تعليق.. بنتك وزيد عصيدة

(إعطي بنتك.. وزيد عصيدة)

عنوان مقطع فيديو انتشر على النت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص (الفيس بوك)، ولأن الموضوع يتعلق بالليبيين، تحول هذا الفيديو إلى شغلهم وملتقى تهدريزهم وشدهم ورخيهم. خاصة وإن الموضوع يمس الشباب الليبي بشكل مباشر.

بطل المقطع هو شاب ليبي اسمه “وليد الأعوج”، ولا أعرف إن كان هو اسمه الحقيقي أم لا؛ لكن يبدو إنه مقيم أو موجود بأحد الدور الأوربية، ومن خلال تسجيل مصور، يتحدث عن الزواج في المجتمع الليبي، طالباً من الأهل أن يعطوا بناتهم ويزيدوا عصيدة، ويرضوا.

أثار هذا المقطع، الكثير من ردود الأفعال، والنقاش، بين مجتمع الشباب الليبي، بين معترض ومؤيد لما جاء في المقطع، أما البنات الليبيات فالغالية اعترضن. وكحركة مقاومة، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من أشكال الرفض، في شكل صور للسيد “وليد” متزوجاً من (لامبه) وهو الوصف الذي أسقطه على فتيات أوروبا، بعد أن نصح الشباب بالزواج منهن، أو من خلال بعض المقاطع المضادة.

“وليد” بدأ سلسلة مقاطعه المصورة، من المشاكل التي يتعرض لها الشاب الليبي عند الرغبة في الزواج من أجنبية، والتعقيدات التي تقابله في السفارات، ومن داخل البلاد. ثم انتقل بالحديث عن مشكلة الزواج من الليبيات في مقابل الزواج من أجنبية، بمقياس الميزات والعيوب.

ما أريد قوله؛ إننا كمجتمع مازلنا نفتقر لأهم أساسيات الحوار وطرح القضايا. فنحن نطرح قضايانا بسطيحة، وبمجانية مقيتة. فلا هتم بدراسة المسألة أو القضية، ومحاولة الوقوف على أهم النقاط، ومن بعد مناقشتها وعرضها بشكل منهجي أو حيادي، برغبة البحث عن حل، مما يعني قبول أي رأي مع أو ضد.

فالكثير من القضايا التي تم طرحها عن طريق الشبكة؛

– عرضت بشكل سطحي، ومجاني، أي لم يعد لها بشكل جيد، إلا ما ندر. وهذا ينسحب على القضايا الاجتماعية والسياسية، وغيرها. إذ لا خطوط عريضة أو نقاط رئيسية، أو مباحث.

– الحوار والنقاش، افتقد لأهم مسألة وهي الحياد، أو النظر للموضوع بحيادية، بعيداً عن تغليب المصالح الشخصية أو المرجعيات الاجتماعية والسياسية. الأمر الذي لا يجعل لهذا الحوار من مخرجات.

– لا قاعدة علمية أو حتى منطقية للحلول التي يتم اقتراحها، أو تبنيها، لأنها حلول تخدم المصلحة.

– التعميم، وهي من أهم المشاكل التي نجدها في أي حوار ليبي – ليبي، فأنت تتحدث باسم الكل وتدافع عن الكل، والطرف الآخر يعتمد على ذات الكل.

– القناعة المسبقة، أو النتيجة المبيتة؛ فالملاحظ إن أي ليبي موجود في حوار، أو نقاش حول قضية ما، يكون لديه حكماً مسبقاً أو قناعة ما، أو نتيجة مبيتة في نفسه، يقوم بعرضها والدفاع عنها، وفرضها.

إن “وليد الأعوج” إنما يعرينا لا أكثر.

فلو نظرنا للمسألة بشكل مجرد، وهي الزواج، لوجدنا إنها قضية قديمة، قدم المجتمع الليبي، وأن المجتمع أوجد لها حلولاً تواطأت فيها جميع الأطراف، وبعض المسائل صارت من التاريخ، ومن الأمور المستهجنة، يعني (كل قدير وقدره)، و(مادامكم متفاهمين، ربي يبارك)، و(اللي بتجيبه بيقعدلك)، و(بنديروا الماير)، و(المهم راجل)، و(البنت بنتكم)، و(لا نبي لا دهب ولا غيره، المهم مكان يلمكم). ربما مسألة (البيت) هي العقدة الأخيرة في مسلسل قضية الزواج في ليبيا، وهي مسألة وطنية على الدولة تحمل دورها في هذا الأمر.

مجتمعنا الليبي بخير، مجتمع حي، إنما يحتاج لدعم الدولة، ومن قبلها الاستقرار.

*

حفظ الله ليبيا