صحيح أنه ثمة عائلات نازحة لديها القدرة على السن في بيت مستقل، لكنها بالرغم من هذه القدرة، تعاني من جشع المؤجر، الذي لا ينفك يطالب بالزيادة.

هناك عائلات غير قادرة مالياً، ولا يناسبها السكن في المدارس، فبسبب مرض أحد أفرادها، أو إعاقته، فهي مضطرة للسكن في بيت مستقل، الأمر الذي يستغله المؤجر، (قصة 4) وأعرف عائلة هذا ظرفها، قام المؤجر برفع الإيجار مرتين منذ مايو الماضي، ليصل الإيجار إلى 2000 دينار، الأمر الذي يضطر معه كل أفراد العائلة للعمل، حتى الفرد المعوق.

وهنا لا ننسى أن الكثير من أهل الخير، قدموا الكثير من المساعدات، على أكثر من مستوى وبأكثر من طريقة، وفتحوا بيوتهم للنازحين وقدموا ما يمكنهم وسخروا ما لديهم من إمكانيات، (قصة 5)، فهذا شخص مقتدر، تجاوره عائلة نازحة، ومن اللقاءات اليومية عرف الجار أن رب هذه الأسرة، فقد عمله بسبب النزوح، وأنه يترزق كل يوم بيومه، فما كان منه، إلا أن قدم دعوة للأسرة النازحة لبيته على وجبة غداء، بحضور مجموعة من الأهل والأصدقاء، وبعد أن غادر الجميع، استبقى صاحب الدعوى الضيف، وأخرج له مفتاح سيارة، وقال له:

– هادا مفتاح سيارة بورتر، شريتها وكنت مخدمها وليها فترة مدرسة، خودها واخدم عليها، لين ربي يفرجها.

يقول النبي الكريم (من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)*.

العبرة، إن الجشع والاستغلال لن يغني صاحبه، ولنا في الكثير من قصص التاريخ أكبر الدروس!!! فهناك من يشتري الآخرة وهنا من يبيعها بالدنيا!!!


* من كتاب “أربعون حديثا في اصطناع المعروف” جمع زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفى سنة 256 هـ علق عليه وقدم له محمد بن تاويت الطنجي منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المملكة المغربية 1405-1985.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.