اقتباس

شعب يكره الحرية

ليبيات 31

حراك

كم كان ذلك الحراك الشعبي رائعاً وراقياً في تعاطيه لأحد أهم قضايا الساعة سياسياً في ليبيا، وأقصد موقف الشارع من تمديد المؤتمر الوطني لأجل بقائه، بين مؤيد (نعم للشرعية)، ومعارض (لا للتمديد).

أكثر ما أعجبني في هذا الحراك، عفويته، والخروج البسيط لكل شرائح المجتمع، سواء مع أو ضد، المهم في الأمر هو سلمية هذا الحراك، وشكله الحضاري في التعبير عن الرفض بقولة (لا للتمديد) الأمر الذي جاءت نتائجه مباشرة من خلال استقالة بعض أعضاء المؤتمر، استجابة المؤتمر بطرح خطة طريق، والعمل بشأن انتخابات مبكرة.

وكما أشرت في تعليق على هذا الحراك من خلال حائطي على الفيسبوك، إن هذا الحراك جاء على غير المتوقع من البعض، ممن لا يريدون لهذا الوجه الحضاري أن يكون حاضراً في المشهد، خاصة من حاولوا الترويج لفكرة لا سلمية هذه المسيران، وغوغائيتها وتهديدها لمقار مؤسسات الدولة.

وأضفت، أنه حتى بالرغم من محاولة العمل العسكري، الذي جاء من كتيبتي (القعقاع والصواعق)، زاد من قناعة الشارع بحراكه وإيمانه بالشكل السلمي الذي اتخذه للمطالبة بحقه.

ثقة

في هذا الخضم، جاءت انتخابات اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، أو اصطلح عليه بلجنة الستين، ورغم ما قدمته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من فرص لتسجيل الناخبين، وتمديد آجال التسجيل، وفتاوى المفتي وشيوخ السعودية، حتى الوصول لرقم ما فوق المليون، وهو رقم مرضي مقارنة بالناخبين للمؤتمر الوطني العام. لكن الوقائع كانت مغايرة.

فـ45% من عدد الناخبين المسجلين، نسبة مخيبة للآمال، متوقعة من ضعف الإقبال على مراكز الانتخاب، وفشلها في بعض المناطق عن تسجيل ناخبين، أو استقبالهم. وهكذا كتب لهذا الجسم أن يولد ضعيفاً، وفاقداً لبعض أعضائه.

والسبب الرئيسي، أن المواطن الليبي فقد الثقة فيمن سيمثلونه، مطلقاً، بعد الأداء الضعيف والشكل المخزي الذي ظهر به المؤتمر الوطني العام، من خلال ما قدمه، وها هم أعضاء المؤتمر كتلاً وأفراداً مستلقين يتصارعون فيما بينهم، لجني مصالح أكثر على حساب المهمة الأساس.

 اختطاف

اقتحام

في تفاعل دراماتيكي، وغير متوقع، كأن “هيتشكوك” من قام على إخراج هذا المشهد، اقتحمت مجموعة المعتصمين أمام مقر المؤتمر، من المطالبين بوقف المؤتمر الوطني (لا للتمديد)، جلسة المؤتمر وبدأوا في التهجم على أعضاء المؤتمر لفظياً وجسدياً، بطريقة غير حضارية، وتكسير أثاث المقر وإحراق السيارات.

وبالرغم من أنه ليس الاقتحام الأول، إلا أن هذا الاقتحام جاء في وقت حرج، من تاريخ ليبيا ما بعد القذافي، حيث البلاد في دوامة الشرعية، وانفلات أمني كبير. بالتالي فإنه يحمل من الدلالات الكثير، لمحاولة تفسير هذا الانقلاب الكبير، من السلم للاعتداء، مجبراً إيانا على الدخول من باب (نظرية المؤامرة)، والاقتناع بكل الوجوه التي يمكن رؤيتها خلفه، وأكاد أقول إني على عتبة الاقتناع بالكثير مما يقال ويثار حول الموضوع. لأنه بدون وجود مصلحةٍ ما لجهة ما، أو تكتلٍ ما، أو شخصٍ ما، لا يمكن لهذا الفعل لأن يتطور بشكل مخالف لما خرج من أجله.

الحد العشوائي

تحدثت عن الحد العشوائي في المعادلة الليبية، وأن هذا الحد يمثل عشوائية الحراك الليبي، وبالتالي هو كحد بالرغم من وجوده، لا يمكن توقع أو حجمه أو مدى تأثيره في المشهد.

التجارب أثبتت إن هذا الحد العشوائي، الموجود في كل المجتمعات، في ليبيا لا يمكن سبره عن طريق الاستبيانات، أو من خلال الدراسات العلمية المنهجية، أو توقعه من خلال تفاعل الإحداث وردود الأفعال، إنما هو على علاقة عكسية بالقوة، ونعني السلطة؛ إذا كلما زادت قوة السلطة (قبضتها)، قل نطاق الحد العشوائي.

وتأسيساً على هذا الطرح، فإنه في حال اتسع طق هذا الحد، لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث، من حراك غير متوقع (عشوائي) داخل هذا النطاق، ولعل تجربتنا أكبر دليل على هذه العشوائية، والفوضوية.

ثورة

في تونس الآن، النسبة العظمى ممن قابلتهم من التونسيين، يحرفون لفظة (ثورة) إلى (فوضى)، كنت بجانب أحد الشباب نتقي المطر، والشارع حيث نقف ارتفع فيه منسوب الماء لدرجة لم تعد تمكن السيارات من المرور، ونحن في حاجة تاكسي للذهاب إلى وجهتنا، فانطلق هذا الشاب يعلق على الوضع، وتدهور الخدمات، وعجز الحكومة عن القيام بدورها، و……..، فالتفتت إليه وقلت:

– يا خوي قول الحمد لله، حالكم أحسن من حالنا.

فابتسم، وعلق: الأخ من ليبيا؟.

أجبت: نعم.

فابتسم، وهو يقفز في غدير الماء: يفرج ربي خويا.

حرية

الشعب الليبي لم يتعود على الحرية، ولم يعشها.

الكثير يردد هذه الفكرة، سواء بشكلها هذا أو بطريقة أخرى، كأن ينسب الأمر للثقافة: الشعب الليبي شعب غير مثقف ديموقراطياً، أو إن الشعب الليبي مسلوب الثقافة.

من المؤكد لدي، إن الشعب الليبي لم يكن غبياً، او تلميذاً فاشلاً، لنجد له الأعذار، بينما هو من الذكاء ما جعله يستمر، ويستطيع استغلال كل الفرص التي أتيحت أمامه. وتجربة الشعب الليبي مع السلطات المتعاقبة عليه، ومع القذافي بشكل خاص، تعطينا الكثير من الإشارات لقدرة هذا الشعب على ممارسة الحرية في المساحة الممنوحة إليه بشكل ممتاز، وأنه شعب يتمتع بمرونة كبيرة لتخطي الموانع والتعامل مع الحالات الطارئة، دون نسيان تجاربه. لكن الثابت، أنه لابد من وجود رقابةٍ ما لتضمن أن يكون الحراك ضمن نطاق محصور، يكفل ممارسة حرة للشعب، وفي المقابل، ضمان عدم خروج هذه الممارسة عن حدود القانون. وهو الممثل في السلطة، والمرجعيات القانونية.

كره

إن مفهوم الحرية، مفهوم كبير، وعميق، استفاد من تجربة البشرية منذ بدا الخليقة، وتطور مع الزمن، وما زال. فالحرية لا تعني الانطلاق على الهوى، أو الخروج عن حدود القانون أو السلطة الحاكمة. إن السؤال الأول الذي تطرحه الحرية عليك هو: ما الذي تريده مني؟ وبي؟ هذا قبل سؤالها: لماذا؟ وكيف؟. وهو من الصعوبة –أي السؤال الأول-، بحيث مازلنا نقف عند (ما الذي تريده مني؟). بينما البعض قفز إلى (ما الذي تريده بي؟).

ولأني أحب توصيف الأشياء بعيداً عن المجاملة، أقول: إنّا شعب يكره الحرية.

فبالرغم من جمالها، وجاذبيتها، وصفاء عينيها، وعمق نظرتها، نتلذذ بحبسها وطبع سكيننا الحامي على ذراعيها وساقيها، محولين وجعها إلى موسيقى رقص، وصوتها الصارخ إلى نشيد. وحالتها إلى مصلحة.

شعب يكره الحرية، يستغلها ويتحرك ويتفاعل باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس فوضاه باسمها.

شعب يكره الحرية، ويمارس ساديته برعايتها.

شعب يكره الحرية، ويقول إنه شعب مميز.

شعب يكره الحرية، ويمعن في الكره.

*

حفظ الله ليبيا

فبراير .. والقهاير

ليبيات 30

7 فبراير

ربما أراد الليبيون بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم واتجاهاتهم، أن يكون فبراير أقصر الشهور، مختلفاً. فما كان ينتهي ثلثيه إلا وتزاحمت فيه الحداث والحوادث والمماحكات.

وبالرغم من أن الكل كان ينتظر هذا الشهر، وبشكل خاص تاريخ 7-2 منه، وهو الأجل الذي ينتهي فيه عمل المؤتمر الوطني، والخوف من حراك قد يدخل البلاد في معمعة. فقد جاءت جمعة 7-2 مبشرة بالخير، ومقدمة صورة عن وعي المواطن الليبي في التعبير عن رأيه بطريقة سلمية وحضارية، ناشرة مسحة طمأنينة، وإشراقة أنه لم يعد من مكان للسلاح، أو لاستخدامه في أي مطالبة.

 أسود 17 فبراير

مصالح

شكل هذا الخروج الكبير، وفي أكثر من مدينة، ورقة ضغط على المؤتمر، وبالرغم من الخلاف القانوني حول أمد المؤتمر وشرية استمراره من عدمها، فإنه تبنى خارطة طريق –وإن كانت متأخرة- للخروج من هذا المأزق، استجابة لمطالب الشعب.

لكن يبدو إن البعض قد استغل هذا الحراك، العفوي والشعبي، لمصلحته، ليتحدث باسم الليبيين ومطالبهم، فشاهدنا حالة من هستيريا الاستقالات لأعضاء في المؤتمر العام، على شاشات القنوات الفضائية الليبية، وتكتلات تتحدث عن ضرورة إيقاف المؤتمر، وأن وجوده غير شرعي بعد 7-2، ليصل الأمر حد التهديد باعتقال أي عضو مؤتمر يحاول الدخول للمقر يوم 8-2. هذا دون أن ننسى بعض البيانات التي صدرت عن بعض الكتائب والتي كانت داعمة لحراك الشارع ومطالبته (لا للتمديد).

في المقابل كان ثمة حراك يطالب ببقاء المؤتمر، حتى انتخاب لجنة الستين، ووضع الدستور. لكن هذا الصوت لم يلاقي الصدى المرجو، كما حدث في سباق بعض القنوات الفضائية التي بعد أن انتهى عدها التنازلي، تحولت إلى مراكز رصد وسبر رأي (مع / ضد) المؤتمر.

14 فبراير

بطريقة دراماتيكية، تحول اقتراح لخطة طريق قدمها اللواء “خليفة حفتر” إلى محاولة انقلاب. خرج على إثرها السيد “علي زيدان” رئيس الحكومة مندداً، ومن بعده المؤتمر الذي حدد مكان “حفتر” وأصدر أمراً بالقبض عليه.

كنت أفضل لو قدم السيد “خليفة حفتر” مبادرته بشكل مدني، بعيداً عن البدلة العسكرية، بالتالي كان سيجنب مغبة من يتصيدون في الماء العكر، محاولين اقتناص الأخطاء لتشويه نضال الشرفاء والوطنيين.

على العكس، جاء رد فعل المؤتمر والحكومة باهتاً وغير مفهوم، عقب البيان الذي صدر عن كتيبتي (القعقاع) و(الصواعق)، والذي أمهل المؤتمر 5 ساعات من أجل الخروج، وإلا عرض نفسه للمحاكمة، في استجابة لمطالب الشعب. ولولا تدخل الأمم المتحدة، لكانت البلاد دخلت نفقاً مظلماً الله وحده يعرف نهايته، ونهايتنا.

ولقد كشف هذا البيان الكثير، وجاوب عن الكثير من الأسئلة؛ لماذا دون بقية الكتائب، والتابعة للدولة صدر هاذا البيان؟ وعن هاتين الكتيبتين؟.

من يحركهم؟ ولماذا في هذا الوقت؟ وبعد اجتماع قبلي صدر عنه بيان مماثل بالسحق والدحر، لمن تسول له نفسه المساس بثورة 1 فبراير؟

لماذا هددت بعض الرموز السياسية باستخدام السلاح؟ ولماذا اختفت بعض الرموز؟ ولماذا خرجت علينا بقولها: نحن لا نملك أجنحة عسكرية، وإلا كنا أوقفنا قانون العزل؟

الشعب المسكين

الكل تسلق هذا الشعب، واستغله واستهلكه، وتحدث عنه وبلسانه، دون أن يُسأل: ماذا يريد؟

لأن مطلبه من السهولة بما يتعارض مع مصالح البعض، من الذي يتصورون أن ليبيا وقف لهم، دون غيرهم.

وهنا أقترح أن تتدخل الأمم المتحدةـ لوضع حد لهذه الأزمات، بحيث تقوم على فرض سيطرتها على البلاد، والإشراف على إنشاء منظومة ديمقراطية للبلاد، كجهة محايدة كما حدث في صربيا.

ركلات الجزاء

ذكرني وضع فريقنا الوطني لكرة القدم، أثناء مشاركته بكأس أفريقيا الأخيرة التي نال كأسها، بالوضع الذي تسير عليه السياسة والعمل السياسي في ليبيا.

فكما اعتمد المنتخب سياسة اللعب حتى الفرصة الأخيرة، انتهجت الحكومة والمؤتمر ذات السياسة، في العمل على ملفاتها وحل مشاكلها، فهي تظل تعمل وتعمل مؤمنة بأن الحل سيكون موجوداً طالما لم تنتهي المباراة بعد. سياسة النفس الطويل، أو ما يعرف محلياً (اللي يمل يعطي البل) كانت حلاً للكثير من المشاكل، وسبب في بعض الإخفاقات، خاصة في ملفات الأزمة، لأن الاعتماد على أن يمل الطرف المقابل قد لا يأتي بنتيجة سريعة، طالما فيها (إبل).

ولا أدري حقيقة، من علم الآخر. وفي ظني إن المنتخب كان تلميذاً نجيباً للسياسة الليبية، فنجح في خطف الكأس، لأن منتخب غانا هذه المرة فقد كل (إبله).

الدستور

غداً هو الـ20 من فبراير موعد انتخاب لجنة الستين، المنوط بها إصدار الدستور. سأذهب للانتخاب، مؤمناً بأنه حق وواجب، وأن ليبيا سوف تستمر، وإنها ستصل بإذن الله.

*

حفظ الله ليبيا

القيامة يوم 2-7

ليبيات 29

لا للتمديد

الليبيون اختاروا أن يكون 7-2-2014 تاريخاً غير عادي. فهو اليوم الذي حدد لإنهاء صلاحية المؤتمر الوطني العام. الشارع الليبي يشهد حراكاً سياسياً واجتماعياً باتجاه هذه الغاية وتحقيقها. وكان أطرف شكلٍ لهذا الحراك هو رفع المكانس أمام مقر المؤتمر تعبيراً عن هذه الرغبة.

ما ﻻ يمكن نكرانه هو أداء المؤتمر الضعيف في القيام بواجباته المنوطة به. اﻷمر الذي انعكس على أداء الحكومة المؤقتة، إذ ﻻ يوجد إنجاز ظاهر للعيان لمسه المواطن العادي في الشارع، الذي فقده الشعور باﻷمان والطمأنينة، فيما أعضاء المؤتمر يتصارعون فيما بينهم، ويعري بعضهم بعضا.

*

حالة طوارئ

بالرغم من مطالبة بعض التكتلات السياسية بضرورة الخروج، إﻻ أن المواطن يدرك أنه مالم يتم انتخاب لجنة الدستور، ستعاني البلاد من حال فراغ تشريعي، ومن الضروري وضع خارطة للطريق للخروج من هذا المأزق. وتحت هذا الضغط والحراك، ثمة حالة من الترقب والخوف.

– القلوني اللي كان بي 7 توه بي 12 … كلها تخزن في البنزينة.

– وين يا خونا.. 7-2 البلاد بتخش بعضها.

– شد روحك يوم 7-2 كانا عندك طرف سلاح وتيه.

– دس تموينك من توه.. ما تندريش عليها من ماشيه يوم 7-2.

نظرية المؤامرة

7-2 لم يغب عن اﻷحداث. فكان محورها. فأحداث الجنوب صراع قبلي ضخم من أجل تمرير مسألة التمديد للمؤتمر الوطني العام. والأزلام تم إيجادهم من أجل ذات الغاية، والسبب:

– يا خوي هادوا يدوروا في مصلحتهم ومخليين البلاد خايضة.. يلموا في الفلوس وصغارهم يقروا البره. ومادابيهم يمدودوا باش يعبوا أكثر.

*

سأنتظر 7-2 وسأقبله كما هو.

بالمناسية سيكون تاريخ 7-2-2014 يوم جمغة.. إلماحة للتفكر.

*

حفظ الله لي

ليبيا أولاً

ليبيات 28

1

ما يحدث في ليبيا من حراكٍ سياسي بين المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة، أشبهه بتحدي تكسير العظام، والذي يعتمد على المواجهة المباشرة في محاولة لتكسير أكبر قدر من العظام، فكل طرف يحاول الدفاع على مكسبه أو رأيه أو رؤيته، مدافعاً عنها دون محاولة الوصول لمنطقة وسط، أو كلمة سواء، والهدف هو البقاء، لإجبار الطرف المقابل على الاستسلام. والطريف في هذه اللعبة أن يخسر كل الطرفين.

ومن خلال منظورٍ رأسي، أرى المشهد أقرب للحركة في دائرة مغلقة. فالمؤتمر من خلال أعضائه الـ120 يتهم المحكومة بالفشل، والحكومة ترد باتهام المؤتمر بتكبيله وتقييد حركته، وتعطيل مشروعاته، وفي آخر تصريحاته أعلن السيد “علي زيدان” رئيس الحكومة المؤقتة صراحة، أن كتلتي (العدالة والبناء) و(الوفاء لدماء الشهداء) هما من يقف أمام كل مشروع تقدمه الحكومة. وهما يمثلان جماعة الإخوان المسلمون في ليبيا. ويعتبر تصريح “زيدان” بمثابة القنبلة، بعد أن أعلن صراحة أن الإخوان هم من يقف ضد الحكومة، ويحاولون سحب الثقة منها.

2

ولقد عرفت الأشهر الأخيرة من العام الماضي، احتدام هذا الصراع، وسيره في طريق متواز، فالمواطن الليبي يرى بضرورة؛ عدم التمديد للمؤتمر الوطني، وإسقاط حكومة زيدان.

وإن كان المطلب في عمومه غير منطقي في التخلص من شكلي السلطة في البلاد، إلا إن ما طرح من مبادرات، كافٍ لإيجاد خارطة طريق تضمن إخراج البلاد من عنق الزجاجة الذي علقت فيه، بسبب الأداء المتردي للمؤتمر، والشكل الضعيف للحكومة، موجداً حالة من عدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة (المؤتمر والحكومة)، مما نتج عنه تعنته –أي المواطن- في الانصياع لمبادرات المصالحة، وتسليم السلاح، وحل المجموعات المسلحة، خالقاً بذلك حالة من الإحباط، هيئة الفرص لضعاف النفوس للعبث بمقدرات الدولة والمواطن، فعرفت 2013 حالة انهيار أمني كبيرة، خاصة مدينة بنغازي التي تعاني من سلسلة اغتيالات وتفجيرات يومية. الأمر الذي نتج عنه استغلال أعوان النظام السابق، لحالة الاحتقان والسوداوية التي يعيشها الليبي، لبث سمومه وأفكاره، وخيالاته، وحلمه بالعودة، لتدخل البلاد حالة النفير، ويشتعل الجنوب والغرب.

3

نعم البلاد تشتعل.. أو كما علق أحدهم: البلاد على صفيح ساخن.

مواجهات في سبها والسرير والكفرة وورشفانة، هذا دون أن ننسى بنغازي التي لا تنام إلا على اغتيال أو تفجير.

المسألة المهمة في ظني، أنه يجب أن ينصب اهتمامنا كليبيين، شعباً وحكومة وهيئات ومؤسسات وأحزاب، على حل الأزمات التي تمر بها ليبيا الآن، مشكلة الجنوب المستباح، ومشكلة ورشفانة و مسألة حبس النفط، وأن نمنح الفرصة –كمواطنين- للمؤتمر والحكومة لبذل ما يمكنهم لرأب الصدع، وإعادة الأمور إلى نصابها. بدل تشتيت جهودهما على أكثر من جبهة، ومشروع.

الأولوية الان للوطن. وللوطن فقط. دون أي اعتبارات قبلية أو جهوية أو سياسية، أو أي انتماء، الانتماء الوحيد، هو الانتماء لليبيا.

ومن بعد نجلس إلى طاولة الحوار أخوة، على ذات المسافة، تاركين وراء ظهورنا، خلافاتنا وخصوماتنا. همنا الخروج بليبيا إلى بر الأمان.

وبعدها يمكن النظر في مسألة التمديد للمؤتمر الوطني العام، وإسقاط حكومة زيدان.

*

حفظ الله ليبيا.