الدكتوراه المهنية وأخواتها!!

قبل الحكم!!

كثر الكلام والتعليقات حول ما يعرف بالدكتوراه المهنية، والماجستير المهني، أو المهني المصغر، وانقسم الآراء حول هذه المصطلحات، بين مؤيد ومعارض لها حد إنكارها واعتبارها أحد وسائل الحصول على مؤهل عال لمن لا أساس علمي له.

منذ البداية أنبه إلى مسالة مهمة، وهي أني ضد إصدار الاحكام؛ المطلقة بشكل خاص، دون أن يكون لهذه الأحكام ما يدعمها من أسانيد، وعليه لا يمكنني أن أذهب مع الراي القائل بعد أهليتها، قبل أن أبحث في هذه المسألة.

المؤهلات المهنية!!

كوني أمارس التدريب، فأزعم أني على دراية بأصل المسألة، أو لنقل بحقيقة المشهد في العموم.  لذا سأبدأ في طرح المسالة من أساسها.

أولاً؛ علينا أن نفهم، أن هذه المؤهلات هي مؤهلات مهنية، بالتالي أقول للاكاديميين لا تخافوا، فلن يزاحمكم أحد على الدريس الجامعي (رداً على اعتراض أحدهم).

ثانياً: هذه المؤهلات جاءت لتلبية احتياج تدريبي، فهي -أي المؤهلات المهنيية- مؤهل مهني مصمم لتدريب الأفراد للوفاء بمعايير مهنية معينة في الممارسة لمهنة ووظيفة معينة، بنقل مجموعة من الخبرات من خلال منهج دراسي تعليمي هدفه منح المتدرب قدراً من الخبرات، والأفكار. وبالتالي كان المستهدف من هذه البرامج أو المؤهلات، أعضاء الإدارات العليا من المؤسسات، ومن يتولى قيادة وإدارة المشاريع.

ثالثاً: ينحصر العمل بهذا المؤهل ضمن الإطار الإداري للمؤسسة، حيث يضاف إلى المؤهلات الشخصية ويمنحه الأفضلية عند التمايز.

رابعاً: إن أساس المؤهلات المهنية، هي مجموعة من الجامعات العالمية، التي بحثت ودرست الاحتياجات التدريبية للمؤسسات، فكان أن وضعت هذه التصور للرقي بمستوى أفراد الإدارة ومن يتم استهدافه للعمل القيادي.

خامساً: هذا الطرح المهني، محاولة لتعويض نقص التعليم الأكاديمي (المدرسي)، الذي يختص بالمهنة، الذي يركز على الجانب النظري، بينما هذه المؤهلات من الناحية المادة التعليمية تعتمد على حل المشكلات والممارسات العملية، التي يواجهها الفرد خلال عملة الوظيفي.

هامش: خلال فترة توجدي للدراسة بنيوكاسل (بريطانيا)، كانت هذه المؤهلات ضمن البرامج التعليمية والتدريبية التي تقدمها جامعة نيوكاسل للراغبين في التسجيل بها، وهي برامج خارج خطة التعليم الجامعية للكليات، وكنت وقتها -للأسف- غير مدرك لمعناها، لذا كان أن اشتركت في مجموعة من البرامج التعليمية والتدريبية في مجال الحاسوب، وتطبيقاته.

سادساً: المسميات المقرونة بهذه المؤهلات؛ ماجستير، ماجستير مصغر، أو دكتوراه، هي مسميات ليس إلا، في محاولة لمقاربة المؤهلات العلمية، وتصنيف مستويات الخبرات من خلال المحتوى التعليمي المقدم للفرد المتدرب، الذي يعتمد مجموع الساعات لكل مؤهل والتي لا تقل لأقل مؤهل عن 30 ساعة. كما إن المميز في هذه المؤهلات ارتباطها بالجنب المهني، بالتالي يمكن تصميمها بما يخدم الهدف منها، كـالماجستير المهني في الموارد البشرية، أو إدارة الأعمال.

الدكتوراه المهنية وأخواتها!!

بداية طرح هذه المفهوم، المؤهل المهني، كانت الجامعات والكليات هي من تقوم على تقديمه أو منحه للمتقدمين له، لكن اتساع دارة الفائدة، أسند تنفيذ هذه البرنامج لبعض المؤسسات التدريبية الكبيرة، ولأن الأمر متعلق بالمكاسب المالية، تحول الأمر إلى نوع من التجارة، من خلال بيع حقوق الاعتماد إلى مؤسسات أخرى، وهذا لا يعني التعميم، فثمة مؤسسات على مستوى عالي من العمل الاحترافي والمصداقية.

وهكذا انتشر بشكل أفقي، المؤسسات المانحة لهذا النوع من المؤهلات، وللأسف تم استغلالها مادياً من أجل الكسب، مما أفقدها مصداقيتها في المجتمع، فرغها من غايتها في تطوير القطاع الإداري من خلال تطوير العنصر البشري المهني.

اتساع هذه المؤهلات أفقياً، سطحها وأفرغها من هدفها، فظن الكثير -نتيجة المسمى- إنها على ذات المستوى من المؤهلات العلمية أو الأكاديمية، وهو خطأ مفهومي المؤهل المهني -كطرح ومفهوم وأداة تطوير- غير مسؤول عنه، إنما من عمل على استغلاله وروج له وسوق بنية الكسب من خلال استغلال رغبة البعض في إلحاق مسمى إلى أسمائهم.

وهنا من الضرورة التنبيه أن هذه المؤهلات، كما أسلفت هذه مؤهلات مهنية، تستخدم كأداة للتطوير، تحفظ في الملف الإداري لصاحبها، افضلية وتمييزاً، ولا يستوجب الحصول عليها أي ترقية وظيفية، أو أن تكون لاحقة باسم الحاصل عليها.

ختامـًا

أتمنى أن أكون قد وفقت في توضيح الفكرة، خاصة لمن تستهويه الإعلانات المنتشرة بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، المروجة لهذه المؤهلات بشكل سلبي وبعيد عن الحقيقة من هذه المؤهلات والهدف من إطلاقها.

هل هذا كل شيء؟

لا، فهناك جانب آخر يتعلق بدكتوراه والماجستير، التي تمنحها بعض المؤسسات، ومنها العلمية! وهي موضوع تدوينتنا القادمة، بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.