كيف يرى المواطن المصري الوضع الليبي!!!

ليبيا ومصر

أربع سنوات مرت قبل زياتي الأخيرة للعاصمة المصرية، القاهرة، التي لها في قلبي مكانة خاصة، وتحمل شوارعها وأزقتها، خاصة بمنطقة الظاهر، قلعة الظاهر بيبرس، الكثير من الذكريات واللحظات الجميلة. التي جعلتني أعتقد في مقولة: إللى بنى مصر، كان في الأصل حلواني.

ليبيا الجهاد

كنت قد زرت مصر بعد أكتوبر 2011، في مهمة عمل استغرقت حوالي خمسة أسابيع، انتهت في يناير 2012. كان وقتها ذكر أني ليبي، مرادفاً للبطولة والجهاد، والصلابة التي قضت على أسطورة القذافي.

فأينما حللت، كان الحوار يتحول باتجاهي، وعني، الليبي، والثورة الليبية، وكان تعجبي يبلغ أقصاه عندما أجد من يحاورني يذكر المدن الليبية، وأحياء طرابلس دون خطأ، بل إن بعضهم يردد أسماء الشهداء الذين سقطوا خلال الفترة من 15 فبراير إلى 20 أكتوبر 2011.

اكتشفت إن أكثر المصريين كان متابعاً لمجربات الأحداث في ليبيا، خاصة من تربطه بليبيا علاقة مصاهرة، أو عمل. وكان هؤلاء يقومون بتعريف الآخرين بخصوصيات المجتمع الليبي، وشرح الكثير، والتعريف بالمدن التي تتناولها الأخبار.

وأذكر أن مجموعة من الأصدقاء المصرين، والضيوف الأجانب، خلال أحد السهرات، تناوبوا عليّ بالسؤال حتى اقترب الفجر، وكنت لحظتها أجاوب هذا، وأرد على استفسار الآخر، وأعلق دون تعب، وبكل اللغات، العربية والإنجليزية، وتكفل أحد الأصدقاء بالترجمة للفرنسية والألمانية. وهو من قام بالدخول إلى ليبيا مع أول بعثة إغاثة مصرية دخلت ليبيا، بنغازي تحديداً، في مارس 2011.

الخيبة

في 2013، زرت مصر رفقة زوجتي لحضور فعاليات معرض الكتاب، حيث كانت ليبيا ضيف الشرف، للدورة 43.

وقتها كان سؤال من يعرف بجنسيتي الليبية:

– هو جرالكم إيه؟

كان كل من قابلتهم يحاول الاستفسار عما آلت إليه الأمور في ليبيا، وكيف تحوّل أخوة الأمس إلى أعداء؟، لماذا هذا الصراع؟ وهذا الاقتتال؟.

كانت إجاباتي الفقيرة لا تلبي رغبات السائلين القوية للمعرفة.

في باحة الفندق حيث سكنت وأسرتي، زارني أحد الأصدقاء الصحفيين، ودار حوار لأكثر من 4 ساعات متواصلة عن الوضع الليبي ومآلاته، وكنت في الكثير من المواقف أصمت عاجزاً عن الإجابة.

وعدت وفي رأسي، يدق السؤال:

– هو جرالنا إيه؟

بأيدينا

– انتم حصلكوا إيه؟؟؟

كانت حالة من الاستغراب تواجهني وتستهجن ما وصل إليه الحال في ليبيا، أينما ذهبت، بلا استثناء.

للدرجة التي صرت معها أرفض أي دعوة، وتحت إلحاح القبول، أشترط أن لا يتم سؤالي عن ليبيا. نعم، كان هذا شرطي لمن يريد لقائي، وهو ما لم أتنازل عنه، حتى وأعز أصدقائي يدعوني للقاء، فبدون مواربة قلت له:

– تمام يا بلبل نتقابل، بس شرطي الوحيد، مافيش كلام عن ليبيا!!!

وبالرغم من كل التحوطات، كانت ليبيا تحضر وبقوة، ولم أستطع الهروب، منها، ولا من صورتها. في اللقاءات أخذنا حديث مطول عن الأزمة الليبية، وما يمكن أن تصل إليه، أحد الأصدقاء علق:

– للأسف، مصر طرف مباشر ومؤثر فيما يحدث في ليبيا الآن!!!

قبل أن أغادر القاهرة، التقيت صدفة بأحد المهندسين الذين عملوا بليبيا، وهو كما يقول: (لحم كتافي من خير ليبيا، وأهلها). وجدته في وسط الحديث، يستوقفني ويسأل:

– دي ليبيا خيرها يغرق العالم العربي كله، ويفيض. معقولة توصل بيها لحد كده؟

– قللي؛ هو في حد، يدمر بلدُه بإيدُه؟؟؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.