ليبيات 5.. ثورة 17 فبراير ترفع الغطاء -نظّارةٌ سوْدَاء-

دمُ الشهداء

في أحد الصباحات الباكرة بمطار معيتيقة، وكخاتمة لحديث عن ثورة 17 فبراير، والحراك الذي يعيشه المجتمع الليبي، علق أحد الأصدقاء: خايف يجي يوم يلقى الأب والأم إن دم ولدهم راح بلاش.

 شهداء-ثورة-17-فبراير

Continue reading

ليبيات 4.. زردة (المشاركة الليبية في معرض القاهرة الدولي للكتاب)

 

مشهد أبيض وأسود

أكثر ما استفدته من طبيعة عملي بأحد الشركات، هو بعدي عن الوسط الثقافي، الذي أفادني كثيراً وعلى أكثر من صعيد (شخصي ومعرفي)، خاصة وإن الوسط لم يكن بذلك الذي كنت اتمنى –أتخيل-، إلا من بعض الأسماء التي آمنت بالإبداع. وأذكر أنَّا كمجموعة شابة ضمن أعضاء رابطة الأدباء كيف حاول البعض استمالتنا للتصويت لمرشحهم لأمانة الرابطة، أو كيف كنا نتلقى التعليقات عن ضعف تجربتنا دون أن تردف هذه التعليقات بالنصح أو النقد البناء (بات ليلة في الدباغ.. صبح قربة). وغير ذلك الكثير من الأمور التنظيمية التي دعتني للابتعاد عن الأنشطة الثقافية، كالارتجالية، واعتماد أسلوبُ (العوالة/ واسمع تعال/ وما تبيش عزومة)، أسماء بعينها موجودة في كل نشط، برامج لابد أن تكون بذات الشكل، ومن أغرب ما عايشته يوم أن صدرت مجموعة الصديق “غازي القبلاوي” القصصية (إلى متى؟) وحملها الشاعر “……..” بين يديه وقال: شوفوا كاتب اسمه فوق العنوان شن يحساب روحه.

ثم قام برمي الكتاب على الطاولة، وأنا متأكد إنه لم يقرأه حتى لحظة كتابتي هذه الكلمات.

مشهد ملون

وصلت القاهرة على متن الخطوط الافريقية مدعواً من قبل وزارة الثقافة، صحبة زوجتي المدعوة أيضاً، وطفلنا الصغير. للحضور والمشاركة ضمن فعاليات الدورة الـ44 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وقد التقينا على متن الطائرة بعض المثقفين والمدعوين للمشاركة وأيضا من تحمل تكاليف السفر على حسابه، وقد أخبرنا أحدهم مشكورا بأنه قد تكون هناك سيارة لنقل المجموعة من المطار، انحشرنا بداخلها صحبة حقائبنا، وانطلقت بنا إلى فندق “سونيستا” على أمل الحصول على حمامٍ دافئ سريع وقسط من الراحة، نخرج من بعده في جولة بالمكان استعدادً لزيارة المعرض في اليوم التالي، خاصة وأني أمضيت ساعتي التحليق في مراجعة الورقة الخاصة بالتجربة الشعرية الجديدة، بينما زوجتي كانت قد استعدت باكراً للأمسية القصصية بقصة جديدة خصت بها المعرض.

وصلنا الفندق، واتجهت من فوري إلى الاستقبال للحصول على الحجرة، لكن قبل وصولي أوفقني الأستاذ “عبدالفتاح البشتي”: راهو ما فيش حجز.

استغربت الأمر بداية، لكن حالة الاستغراب تحولت إلى حالة غضب (شياط وعياط)، فوزارة الثقافة قامت –عن طريق اللجنة- بإبلاغي أنه ثمة حجز لمدة ثلاثة أيام لي، وأخرى لزوجتي. طبقاً للبرنامج المعد لفاعليات المشاركة الليبية كضيف شرف لهذه الدورة. لكن الواقع يقول إنه لا حجز وعلينا تدبر أمرنا، وعلينا انتظار المفوض المالي حتى الحصول على الـ1200 دولار اً مخصاصتنا عن مشاركتنا ضمن فعاليات ضيف الشرف. وبعد أكثر من ساعتين من الانتظار ببهو الفندق، همس في أذني أحد المشرفين: بالشوية، أركب للدور التامن حجرة (811) باش تاخد البوكت موني بتاعك.

وبالفعل استلمت مخصاصتي وزوجتي وبدأنا التفكير في كيفية السكن، ففكرة السكن بالفندق بسعر 250 دولاراً لليلة رهيبة وأكبر من امكانياتنا خاصة وإن موعد عودتنا المفترض –الصادر عن أحد المكاتب المكلفة من قبل وزارة الثقافة- هو 7 فبراير.

باختصار ذلك اليوم (الأحد 27-1-2013) الذي ابتدأ الساعة 4 صباحاً في طرابلس انتهى عند الساعة العاشرة ليلاً بتوقيت القاهرة بعد حصولنا على فندق معقول للمبيت غير أنه بعيدٌ جداً عن المعرض. وهكذا كنت مرهقاً ومتعباً ولم أقدر على المشاركة أنا أو زوجتي.

وقائع

– علمت بمشاركتي وزوجتي في المعرض بطريق المصادفة، وكنت محرجاً من السؤال، وعندما اتصلت قيل لي: وينك.. جيب جوازك وجواز الأستاذة وتعالى توه.

– لم نبلغ بشكل رسمي بمشاركتنا وطبيعتها. وجدت اسمي في برنامج نشر على الفيسبوك في ندوتين، واسم زوجتي في أمسية قصصية.

– اقترحت على اللجنة أن يتم اختصار مشاركتنا في يومين بحيث تكون فترة إقامتنا في القاهرة خمسة أيام على أبعد تقدير. لكن حتى لحظة كتابتي هذه الأسطر لم أتمكن من تقديم موعد الرجوع عن الموعد المسجل بالتذكرة (7-2-2013).

– لم أكن وحدي الذي وقع بمقلب وزارة الثقافة، لكن أسماء مهمة كانت ضحية هذا التنظيم المميز للمقلب. بالمناسبة ثمة من كان على علم بهذا الأمر وقام بتنسيق أمور إقامته.

– مما اكتشفته؛ إن ثمة تمييز بين المشاركين، وهذا التمييز يختلف من مجموعة لمجموعة، فجماعة الصحافة تمتعت بالحجز الفندقي، وجماعة مجلس الثقافة نالوا أكبر مخصص مالي، أما جماعة وزارة الثقافة فكان التمييز يختلف من شخص إلى آخر في المخصص المالي والإقامة. كما إن ثمة من يتمتع بالإقامة الفندقية (خمس نجوم) والمخصص المالي وهو ليس من أهل الثقافة (إداريون، سكرتيرات، عاملوا مقهي،….).

– زيارة بسيطة لجناح ليبيا –ضيف الشرف- يكشف فقر المشاركة وبساطتها بالمقارنة مع ما قدمته بعض دور النشر العربية المشاركة أو الهيئات.

-استغربت أن الحضور في المناشط كان ليبياً (زيتنا في دقيقنا). وحدهم الصحفيون المصريون من يزور الجناح لإجراء الحوارات وأخذ التصريحات.

ليبيات 3.. عــزْل وغــزَل

عــزل

يكثر في هذه الأيام الحديث عن قانون العزل. وبغض النظر عن مشروعية إصدار هذا القانون من عدمه في غياب الدستور، إلا أن هذه لا يغير من حقيقة الأمر، ومدى إخلاص النية في إصدار مثل هذا القانون.

فإن كان القصد من القانون هو عزل كل من عمل في نظام الطاغية، فإن المنطق يقول بعزل (إقصاء) كل من عمل مع النظام طوال الـ42 سنة الماضية، في أي منصب أو وظيفة تحمل طابع المسؤولية، شاملاً كل من تصالح مع النظام وسايره، حتى يكون لهذا القانون معنى، بحيث لا يقتصر على من عمل مع النظام خلال السنوات الأخيرة أو من عمل ضد ثورة 17 فبراير المجيدة، وإلا فهو قانون يتم تفصيلة لعزل وإقصاء مجموعة بعينها، مما لا يبشر بسلامة النية من وراء هذا القانون، الذي نفترض إن الغاية منه هو المحافظة على ثورة 17 فبراير من المتسلقين وممن قد يؤثرون في مسيرة البلاد والخروج بها من إرث الجهل والتخلف.

وبالرغم من إيماني بضرورة العمل الجماعي والمشاركة بين كل الليبيين، دون النظر لخلفياتهم، وأن ليبيا تحتاج الجميع من أجل المرحلة القادمة، إلا أنني أؤمن بهذا القانون لعزل كل من استفاد وصعد على أكتاف الليبيين –حد الإدماء- لأجل مصلحته الشخصية، دون النظر لمصلحة البلاد، ولكل من كانت له يدٌ في استغلال العرق والجهد الليبي، واستحلال دماء الليبيين من أجل أن يستمر نظام الطاغية. ولكي يكون قانوناً حقيقياً، لابد أن يكون عادلاً في نظرته وآلية تطبيقه، ولابد أن يشرح بالشكل الصحيح للمواطن حتى يكون على مستوى من الوعي يمكنه من متابعة تطبيق القانون. وإلا دخلنا في دوامة التطبيق، بحيث يُساء استخدام القانون، ليتحول إلى وسيلة لحبس وإقصاء الغير، أو جسر لبلوغ مصالح شخصية، أو مشجب تعلق عليه الأخطاء.

فالشارع الليبي يعاني من حالة من عدم الفهم، وبمعنى أصح الوعي بماهية العزل السياسي أو الغاية منه، خاصة وإنك تسمع رجل الشارع يتحدث عن ضرورة السرعة إصدار هذا القانون وتطبيقه، لأن الموظف يريد إقصاء رئيسة المباشر في إدارته، والمدرسة تريد عزل مديرة المدرسة، والطالب يريد أن ينحي أستاذه، وبالتالي سينقسم المجتمع بين مطالبين بالعزل ومعزولين، ومن بعد سيتطلب الأمر قانوناً آخراً للتعامل مع من تم عزلهم،. والمعنى إنا سنجد أنفسنا دوامة، نحن كمجتمع في غنى عنها، ليكون اهتمامنا موجها لبناء ليبيا ومنصباً حول السبل والوسائل للخروج من إرث التخلف والخرف الذي عشناه لـ42 سنة.. والله من وراء القصد.

غــزل

لا يمل مؤتمرنا الوطني من مغازلة المواطن الليبي، ليس حباً –كما أظن-، بل محاولة لمص الاحتقان الذي يشعر به المواطن، وما يمر به من ظروف اضطراب الحالة الأمنية في البلاد، وفي ذات الوقت، دغدغة يقصد منها أن المؤتمر –ممثلاً في أعضائه- يعي حاجة المواطن الليبي واحتياجاته.

وتتمثل هذه المغازلات، في مجموعة من القرارات والنقاشات تمس المواطن اقتصادياً، فمن نية بإيقاف الفوائد على السلف والقروض، إلى زيادة علاوة العائلة، وزيادة علاوة السكن، والمرتبات، والعيديات، والمنح المالية للأسر والثوار، وغيرها. وفي ظني إنها محاولات الغاية منها كسب رضا المواطن، أو تسكينه، أو تخديره لبعض الوقت –كما يعلق أحدهم-، وهو أسلوب تعوده الليبي من قبل، ولم يعد يثق إلا فيما يتحقق من وعود أو قرارات، وفي ذات الوقت ينتظر أن ينتصر له المؤتمر ولحقوقه المسروقة منه لأكثر من 40 عاماً، عانى في ضيق العيش، حد أن يضطر فيها لاستحلال الربا من أجل بناء 90 متراً (يدك فيها راسه هو وعويلته). والمواطن الليبي بقدر حاجته الاقتصادية، إلا إنه يؤمن بضرورة أن تقوم البلاد على أسس اقتصادية تضمن مساواة فرص العمل، وأن يكون العطاء بقدر الجهد المبذول والتعب والتحصيل المعرفي (فأنا ما نطلبش ولا بناخد حاجة مش ليا، أنا نطالب بحقي، وحقي المفروض يكون على حسب شهادتي وجهدي، مش أكثر، عاملوني صح واعطيني عرقي، مش تخليني نخدم على تاكسي وتقولي خيرك ما تجيش الخدمة).

وأريد أن أنبه إلى نقطة مهمة –وأزعمها خطيرة- هي فقد المواطن الليبي الثقة في حكومته ممثلة في المؤتمر الوطني و الحكومة المؤقتة، لسببين؛ الأول خبرته السابقة في عهد الطاغية، والثاني التعالي في التعامل مع عقلية المواطن. مما ينعكس سلباً على أداء المواطن في المرحلة القادمة، مرحلة البناء والتعمير. والله من وراء القصد.

________________________________

نشر بصحيفة الكاف الإلكتروية

الفجوة .. ولعبة التجار

ما يحدث في ليبيا يفتح الباب على سلسلة لا تنتهي من الأسئلة؟ تبدأ بالسؤال الأمني وتنتهي بحاجات المواطن الليبي البسيط. وحتى لا ندخل في متاهة هذه السلسلة وحلقاتها، ألمح بإيجاز إلى بعضها، أو بعض ما يتحدث الناس العاديون.

أول هذه الملاحظات، هو حجم الغابات التي تم تجريفها والأراضي التي استولي عليها وتم قسيمها وبيعها، دون حسيب أو رقيب، مناطق خضراء تحولت إلى مساحات وورش بناء.

ثانيها. الحركة التجارية النشطة في السوق الليبي، خاصة في تنوع وكمية البضائع المتوفرة، ونوعياتها، فلو صح إنه حتى شهر سبتمبر الماضي من دخول 170 ألف سيارة من ميناء مصراتة، فإن هذا يضعنا أمام ما يمكن أن دخول من المنافذ المماثلة؟.

ثالثها. أعمال الهدم والبناء للمباني والموجودة على الشوارع الرئيسية وتحولها إلى محال تجارية، في سرعة يحسد عليها.

رابعها. أسعار العقارات والأراضي التي وصلت إلى أرقام فلكية، حتى إن بعض الشقق في طرابلس صارت تباع بالمتر. المسألة أنه ثمة حركة شراء للعقارات والأراضي بشكل كبير ولافت للنظر، فهل ثمة نبتت الأرض بهؤلاء أم أمطرت السماء مالاً؟ أم…..؟

من أعمال الفنان الكبير “محمد الزواوي” رحمه الله

أتوقف عند هذا الحد، لأقول إن الفراغ الموجود في ليبيا الآن، ثمة من يستغله لصالحه، ولمصلحته الشخصية دون النظر للمصلحة العامة، وما لم تقم الدولة ممثلة في المؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة بدورها فإن الأمر سيزيد تفاقماً لصالح هذه المجموعة. فمحاولة زيادة دخل المواطن الليبي عن طريق زيادة المرتب، والرفع من علاوة العائلة وغيرها من الإجراءات، هي إجراءات تصب لصالح هؤلاء القادرين على التحكم في السوق، لأن الدرهم الذي سيزيد في دخل المواطن سيستفيد منه التاجر، الذي في عدم وجود قوانين ولوائح سيقوم آلياً بالرفع من سعر سلعته ليستفيد من هذا الدرهم.

على الموكل لهم أمر البلاد، النظر بأكثر شمولية، وعدم دغدغة شعور المواطن الليبي البسيط، بزيادة الرواتب ورفع علاوة العائلة، بل العمل على إنشاء منظومة اقتصادية كاملة يكون للكل فيها دور وحركة، حتى يكون ثمة تساوي في الفرص. وإلا سنشهد ظهور الفقراء في ليبيا أكثر، مما كان عليه الأمر.

حفظ الله ليبيا

ماذا يريد الليبيون؟

1

الكل يذكر هذا السؤال الذي أطلقه المقبور ذات شطحة، وكيف استطاع من خلاله أن يعيد تشتيت عقولنا وتمرير الكثير لسرقة الكثير، وشغلنا عن همنا في البحث عن إجابة لهذا السؤال، الذي ظل عالقاً بلا إجابة، لنه لم يكن له من إجابة، إلا اشتغالنا به!!!.

للحظة، دار بخاطري إن 17 فبراير كانت الإجابة على سؤال (ماذا يريد الليبيون؟)، في الخروج لغاية واحدة؛ هي الحرية وإخراج الطاغية وزبانيته من المشهد. لكني اكتشفت إن 17 فبراير المجيدة، كانت لإعادة ترتيب المشهد في شكله الصحيح؛ للإجابة على السؤال بشكلٍ حقيقي من بعد، وللعمل على تحقيقها دون زيف.

2

لازال السؤال بلا إجابة، أو ربما كان هو السؤال الذي لا إجابة له!!!، مع ظني أنه لا سؤال بلا إجابة، خاصة في عالم يعطيك من الخيارات ما يجعلك تحار أحياناً في الإجابة التي تحقق المعادلة. فبالرغم من أن الرياضيات تقول أنه ثمة حل وحيد للمعادلة –حتى وإن كان فئة عددية-، وأنه يمكن الوصول إليه بأكثر من طريقة، إلا أن الواقع يؤكد أنه للسؤال الواحد، ثمة أكثر من إجابة صحيحة. وسؤالنا يبحث عن إجابة وحيدة.

3

أهو بهذه الصعوبة؟.

أذكر إنه عندما خرج علينا الطاغية بهذا السؤال؟، انشغل الليبيون بالبحث عن إجابة لهذا السؤال، فعرضت نشرة الأخبار اجتماعات وندوات تحلق فيها المتخصص والباحث وغير الباحث وغير المتخصص، وركزت بشكل مباشر على وثائق العهد والمبايعة. كتب الكتاب وغير الكتاب مقالات وأعمدة وزوايا وصفحات أخيرة وغير أخيرة، مركزين على أهمية الفرصة الممنوحة لتقرير المصير. الصحفيون انطلقوا في الشوارع يبحثون على صفحات الوسط الملونة إجابة السؤال المعجزة، وأكد الجميع أهمية هذه الهبة والفرصة التي لا تتكرر إلا في البلاد الخضراء.

4

أم هو من السهولة بمكان، جعلنا فيه محصورين عاجزين عن استيعاب بساطته؟

لا أقول ببساطته ولا أؤكد صعوبته، ولكنه من نوع الأسئلة التي تربكك، بغاية إشغالك ومعرفة ما يمكن اقتراحه من إجابات. هذا السؤال بشكل خاص يذكرني بقصة كيس الفئران*، ولقد استطاع بكل جدارة أن يشدنا إليه أو يبقينا إليه أكثر مما توقع السائِل. لماذا؟، والسبب ببساطة لأنه من أسئلة الحلم، كأن يسألك أحدهم: ماذا تفعل لو أعطيتك مليون دينار؟، فتجد نفسك قد امتلكت العالم. لقد وضع الليبيون ما يمكنهم من أحلام وأماني إجابة لهذا السؤال، كل وضع حلمه الخاص ولم يلتفت كثيراً للحلم أكبر، ليبيا.

5

أعتقد جازماً أن الوقت حان للإجابة فعلياً على هذا السؤال، وحشد ما يمكن لإجابة عليه، حتى تكون الإجابة حقيقية جادة، كخطوة أولى لبناء بلادنا من جديد على قدر من المسؤولية والوعي بما نريد كأفراد لخدمة الإجابة الوحيدة لهذا السؤال. الإجابة التي كان الطاغية يحاول حجبها بعيداً عناً، وتشتيت أجزائها، وبعثرتها في أحلامنا الصغيرة، حد قتلها وتوزع دمها فينا، فكلنا يحمل من دمها ما يوكّله بدفع ديتها، والوقت حان لدفع هذه الدية، والعمل على جبر الكثير الذي أحدثه تخلينا عنها، إجابة كانت ستوفر علينا الكثير من الوقت والجهد، والدم.

إجابة واحدة تجعل من المعادلة صحيحة 100%ـ إجابة واحدة كانت تحقق المعادلة وتجعل منها معادلة قابلة للحل، والحصول على ناتج صحيح لا تخيلي، ينفتح على فئة صحيحة من الأحلام والأماني القابلة للتحقق، واقعاً نساهم كلنا فيه بنائه.

إجابة واحدة لسؤال لا يحتمل أكثر منها إجابة، كان الطاغية على ثقة من عدم قدرتنا على الوصول إليها، مثبتاً نجاحه في تدميرنا وحجزنا في الركن البعيد عنها، وقتلنا.

ماذا يريد الليبيًون؟

يريدون ليبيا.

_________________

* يحكى، أن أحد الحكام أراد اختيار رئيساً لشؤون الدولة، وبعد المشاورة وقع الاختيار على اثنين، وللمفاضلة اقترح الحاكم أن تقام مسابقة فيما بينهما. وفي اليوم المقرر للمسابقة، أعطى الحاكم لكل منهما كيساً يحتوي على مجموعة من الفئران، وطلب منهما الذهاب لمسافة والعودة، وعند وصولهما مقر الحكم، وعند سؤال الحاكم عن الأكياس، تقدم الأول ومد كيسه وكان فارغاً، فقال: لقد ثقبت الفئران الكيس وهربت، لكني حافظت على الكيس لأضعه بين يديك مولاي.

أما الثاني، فقدم كيسه وكانت الفئران لا زالت فيه، فسأله الحاكم، كيف فعلت؟، فأجاب: كنت كلما شعرت بهدوئها، أقوم برج الكيس بقوة، فتظل مشغولة ببعضها لبعض الوقت، وهكذا حتى وصلت بين يديك سيدي. فأوكل له الحاكم المنصب.