التدخل الأجنبي في ليبيا.. هل صار وشيكاً؟

إبان أحداث ثورة 17 فبراير، كانت للتدخل الأجنبي الأثر الكبير والأكبر في التسريع بإطاحة نظام القذافي، سواء بتقديم التدخل العسكري المباشر عن طريق القصف الصاروخي والجوي، أو الدعم الأرضي من خلال مجموعات الدعم اللوجستي والتدريب والاستخبار.

وبعد خمس سنوات، قد يعود هذا التدخل من جديد، أما أسبابه فهذه المرة مختلفة، تماماً، أما الموعد فقد يكون مارس القادم، وهو نفس الشهر الذي نفذت فيه طائرات حلف الناتو أولى ضرباتها الجوية يوم 19-03-2011، على الرتل المتوجه إلى مدينة بنغازي، من قبل الطائرات الفرنسية. والتي قد تعيد الكرة مرة أخرى، بمشاركة إيطالية.

نعم، ثمة أكثر من سبب يجعل التدخل الأجنبي وشيكاً، وهذه المرة سيكون موجهاً ضد خطر داعش، وقد يكون ثمة وجود فعلي على الأرض من خلال مجموعات جنود خاصة، أو فرق، والأسباب:

ظهور (داعش) في ليبيا وتمركزه بمدينة سرت، التي تتوسط الساحل الليبي، وتطل مباشرة على أوروبا. خاصة وإنها تحاول السيطرة على حوض سرت النفطي لتوفير دعم اقتصادي لنظامها. وهي المستفيد الأول من الوضع الهش الذي تعيشه ليبيا [داعش ينتهي من حفر خنادق في سرت تحسبا لهجمات الجيش].

الهجرة غير الشرعية التي تنشط من خلال السواحل الليبية، وتهدد سواحل إيطاليا بشكل خاص.

حالة الانقسام التي تعيشها ليبيا، بين المؤتمر الوطني والبرلمان، والقتال الدائر في أكثر من منطقة في ليبيا.

متابعة القراءة

تعليق حول.. خبر ضلوع (مصر والإِمارات) في القصف الجوي

خلال اليومين الماضيين، تناقلت وسائل الإعلام المحلية بشكل خاص والعالمية تصريحاً عن وزارة الدفاع الأمريكية، تعتقد فيه أن من نفذ الهجوم الجوي على مواقع قوات (فجر ليبيا) هما مصر والإمارات، انطلاقاً من قواعد مصرية. ثم تأتي السفارة الأمريكية أمس في مصر لتصرح بقولها: لا نعتقد أن مصر شاركت فى قصف ليبيا، ولا أعتقد إن السفارة الأمريكية ستخرج من تلقاء نفسها، لتعلن هذا التصريح، بدون علم الخارجية الأمريكية، وموافقتها. هذا في ظل أخبار وتقارير عن حرب بالوكالة، وتنازع قوة إقليمية من خلال قوى ليبية على الأرض.

وحتى لا يفهم من كلامي أني أقف على الطرف الآخر، من أي حدث أو تعليق أو حوار، أو أني أنحاز إلى جانبٍ ما، فأوضح:

أني أولاً، لا أدعي المعرفة بالسياسة وشؤونها، وما اهتمامي بالشأن السياسي إلا تفاعلاً مع ما عاشته ليبيا من أحداث، بداية من انطلاق ثورة 17 فبراير المجيدة. ثانياً، أني رجل منطق، أقرأ الأمور في: معطيات – عمليات – نتائج. بالتالي أعتمد كثيراً على قراءة الوقائع، وإخضاعها لميزان ما يتوافر من معلومات لإثبات النتائج التي يتم التوصل إليها. وتأسيساً على هذه المبادئ، أعلق:

– أن قيام دولتي مصر والإمارات بتنفيذ هذه العملية العسكرية، أمر غير مبرر، ولا يمكن تفسيره في ظل ما يطرح من تأثير بعض الشخصيات الليبية، في المشهد الإماراتي والمصري، لإقناعهما بتنفيذ ضربات جوية محددة الأهداف، لحساب أحد أطراف الصراع. كما إنه لو ثبت هذا الأمر، فيمكننا الرد من خلال القنوات الشرعية، ومحاسبة الدولتين أمام جميع الأمم، وتحميلهما مسؤولية هذا التصرف.

 

– أنه في حال قيام كل من مصر والإمارات بهذه العملية العسكرية، من الصعب تصديق عدم علم المجتمع الدولي، وأمريكا بشكل خاص بها، أو إنها لم تلاحظ أي تحرك عسكري في ظل تواجد أجهزة مراقبتها بالمنطقة.

 

– تأسيساً على النقطة السابقة، إن مسرح العمليات من الصعب تغطيته بأي شكل من الأشكال دون كشف، وليس من السهل توفير أي شكل من أشكال التغطية، لتقوم طائرات بتنفيذ عمليات على عمق أكثر من 1500 كيلومتر داخل الأراضي الليبية. إذ ستكون الطائرات بحاجة لدعم لوجستي، خاصة التزود بالوقود، الذي لابد أن يكون تم عن طريق صهاريج طائرة، والأمر الذي يحتاج لتنسيق سيكون من الصعب عدم رصده على موجات الراديو، على أقل تقدير.

 

– لأن هذه الطائرات لن تجازف، بالهبوط في أي قواعد ليبية، خاصة في الضربة الجوية الثانية، مخافة كشفها. وهذا ما يدحض فرضية استخدام أي مهبط ليبي للتزود بالوقود.

 

– كما إن فرضية مباركة المجتمع الدولي لهذه العمليات، أو تكليف أي طرف بتنفيذها، ومن بعد إقحامه في مواجهة الحدث، أمر خطير وسيجر الكثير من التبعات، خاصة وإن تصريح وزارة الدفاع الامريكية (يعتقد) ولا (يجزم). وهو أيضاً ما ألمحت إليه المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية عندما غردت عبر التويتر (تعليق اليوم بشأن ليبيا، كان يُقصد به الإشارة إلى دول أشارت تقارير إلى مشاركتها، وليس التحدث إليها).

 

– كما إن مصر لن تجز بمواطنيها في مواجهة أعمال انتقامية، كردة فعل مباشرة لتنفيذها هذا العمل.

 

– مسألة أخرى، وهي مسألة استراتيجية. أنه لو كانت كل من مصر والإمارات هما من قام بهذا العمل، فإنه يعكس مدى ما تملكاه من مقدرة استخباراتية وعسكرية لتنفيذ عملية عسكرية، على هذا القدر من الاحترافية، وهو أمر يدعو للفخر. فإن إسرائيل لن تتوانى عن القيام بأي عمل لضرب هذه القدرة، التي تعني إنها هدف مكشوف، خاصة من مصر التي تشترك وإياها حدودياً. وهو مؤشر لبيان طبيعة من قام بتنفيذ هذه العملية، إذ إن كل ما يمس أم دولة إسرائيل من قريب أو بعيد، لا يمكن السكوت عنه أو تركه، ولنا في التاريخ شواهد.

في ظني، إن المسألة ليست بالسهولة التي يمكن على عقولنا، أو عقلي الصغير –بشكل محدد- استيعابها. فالأمر أشبه بسلسلة من التفاعلات الانشطارية، التي يمثل فيها تفاعل انشطاري، بداية تفاعل جديد. لأن المسألة الليبية تطورت بشكل غير متوقع، ففي اللحظة التي أعلن فيها التحرير، كانت تفاعلات وأحداث موازية، جعلت من المشهد في ليبيا يتحول ويتسرب في أكثر من اتجاه ومسرب. وهو أمر يراقبه العالم بشكل حذر، والأهم بالنسبة إليه الوصول لحل يضمن عدم خروج الأمور عن السيطرة، لذا من الواجب أن ينبع الحال من الداخل، بجلوس الجميع إلى طاولة الحوار، لأن الحوار وحده هو الحل، لأن التدخل الأجنبي سيكون تأثيره سلبياً في المشهد، مالم يكن مرتبطاً بمهمة محددة ومؤقتة.

*

حفظ الله ليبيا

تعليق على خبر قصف الناتو لمواقع في ليبيا صباح 18-8-2014

أفقت هذا الصباح، على خبر القصف الجوي الذي تعرضت له بعض مواقع الدروع بمنطقة وادي الربيع. وأكثر من تأكيد بأن طائرات الناتو هي من نفذت هذا القصف. حيث ضجت صفحات التواصل الاجتماعي بهذا الحدث، بين تأكيد ونفي لوجود أو لسماع طائرات تحلق، ليدخل الأمر مرحلة الشطح الليبي في التخييل والتخوين مداه.

الفرضية الأولى: القصف الجوي.

احتمال 1

بفرض إن قوات حلف الشمال الأطلسي (NATO) قد نفذت طلعات جوية في سماء ليبيا. فإنها لن توجه نيرانها إلى مناطق تمركز الدروع أو قوات فجر ليبيا، إنما ستطال نيرانها مواقع تمركز كتائب القعقاع والصواعق، أو الجيش الليبي. وبذلك يضمن الحلف ثبات الوضع على الأرض –عسكرياً-، ويحقق بذلك قرار وقف إطلاق النار، والتعرض لأي قوة قد تتحرك أو تخالف هذا القرار، والجلوس لطاولة الحوار، والانحياز للمسار الديمقراطي.

احتمال 2

يعتمد هذا الاحتمال، أن من قام بعملية القصف الجوي، هي طائرات ليبية أقلعت من قاعدة (الوطية)، أو من أحد قواعد المنطقة الشرقية، كما ذهب البعض. وفي يقيني أنه لا يمكن لأي طائرة ليبية الإقلاع وتنفيذ كهذا مهام، لمجموعة من الأسباب أهمها:

– أن الطائرات الليبي، طائرات غير مجهزة لتنفيذ مهام ليلية بدقة عالية، كونها قديمة الطراز، وتعتمد على براعة الطيار في تحديد المواقع والتهديف.

– التدريب الخاص بالطيران الليلي متوقف منذ فترة طويلة.

– عدم جهوزية الطائرات الليبية نظراً لتوقفها لفترات طويلة دون صيانة.

– مدى الطائرات لا يسمح لها تنفيذ مهام بعيدة عن قواعدها لأكثر من ألف كيلومتر.

احتمال 3

لا أستطيع التفكير فيه، عن دخول طائرات من أحد الدول القريبة لتنفيذ هذا القصف. وهو مالا يقبله عقلي الصغير.

الفرضية الثانية: لا قصف جدوي.

وهي ما أعتقها، إنه لا وجود لعملية قصف جوي. فبعد مراجعة لمواقع وكالات الأنباء العالمية، موقعي الاتحاد الأوربي، وحلف الشمال الأطلسي، لم ترد أي معلومة أو خبر عن تنفيذ قصف جوي في ليبيا.

فالمبدأ الذي اعتمده مجلس النواب في طلبه للتدخل الأجنبي، هو وجود قوة عسكرية على قدرة وكفاءة، لإجبار أطراف النزاع على إيقاف العمليات العسكرية والانسحاب من مواقعها والتمركز خارج المدن، وضمان عدم وجود أي خروقات، لضمان سير العملية الديمقراطية في مسارها الطبيعي حتى موعد اختيار رئيس البلاد، وإعلام الدولة الليبية.

إذن لماذا الحديث عن قصف جوي، موجه لقوات فجر ليبيا؟

في ظني إن الأمر لا يعدو كونه محاولة للتشويش، أو لكسب بعض الوقت،  من أحد الأطراف كعملية تمويهية. أو هي محاولة لتحميس الشارع ضد قرار التدخل الأجنبي.

أو إنها مجرد خرط فيسبوكي.

*

حفظ الله ليبيا