سامر يحكم ليبيا

حكايات ليبية

#أنا_أدون

سامر شاب في بداية العقد الثاني من عمره، مفعمٌ بالحيوية والنشاط، يسكن وعائلته مدينة طرابلس، وتحديداً وسط المدينة، يعني (ولد بلاد). وبالرغم من حداثة سنه، إلا أن أكثر ما يعجبني فيه هدوءه وسعة صدره، مقارنة بحدة وتسرع أقرانه.

عندما تعرفت إليه، كان حديث عهدٍ بالعمل، وكان لا يكف عن السؤال، محاولة لفهم ما حوله، وتدعيم ثقته بنفسه، ثم تجد ابتسامتهُ المميزة تقول لك: شكراً على مساعدتك.

عن الشبكة

عن الشبكة

قبل أيام، اضطرتنا ظروف العمل للقدوم مبكراً، فكان من ضمن المجموعة المختارة، وكالعادة سألته:

  • أمتى راقد؟
  • والله شن بنقولك.. الساعة 3!!!

وقبل أن أعلق، ابتسم ودخل في نوبة ضحك، لم أفهم كنهها حتى هدأ.

  • خيرك شن في؟
  • والله مش عارف شن بنقول ولا نحكي!!!؟؟؟
  • قول، ولا احكي.. المهم نبي نعرف.. مش تقصقيص!!! لكن اللي يشوفك وانتا تضحك يقول يا مسطول يا زارط!!!
  • عارف وانا نراجي اليوم، صارتلي حاجة مش طبيعي.
  • شنو؟؟؟
  • خدتني نومه بتاع 10 دقايق ربع ساعة.
  • ووين اللي مش طبيعي!!!؟؟؟
  • هادوكا العشر دقايق حلمت فيهم.
  • مسرع، يعني وصلت للحلم في هالدقايق.
  • وهو مش حلم
  • ؟؟؟؟؟؟!!!!!
  • تعرف لتوه حاير في روحي، وفي نفسي.

وعاد للضحك.

متابعة القراءة

حكاية مواطن من!!!

حكايات ليبية

ليبيا الثورة#أنا_أدون

اسمي “علي”، جاء أبي طرابلس في بداية ثمانينات القرن الماضي، بناءً على طلب جدي لأمي، بعد أن حصل له على فرصة عمل في (مصنع المكرونة)، حيث كان يعمل.

سكنّا منطقة (…..)، وهي أحد المناطق الشعبية، ولكوني كنت في سن المدرسة، دخلت المدرسة في طرابلس، وهو أكثر ما حسدني عليه أبناء عمومتي عند مغادرتي لبلدتنا بقولهم: صحة ليك بتقرا في طرابلس.

عشنا حياة هانئة، وسعيدة في وجود جيران كانوا كأهل، تقاسمنا وإياهم الفرح والترح، وكانت الأمور تسير كما قدر لها المولى.

تزوجت أختي أحد أبناء الجيران، وتبعتها أختي الثانية لأحد الأحياء القريبة، وتزوج أخي الأكبر وسكن خارج منطقتنا، في أحد أحياء طرابلس الراقية مقارنة بمنطقتنا. في العام 2006 تزوجت من ابنة عمي، وسكنت معي بيت العائلة، صحبة أمي وأبي، بعد أن بنيت دوراً ثانياً كباقي الليبيين، هذا الأمر ساعدني كثيراً، خاصة وأن طبيعة عملي الصحراوي، تفرض علي الغياب عن بيتي لأسبوعين، أحياناً أكثر، وهكذا أكون مطمئناً عليهم جميعاً.

متابعة القراءة

ليبيون

حكايات ليبية

تستدعي ذاكرتي في هذه الأيام، وبشكلٍ كبير، ذكرياتي طفولتي الأولى ومرابع صباي بمنطقة (تقسيم التواتي) بـ(حي المنشية – شارع بن عاشور)، وبشكل خاص العلاقات الاجتماعية التي كانت تربط سكان الحي. والذين شاء القدر أن يكونوا خليطاً محلياً وعربياً وأجنبياً، تعايش في سلام، ورسم مشاهد لازلت في ذاكرتي، ولن تغيب.

الحي كان مستطيل الشكل، في مستويين؛ المستوى الأول اصطفت فيه البيوت على المحيط الخارجي لهذا المستطيل، أما الثاني فتراصت في على جهتين في مستطيلٍ داخلي. حتى الثمانينيات، كانت الشوارع ترابية، وكنت نستمتع بغدران المطر، وحفر بوكات البتش، وفن الزرابيط، قبل أن تدخل الشركة التركية، وترصف الشارع بالأسفلت، وتحفهُ برصيف، اخترعنا على أساسه لعبة جديدة تستخدم فيها الكرة، أسميناها (الحاشية). كان هذا المستطيل يطل في واجهته الشمالية على الطريق العام، وتحفه شرقاً وجنوباً السواني (الكرداسي، بن سعيدان، الكانوني، القصبي،…) أما غرباً مربعٌ سكني آخر.

في ليالي الصيف، كان الطريق العام يتحول لساحة لعب، كونه البقعة المضيئة. أما السواني، فكانت ملعبنا في اصطياد العصافير بنصب (الطربيقة) أو (الكولّا) أو استخدام (الفليتشا)، والتسلق أشجار التوت. كانت أي مساحة مربعة تتحول إلى ملعبٍ لكرة القدم.

تشارك هذا الحي مجموعة من العائلات الليبية، والعربية، ولأني تحدث عن العائلات العربية في حديثٍ سابق، أركز هنا في حديثي عن العائلات الليبية، التي عشتُ جنبات بيوتاتها، وأكلت خبزها وتذوقت ملحها.

كان بيتنا في الركن الشرقي من المستطيل الخارجي للحي. وأقرب الجيران لنا، كانت عائلة (جبالية)، وهي أول ما أتذكر من العائلات، وكانت مكونة من زوج وزوجة، لا أتذكر الكثير  عنهم، كونهم غادروا الحي مبكراً، لتحل محلها عائلة من ذات الجبل، كانت ذات إيقاع حياتي خاص لكثرة زوارهم من الجبل، ولتواصلهم الرائع مع كل الجيران، حتى اللحظة بعد مغادرتهم الحي.

أربعُ عائلات من (مصراتة) عن يميننا وشمالنا، تميزت أعراسهم بـ(الزكرة) و(التمر)، أما العيد الصغير (عيد الفطر) فكان لا يتم إلا بالفطيرة المصراتية.

على ذات الخط، كانت تسكن عائلة من فزان، لا أستطيع أن أصف مقدار طيبة هذه العائلة، التي كانت توزع التمر في مواسمه على الجيران. ولشد ما لا تمل حديث جارنا مستمتعاً بلهجة أهل الجنوب المميزة.

في المقابل سكنت أحد عائلات الساحل، الزاوية الغربية؛ كانت رائحة الكسكسي الذي تصنعه جارتنا يعبق في الحي، واليقين أن (الذوقة) هذه المرة نصيب أحد البيوت. على ذات المسار عائلة من تاجوراء، ثم زليطن، غريان. أضافة للعائلات الطرابلسية، أو العائلات التي سكنت طرابلس من القديم، والتي تميز بصنع الحلويات الطرابلسية كــ(الكعك المالح)، و(المقروض)، أما (البكلاوة) فمذاقها لا يغادر فمي حتى اليوم.

وكما كان لكل بيت بصمته الخاصة، كل لكل بيت ما يتقاسمه وجيرانه، في اليومي والمناسبات حلوها ومرها. مع السنوات كانت بعض العائلات تغادر، لتحل مكانها أخرى، فسيفساء متواشجة في لبنات لجسدٍ واحد اسمه ليبيا. في المراحل المبكرة من عمري، كان الكل سواء، كلنا ليبيون، وإن اختلفت ألواننا أو لهجاتنا، الانتماءات كانت تظهر بشكل واضح في الأعياد، عندما يفرغ الشارع فجأة من أغلب قاطنيه –وكنا منهم-، متجهي إلى بلدتنا للمعايدة وقضاء يوماً أو يومين مع الأقارب.

كنا نعيش كأنا أسرة واحدة، نمارس حياتنا بشكل متناغم، لا معنى فيها للقبيلة أو الانتماء لمدينة ما، أو جهة ما. نرقص على إيقاع الزكرة المصراتية بذات الحماس على إيقاع تدريجة العريس، وبذات الحب نواسي بعضنا في المصائب والملمات. كانت كل البيوت مشرعة، وكأن كل منها غرفة في بيت.

عندما مرض أبي –وأنا لازلت صغيراً-  ذات ليلة، قصدت بيت جارنا، الذي هرع لنجدتنا، وحمله إلى المستشفى، وقالي: وللي للحوش. ليعود صباحاً، بحضور زوجته وهمي تطمئننا عن صحة الوالد، وأن ما مر به عارض. هو ذات الموقف الذي لجأت فيه جارتنا لبيتنا، في 15-4-1986 عندما قُصفت طرابلس، ليحول جارنا (ريفوتجو) إلى ملجأ لعائلات الحي، خلال فترة الطوارئ. وهو نفسه كان يهب صالته لإقامة الأفراح والأتراح.

لم أشعر يوماً بالوحدة في هذا الحي، فغير لعب كرة القدم، مارست هواياتي بكل حب أمام الأصدقاء والجيران، فكل الجيران كانوا يسألون عن رسوماتي، وتخطيطاتي، كما يتابعون تجاربي، حتى سميت بـ(عبقرينوا). كان ثمة من يشاركني شغفي بالكتب وقراءة الألغاز البوليسية، أو الغناء والعزف الذي برغم المحاولات فشلت فيه بامتياز.

لازال الحي كما هو، وإن تغير بعض الشيء، محافظاً على نسيجة الملون الرائع، برغم الحوادث.

حفظ الله ليبيا.

الحافظ ربي

حكايات ليبية

في يومٍ ما من عام 2010، في مكانٍ ما من مدينتي طرابلس، كان هذا الحوار على هامش دعوة لافتتاح مكانٍ يفترضُ أن يكون مقراً دراسياً وتدريبياً، وبعيداً عن البقية انتحيت بصاحب الدعوة وهو المسؤول:
– معليش بنسألك؟
= تفضل يا عزيزي
– توه بيني وبينك، مقتنع بالمركز اللي صرفت عليه هاديك الحسبة؟
= كيف مقتنع!!!، يعني؟
– تعرفني صريح، ومش حنجاملك…
= شن فيه، قول!!!
– يعني شوف المبنى مش مصمم ليكون مركز تدريبي، لأنه في الأصل فيلا سكنية وحضرتك جيت وأجرتها وهندستها، باش تلايمها.
= وباه
– لكنها مالايمتش!!!
= يا راجل؟؟؟
– يعني خلي نعطيك ملاحظتين بسيطات، لكنهم مهمات.
= هات الأوله
– مخارج الطوارئ، وينها؟، وإنت تعرف أهميتها..
= والتانية
– وخيرك فت الأوله؟
= لأني ماللخير!!! ما عنديش ليها كيف!!!
– أما التانية، فهي منظومة مكافحة الحرائق، أو اكتشاف الدخان. مش موجودة ولا مش دايرها في حسابك؟؟؟.
= هاهاها، لا هادي فاتاتك يا بطل!!! ركز وإنت تشوف طفايات الحريق في كل دور وفي كل فصل!!!
– لا يا باشا، شفت الطفايات، لكن مشم معنى إنك معلق طفايات إنك قضيت على الحرائق!!!
كيف؟
– يعني بفرض إنه شب حريق، من حيستخدم الطفايات؟، بالك تقولي المتدربين!! لأنهم أكيد حيكونوا أول الخارجين من المركز، لسلامتهم، مع إنه مافيش مخرج طوارئ. يعني المفروض اللي قوم بعملية الإطفاء الموظفين بتاعين المركز!!! وهكي لازم يكونوا متدربين على استخدام طفايات الحريق، وتمييز الحريق، وقبلها يكونوا مدربين على التصرف في حالات زي هادي.
= شوف يا زعيم، لو كاتبلها بنتحرق، لا منظومة و غير منظومة بيشد قضا ربي. خاليها سايره والحافظ ربي.

*** * ***

تذكرت هذه القصة، وأنا أخوض والزملاء في الحديث حول حريق سوق الثلاثاء. وبالمناسبة المركز بطريقة ما يتلقى دعماً حكومياً.

*

حفظ الله ليبيا
______________________________________
بدأ حريق (سوق الثلاثاء) ظهيرة الأمس 19-01-2014، وبعد إعلان القضاء على الحريق، عاد مرة أخرى في الليل متأخراً، واستمر حتى صباح اليوم. معظم الأقوال ترجع الحريق لسببين: الأول؛ التماس كهربائي بالمخبز الكائن بالدور الأرضي، والثاني؛ حريق ناتج عن محاولة لحرق أكوام القمامة خارج سور السوق.

سامر يحكم

حكايات ليبية

سامر شاب في بداية العقد الثاني من عمره، مفعمٌ بالحيوية والنشاط، يسكن وعائلته مدينة طرابلس، وتحديداً وسط المدينة، يعني (ولد بلاد). وبالرغم من حداثة سنه، إلا أن أكثر ما يعجبني فيه هدوءه وسعة صدره، مقارنة بحدة وتسرع أقرانه.

عندما تعرفت إليه، كان حديث عهدٍ بالعمل، وكان لا يكف عن السؤال، محاولة لفهم ما حوله، وتدعيم ثقته بنفسه، ثم تجد ابتسامتهُ المميزة تقول لك: شكراً على مساعدتك.

قبل أيام، اضطرتنا ظروف العمل للقدوم مبكراً، فكان من ضمن المجموعة المختارة، وكالعادة سألته:

  • أمتى راقد؟
  • والله شن بنقولك.. الساعة 3!!!

وقبل أن أعلق، ابتسم ودخل في نوبة ضحك، لم أفهم كنهها حتى هدأ.

  • خيرك شن في؟
  • والله مش عارف شن بنقول ولا نحكي!!!؟؟؟
  • قول، ولا احكي.. المهم نبي نعرف.. مش تقصقيص!!! بص اللي يشوفك وانتا تضحك يقول يا مسطول يا زارط!!!
  • عارف وانا نراجي اليوم، صارتلي حاجة مش طبيعي.
  • شنو؟؟؟
  • عفل تبتاع 10 دقايق ربع ساعة.
  • ووين اللي مش طبيعي!!!؟؟؟
  • هادوكا العشر دقايق حلمت فيهم.
  • مسرع، يعني وصلت للحلم في هالدقايق.
  • وهو مش حلم
  • ؟؟؟؟؟؟!!!!!
  • تعرف لتوه حاير في روحي، وفي نفسي.

وعاد للضحك.

  • تي شن في.. شن حلمت.
  • تعرف يا خوي، حاجة غريبة.
  • ؟؟؟؟!!!!!
  • حلمت إني وليت راس البلاد، ومافيش حد يقدر يقول معاي كلمة.
  • باهي
  • وعندي قوة مش عادية، جيش وشرطة، ومخابرات، وأمن داخلي وخارجي، وصاعقة.. ووزراء، والبلاد منظمة، وماشية عالساعة.
  • والله كويس، يعني نتفائلوا بالخير.
  • وين الخير.. ما هو القصة فيا أني.
  • كيف؟؟؟
  • تعرف اكتشف بعد ما نضت قداش فيا من شر، لين استغربت من روحي.
  • ؟؟؟؟!!!!
  • نعطيك مثال بسيط، وهذا أبسط حاجة ممكن نحكيهالك. تعرف ألغيت العطلات كلها، تعرف حتى الجمعة الغيتها وخليت العام 12 شهر خدمة ودراسة.
  • وشن تاني؟.

ودخل في نوبة ضحك (هادا أبسط شي درته)، وقرر ألا يكمل.